رحلة السجن من أجل الحق في الماء

اليزيد البركة
في غشت الماضي خرج الناشط الفكيكي ابراهيمي من السجن، بعد قضاء ثمانية أشهر المحكوم بها كاملة. وفي أبريل من هذه السنة بدأ التحرش السلطوي به من جديد مع رفيقه المرزوقي، ثمانية أشهر في السجن وثمانية في السراح المراقب.
باشا المدينة هو من كان بطل الدعوى في السنة الماضية، أما الآن فقد تفتقت عبقرية السلطة المحلية إلى دفع الشركة بنفسها إلى الصدام مع الساكنة، عن طريق عونها الذي قدم شكاية ضد الناشطين الاثنين على أنهما منعاه من أداء عمله، ولا ندري ما هو هذا العمل، ولا حتى من يقف وراء هذه الشركة الخاصة، التي تقف وراءها وزارة الداخلية بقوة، حتى في فرضها عنوة على السكان.
لقد تقدم المستخدم إلى السكان وكأنه موظف عمومي، يطلب البطاقات الوطنية ويطلب معلومات شخصية، وكل ذلك متاح بطرق قانونية لو كانت فعلا شركة جاءت إلى الخدمة العمومية، كما يدعي البعض عن طريق سليم وقانوني مئة بالمئة، لكن استفزاز المواطنين بسلطوية واضحة ليست إلا عملية مفبركة لجر الناشطين إلى دوامة جديدة من المحاكمة.
لو كانت هذه الشركة عمومية وتصرف نفقاتها وتكاليف عملها الدولة، التي لن تتابع الساكنة في أداء أي سنتيم مقابل الخدمة، لما اعترض أي واحد من الساكنة في أي منطقة عليها، لأن أجور عمالها ومستخدميها، بما فيه أجر هذا العون المشتكي، ونفقات التجهيز، وكل التسيير، ستكون على عاتق الدولة، لكن ظهر للعيان أن الشركة هي خاصة، وأنها لم تشكل إلا من أجل الربح في مادة حيوية لساكنة مجهدة في عيشها ومطوقة في فضاءها ومجالها داخليا وخارجيا .
بين الباشا وبين العون مسافة زمنية قصيرة لا تكفي المُسرَّح من السجن حتى أن يتنفس الحرية، وفي نفس الوقت إصرار من السلطات على هدم أي سمعة دولية للمغرب على أنه بلد لا يطمع في تفقير الفقير، بل إظهار أنه مغرب يلهث وراء إغناء الغني.
كثير من الناس الموظفين لدى الدولة أو من هم في بحبوحة من العيش يستصغرون ما ستطلبه الشركة من السكان لسد نفقاتها، وللربح أيضا، لأنها لم تأت من أجل الإحسان، لكن هؤلاء ينطلقون من وضعهم المالي والمعيشي، وكان الأفضل لهم إن لم يقفوا مع الساكنة أن يلتزموا الصمت، أو على الأقل أن يضعوا على عاتقهم أداء الفواتير بدل الساكنة المقهورة.