الغرب يضغط.. والحزب يرفض التخلي عن السلاح

الغرب يضغط.. والحزب يرفض التخلي عن السلاح

 أحمد مطر

           يرفض حزب الله كل الصيغ المطروحة من الدولة اللبنانية، لتسليم ما تبقى من سلاحه الإيراني غير الشرعي استنادا لاتفاق وقف الأعمال العدائية وتنفيذ القرار1701، الذي وافق عليه، لوقف الحرب بينه وبين إسرائيل، ويمعن في محاولات الالتفاف على تعهداته ،تارة باعتبار ان القرار المذكور يشمل منطقة جنوب الليطاني فقط، ولا يشمل باقي المناطق الأخرى، وتارة أخرى يتذرع بأن السلاح الذي بعهدته، هو ورقة قوة لن يتنازل عنها هكذا، تحت أي ضغط كان مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي للمواقع الاستراتيجية الخمسة جنوبا، وفي ظل استمرار التعديات الإسرائيلية على مواقعه والاغتيالات التي تستهدف كوادره وقياداته يوميًا.

وفي المقابل تسقط كل ادعاءات وذرائع الحزب للاحتفاظ بسلاحه غير الشرعي كعنصر قوة، في ظل وقائع ميدانية تكشف عن عجزه الفاضح في مواجهة القوات الإسرائيلية، منذ قيامه بحرب الاسناد ضد إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى، إن كان بفشل الحزب بالثبات بمواقعه وأنفاقه وتحصيناته العديدة على طول المناطق الحدودية، أو حتى بحماية كبار مسؤوليه وكوادره، وتسببه باحتلال إسرائيلي جديد لمناطق جنوبية، وتدمير المدن والقرى على طول الحدود الجنوبية وبالداخل اللبناني، وتهجير مئات آلاف المواطنين من مساكنهم ومناطقهم.

لا يبدو بعد التطورات المتصلة بالحرب الإسرائيلية الإيرانية، وما أعقبها من تداعيات على لبنان والمنطقة أن حزب الله الذي لا زال محط استهداف من جانب إسرائيل، في وارد تسليم سلاحه كما يطالب الأميركيون والإسرائيليون. وهو واستناداً إلى ما يردده أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، إضافة إلى عدد من قيادييه، أنه ليس معنياً بما يقال عن سلاحه في الوقت الراهن، طالما أن التهديد الإسرائيلي لا زال قائماً. وبانتظار عودة الموفد الأميركي توم براك إلى بيروت، في الأسبوعين المقبلين لتسلم الرد اللبناني على الورقة التي سبق وحملها معه للمسؤولين، فإن جهود أهل الحكم تتركز على الخروج بموقف وطني موحد، يجيب عن الأسئلة الأميركية التي تضمنتها الورقة الأميركية، انطلاقاً من الحرص على تأمين مصالح لبنان، في موازاة التعامل مع ملف السلاح بكثير من الحكمة والتعقل، بحيث لا يتسبب بأي زعزعة للاستقرار الداخلي. وهو أمر يجب أن يفهمه الأميركيون جيداً، بصرف النظر عن عامل الوقت الذي يضغط على لبنان بخصوص هذا الملف. وعلى هذا الأساس فإن اجتماعات كبار المسؤولين، تأخذ في الاعتبار ضرورة مراعاة المصلحة الداخلية كأولوية تتقدم على ما عداها، توازياً مع الحرص على تطبيق بنود البيان الوزاري، وقبله خطاب القسم، في ما يتصل بحصر السلاح بيد الجيش اللبناني والقوى الشرعية.

وتكشف المعلومات المتداولة أن التداعيات المتصلة بالحرب الإيرانية الإسرائيلية، قد دفعت ملف السلاح إلى مزيد من التعقيد، وإن كان حزب الله سبق وأبدى استعداداً للبحث في مصير سلاحه، في إطار استراتيجية وطنية بدأ العمل عليها، لكن دون تحديد أي مواعيد بالنسبة لتسليم السلاح، سيما وأن الحزب يضع في حساباته، أن إسرائيل قد تعود إلى الحرب في أي وقت، طالما أنها تحظى بتغطية أميركية لكل ما تقوم به. كذلك الأمر فإنه ليس في وارد أن يقبل البحث في مصير سلاحه، طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس . وهذا الموضوع الذي يعمل أهل السلطة على معالجته، من خلال الاتصالات مع الأميركيين والمجتمع الدولي، في ظل تزايد الحديث عن إمكانية أن يحمل الموفد الأميركي براك، وعداً من جانب واشنطن بالضغط على إسرائيل، للانسحاب من الأراضي اللبنانية في غضون فترة زمنية قصيرة، في حال حصل تقدم جدي على صعيد معالجة سلاح حزب الله. لكن دون بروز مؤشرات حقيقية لإمكانية استجابة الإدارة الأميركية، للمطالب اللبنانية بانسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي اللبنانية.

وينقل زوار العاصمة الأميركية، اهتمام إدارة الرئيس ترامب بأهمية مساعدة لبنان لتجاوز أعباء المرحلة الماضية، وإعلانها الاستعداد لتقديم الدعم للعهد الجديد، على أن يتواكب ذلك، مع إمكانية أن تسرع واشنطن في إرسال السفير الأميركي الجديد المعين لدى بيروت، ميشال عيسى في وقت قريب، لتفعيل الدعم الأميركي للبنان في المرحلة المقبلة، في ترجمة لكلام الرئيس ترامب. وفي ظل هذه الأجواء، فإن مصادر “الخماسية”، ترى أن لبنان أمام المهمة الأصعب، تنفيذ الإصلاحات وسحب السلاح غير الشرعي، بحيث يجب تكون الأولوية لاستكمال تنفيذ مضمون البيان الوزاري للحكومة، والذي يعلق عليه اللبنانيون والخارج آمالاً كبيرة لإخراج لبنان من هذا الوضع الصعب الذي يتخبط فيه، فإنها أشارت في الوقت نفسه، إلى أن استكمال انتظام الحياة الدستورية في لبنان بالشكل المطلوب، سيفتح الطريق أمام تدفق المساعدات على لبنان، في مرحلة إعادة الأعمار، شريطة أن يحصل تغيير جدي في الظروف الراهنة، من أجل تهيئة الخطوات المطلوبة على هذا الصعيد. وأن يشعر الخارج، بأن هناك توجهاً جديداً للحكم والإدارة في لبنان، لا يخضع للحسابات السياسية التي كانت تفرض نفسها في السنوات الماضية.

ختامًا لن تنفع كل محاولات التفاف الحزب للتهرب من تسليم سلاحه غير الشرعي للدولة بعد عجز هذا السلاح عن توفير الحماية لأي شخصية او قيادي مسؤول، أو حتى في منع تحليق مسيّرات الاستكشاف الإسرائيلية التي تصول وتجول على مدار الساعة، ولو بحجة التفوق التكنولوجي، وأصبحت كل مناورات الرفض، مطوقة بقرارات الدولة، بحصر السلاح بيد الدولة وحدها وبالضغوط الدولية التي تشترط نزع سلاح الحزب مقابل سحب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب، وبرفض اكثرية اللبنانيين بقاء هذا السلاح خارج سلطة الدولة، لانه فقد كل مقومات مقاومة إسرائيل، وأصبح اداة استقواء ضد اللبنانيين فقط لا غير.

شارك هذا الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!