بعض الألغاز الغامضة في التاريخ الروسي

بعض الألغاز الغامضة في التاريخ الروسي

د. زياد منصور

تنتشر في تاريخ كل الشعوب والدول، قصص وأحجيات وألغاز تتعلق بأشخاص وأحداث ملحمية أحيانا، فيلفها الغموض، وقد تحاط بهالة من الأسرار. هذا هو حال التاريخ الروسي المليء بالغموض، وبالحكايات والألغاز المشابهة.

من بينها، تلك التي لا تزال تدور حولها التكهنات، وتصيب المؤرخين بالدوار، فيختلفون حولها دون التوصل إلى نتائج حاسمة بشأنها.  من هذه الالغاز:

أولا: ماذا تعني كلمة “روس”؟

حتى الآن من غير المعروف على وجه اليقين من أين أتت وانبثقت كلمة “روس”. وفقًا لمصدر تاريخي، فإنّ الاسم الجغرافي “روس” مشتق من (اسم أحد الأنهر). في حين إننا نجد وفقًا لمصدر آخر، أن كلمة “روس”، مشتقة من الكلمات التالية: (Ruotsi، Roots، Rotsi). هكذا كان يسمي السويديون القبائل الفنلندية.

يعتقد المؤرخ والعالم لومونوسوف أن النسل الروسي، يتفرع من سلالة السارماتيين، الذين أطلقوا على أنفسهم اسم (Roksolans) أو (Rosoman)، تم ّ لاحقا تعديل هذه الكلمات إلى كلمة، “Rus“، كما أطلق البيزنطيون على القبائل التي اجتاحت القسطنطينية اسم “روس”، أي (الحمر).

كتب الرحالة ابن فضلان، الذي التقى بالفارانجيين عام 922، عن الروس: “إنهم مثل النخيل، خدودهم حمراء جدا”. هناك آراء كثيرة ومتعددة حول أصل التسمية، لكن لا يوجد تأكيد واضح يحسم الجدل حول الأصل الذي اشتق منه اسم “روس”.

ثانيا: من هو روريك؟

يختلف المؤرخون أيضًا حول هوية روريك. يربطه البعض بـ Rorik of Jutland، الملك الدنماركي من سلالة Skjoldung. يعتقد مؤرخون آخرون أن روريك هو ملك السويد إيريك إموندارسون. هناك أيضًا من يزعم أن روريك كان زعيم (Polabian Slavs)، وهو مصطلح يطلق على السلاف في وسط أوربا (التشيكي، والبولنديون، ودول البلطيق على طول مجرى نهر الألبي). وهناك من يزعم أن روريك Rurik هي أسرة جاءت من جزيرة رويان (Ruyan) من البلطيق، والتي تسمى اليوم روجين. كما كان هناك رأي مفاده أنه لم يكن هناك ” روريك” على الإطلاق. فحتى القرن الخامس عشر، لم يُطلق أي من الأمراء الروس على أنفسهم اسم “روريكوفيتش”، وبدأ الخلاف حول شخصية روريك في القرن الثامن عشر، ولم ينته أبدا.  المعروف أنّ (روريكي هي الأسرة التي حكمت روسيا حتى القرن الخامس عشر تقريبا، لتحل مكانها أسرة رومانوف).

ثالثا: هل ساد أو حكم فعلا النير المغولي التتري في روسيا؟

يعتقد بعض المؤرخين أنه لم يكن هناك أي مصطلح اعتمد تعبير النير المنغولي-التتري. فهذا برأيهم مصطلح مصطنع تمت صياغته في القرن الثامن عشر. ظهر تعريف “النير” في القرن الخامس عشر.  وتم العثور على هذه الكلمة لأول مرة في وثائق مختصر تاريخ كييف، حيث ترجم المؤرخ البولندي يان دلوجوش المصطلح اللاتيني. (jugum) أي النير، فقط بعد محطة تاريخية والمسماة الموقعة على أوغرا، حينها بدأ الكلام عن  التحرر من النير المغولي. في وقت لاحق، “كرس” هذا المصطلح المؤرخ الروسي الشهير كارمزين.

لم يتوافق بعد المؤرخين في الرأي حول كلمة “النير المغولي” ومدى تطابقها التاريخي مع الأحداث التي حصلت، فلقد اعتبر “ليف جوميليف” أن العلاقة التي كانت سائدة بين روسيا و”الحشد” أو الأورطة الذهبية، كانت تحالفًا مفيدًا لكلا للطرفين، فدور “الحشد” في ظهور وتنامي موقع موسكو أمر غير مشكوك به، كما أشار إلى ذلك أيضا المؤرخ والرحالة كارمزين.

وتوصل المؤرخان “نوسوفسكي، وفومينكو” في بحثين لهما، إلى نقطة تقول “أن روسيا والحشد هما نفس الشيء، لتجدهم قد ربطوا بين باتو الخان المغولي وياروسلاف الحكيم، وتوختاميش خان مع دميتري دونسكوي…

رابعا: كيف ظهر النسر ذو الرأسين في روسيا؟

  ظهر لأول مرة على ختم الدولة في عهد إيفان الثالث، لذلك يُعتقد أن من أحضرته إلى روسيا، هي “صوفيا باليولوج”. ومع ذلك، فمن غير الواضح لماذا أصبح رمزًا للدولة بعد 20 عامًا فقط من حفل زفاف إيفان الثالث في بيزنطية. بالإضافة إلى ذلك، لم يستخدم البيزنطيون النسر ذو الرأسين على أختام الدولة.

لكنه كان يستخدم من قبل آل هابسبورغ، حتى قبل نصف قرن من ظهور الختم الروسي، وكان أيضًا ينقش على بعض عملات القبيلة الذهبية، كما كان أيضًا أحد الرموز الكيميائية. فبلاط إيفان الثالث، كان يغص بالكيميائيين الغرباء الذين حملوا معهم اسماء ورموز متعلقة بالفلك وعلم الكيمياء وغير ذلك.

خامسا: من أين أتى القوزاق؟

  تم العثور على موطن القوزاق في شمال القوقاز، في منطقة آزوف، وفي غرب تركستان. يعود أصل القوزاق إلى السكيثيين، وإلى الشركس، والخزر، والقوط، وحتى ينسبون إلى الرحّل (تسيغان). كل الذين يطرحون هذه التكهنات حول أصل القوزاق لديهم حججهم الخاصة حول أصلهم وفصلهم.  يعتبر القوزاق اليوم مجتمعًا متعدد الأعراق، يضم ممثلين من عشرات الجنسيات والقوميات والأثنيات، من بينهم المولدوفيين والأتراك والإستونيين والطاجيك. لا تزال مسألة من هم القوزاق الأوائل مسألة لم تجد لها حلا.

سادسا: هل قتل ايفان غروزني ابنه؟

هل قتل غروزني ابنه؟ السؤال لا يزال مفتوحا على مصراعيه. في عام 1963، عندما تم فتح مقبرة إيفان الرهيب وابنه، كان كميات السم التي عثر عليها فيما تبقى من رفات القيصر وابنه كبيرة جدا. قبل وقت طويل من هذا الفحص، ادعى قسطنطين (نيبوبيدونسني) أي الذي الذي لا يقهر، أن اللوحة التي رسمها الفنان ريبين هي من وحي الخيال. أما القصة التي تتحدث عن حصول جريمة قتل للقيصر استندت إلى قصص المندوب البابوي أنطونيو بوسيفينو، الذي بالكاد يمكن وصفه بأنه شخص موثوق كما قيل.

سابعا: لماذا تنازل غروزني عن العرش؟

في عام 1575، تنازل إيفان الرهيب عن العرش ووضع مكانه التتري خان سيميون بيكبولاتوفيتش. لم يفهم المعاصرون معنى مشروع الملك هذا. قالوا إن القيصر كان خائفًا من توقعات المجوس بموت قيصر موسكو في هذا العام. حتى الآن لم يفهم المؤرخون أيضًا معنى هذا الفعل. هناك شائعة تقول أن غروزني كان يخشى حدوث انتفاضة في خانات قازان السابقة، حيث كان هناك بالمناسبة قيصرًا كما كان من ذي قبل. استمر مشروع الملك ايفان الرهيب لمدة عام تقريبًا، أي استمر تنازله عن السلطة طوال هذه الفترة.

ثامنا: هل كان يوجد فعلا أحد يدعى ديمتري الدجال؟

وافق الجميع بالفعل أن ديميتري الدجال الاول (False Dmitry I) هو الراهب الفار، غريشكا اوتوبييف (Grishka Otrepiev). لكن هذه القصة تبدو سوريالية للغاية. في البداية وأمام الأمراء، والنبلاء، وأمام كل البويار الاسياد أكدت والدته أنه ابنها حقيقة، وبعد فترة -فجأة نفت ذلك ووصفته بالدجال ليبصر الدجال النور فجأة ويجلس على العرش. إضافة إلى الحالة المرضية فإن الأمير نفسه كان مقتنعًا تمامًا بطبيعته وبمرضه وما هو عليه، كما كتب عنه معاصروه.

بالمناسبة، عبر نيكولاي كوستوماروف عن فكرة ” أنه كان بالامكان إظهار حقيقة ولي العهد المرضية بدل اختراع محتال ادعى أنه ديميتري”. لكن من غير المحتمل أن نكتشف الحقيقة على الإطلاق.

تاسعا: لماذا اختار زيمسكي سوبور “مرشح لا يمكن أن يوافق عليه ” ليصبح قيصرا؟

عندما انتخب زيمسكي سوبور عام 1613 ميخائيل رومانوف، كان يبلغ من العمر 16 عامًا. علاوة على ذلك، لم يكن موجودا حتى في موسكو خلال المناقشات الساخنة التي اندلعت هناك. كانت الحجة الرئيسية هي أن القيصر الراحل المزعوم فيودور إيفانوفيتش، قبل وفاته، أراد نقل العرش إلى قريبه فيودور رومانوف (البطريرك فيلاريت). وبما أنه كان من الأسر البولندية، فقد انتقل التاج إلى ابنه الوحيد ميخائيل. وكما كتب المؤرخ كلوتشيفسكي (Klyuchevsky) لاحقًا، “لم يرغبوا في اختيار الأكثر قدرة، بل الأكثر ملاءمة”.

عاشرا: لماذا قرر أليكسي ميخائيلوفيتش إصلاح الكنيسة؟

كان الانقسام في الكنيسة الروسية أحد أصعب نقاط التحول في تاريخ روسيا. أراد أليكسي ميخائيلوفيتش، وهو من عشاق اليونان، تغيير طقوس الكنيسة “بحيث تكون  مشابهة لتلك السائدة في الكنيسة الإغريقية”، وليس  كما هو مفروض ومعتمد. أدى هذا “التحول” إلى أكبر مواجهة روحية ودينية في تاريخ روسيا. لا يزال العلماء يتجادلون حول أسباب الانقسام. لم تكن المشكلة الأخيرة هنا على ما يبدو، هي الإصلاح الكنسي فقط، بل كانت تكمن في طموحات القيصر الروسي لتوليه العرش البيزنطي.

في عام 1649، وفي حفل استقبال القيصر، أعرب البطريرك بايزي مباشرة عن رغبته في أن يصبح أليكسي ميخائيلوفيتش قيصرًا في القسطنطينية: “ليكن موسى الجديد، ليحررنا من الأسر”.

حادي عشر: لماذا جعل بطرس الأول روسيا أوروبية؟

خلال سنوات حكمه، غيّر بطرس الأكبر روسيا إلى درجة لا يمكن التعرف عليها. بعد عودته من رحلته الأوروبية الكبرى، تغيّر الملك كثيرًا حتى بدأ الناس يتحدثون أنه تم استبداله بشخص آخر. وفقًا لإحدى الروايات “قيل إن بطرس ألقي في حفرة هناك”، وبدلاً من ذلك أرسلوا إلى روسيا محتالًا شبيها له. وفقًا لمزاعم أخرى – “وضع الألمان القيصر في برميل ورموه في البحر”.    

ما صبّ الزيت على النار هو حقيقة أن بطرس، الذي عاد من أوروبا، بدأ في تدمير واسع النطاق لكل إرث “العصور الروسية القديمة”.  لماذا؟ ليس هناك حتى الآن من إجابة محددة.

ثاني عشر: هل كان بولس (بافل) ابن بطرس الثالث؟

أحد الألغاز الرئيسية في التاريخ الروسي – هي هل كان بولس هو ابن بطرس الثالث؟ هل توقفت سلالة رومانوف؟  لم تنجب كاثرين وبطرس الثالث أطفالا لفترة طويلة..  كتبت الإمبراطورة نفسها، أن زوجها لا ينجب أطفالا. ذكرت الإمبراطورة أيضًا في مذكراتها أنها كانت مفتونة بسيرجي سالتيكوف، الأب المزعوم لبولس الأول: “لم أستسلم في كل الربيع وفي جزء من الصيف كي ألتقي به…”.

هناك أيضًا أسطورة شائعة عن ولادة بولس الأول: ووفقًا لها، أنجبت كاثرين طفلاً ميتًا من بطرس، وتم استبداله بصبي معين من “تشوخونسكي”.

ثالث عشر: هل كان فيودور كوزميش ألكسندر الأول؟

كما ترك نجل بولس الأول ألكسندر لغزًا معقدًا للمؤرخين. هناك أسطورة أنه ترك العرش الملكي مدعيا أنه توفي، وذهب ليسافر في أنحاء روسيا تحت اسم فيودور كوزميتش.

هناك العديد من التأكيدات غير المباشرة لهذه الأسطورة. لذلك، خلص الشهود إلى أن ألكسندر الذي رقد على فراش الموت كان مختلفًا تمامًا عن ذاك الحقيقي. بالإضافة إلى ذلك، ولأسباب غير واضحة، لم تشارك الإمبراطورة إليزافيتا أليكسيفنا، زوجة الملك، في مراسم الجنازة. أجرى المحامي الروسي الشهير أناطولي كوني دراسة مقارنة شاملة للكتابات بخط يد الإمبراطور، وفيودور كوزميتش وتوصل إلى استنتاج مفاده أن “رسائل الإمبراطور وملاحظات القيصر المسافر كانت مكتوبة بخط يد الشخص نفسه”.

رابع عشر: أين ذهبت الأموال من بيع جزيرة ألاسكا؟

لا يزال من غير المعروف أين ذهبت الأموال من بيع ألاسكا. تم جلب سبائك الذهب من لندن على متن قارب، لكنه قيل إنه غرق. ما إذا كان الذهب موجودًا بالفعل فهذا أمر غير معروف حتى الآن. لكن المعروف أن هناك وثيقة تقول إن معظم الأموال أنفقت في الخارج على تجهيز وشراء معدات لخطوط السكك الحديدية: كورسك- كييف، ريازان كولوف، موسكو- ريازان، إلخ. هل هذا صحيح، فمن غير المرجح أن نعرف أبدًا.

خامس عشر: لماذا تم إعدام العائلة المالكة (عائلة رومانوف)؟

ليس لدى المؤرخين إجماع حول من أذن بالضبط بإطلاق النار على عائلة رومانوف في الابايفسك Alapaevsk. تم ذكر اسم سفيردلوف ولينين، لكن المحقق فلاديمير سولوفييف، الذي شارك في إعدام آل رومانوف منذ عام 1993، رفض مرارًا وتكرارًا الادعاء بأن أيا من لينين وسفيردلرف لم يصدرا قرارا وحكما بالإعدام. وفقًا لمذكرات محقق آخر، وهو نيكولاي سوكولوف، الذي عهد إليه التحقيق مع الأدميرال كولتشاك، فإن جرائم القتل في يكاترينبورغ وألابيفسك هي “نتاج قرار بعض الأفراد”. يبقى السؤال الوحيد من اتخذ هذا القرار.

سادس عشر: أين اختفى ذهب كولتشاك؟

لا يزال مصير “ذهب كولتشاك”، وهو معظم احتياطي الذهب روسيا القيصرية، مجهولاً. وكان يقدر بحوالي 490 طنا من سبائك الذهب الخالص والعملات المعدنية بقيمة 650 مليونا.

وفقًا لإحدى الروايات، فقد سرقها السلك التشيكوسلوفاكي، ووفقًا لشائعة أخرى، تم إخفاؤها بأمر من كولتشاك نفسه. ما هي المخابئ المحتملة لهذا الذهب وأين هي؟ يقال إنها قد تكون في قناة مارينا غريفا في قناة أوب ينيسيّ، أو جبال سيخوت ألين، وبايكال، إرتيش.  لم يتم العثور على الذهب في أي مكان حتى الآن. هناك أيضًا شائعة تقول إن الذهب أودع في البنوك الأوروبية.

سابع عشر: ما هو نيزك تونجوسكا؟

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان نيزك تونجوسكا Tunguska كان نيزكًا.  لم تتمكن البعثات العلمية من العثور في المكان المفترض للسقوط على شظايا لنيزك، ولم يكن هناك حفرة أيضًا. هناك أخبار عديدة عما حدث، منها احتمال حصول: انفجار مفاعل نووي عائد لمركبة فضائية، أو مذنب جليدي، اصطدام الأرض بجسم من الفضاء، تجربة موجة نيكولا تيسلا.  بل هناك أكثر من اثنتي عشرة شائعة، لكن لم يتم تبرير أي منها علميًا.

ثامن عشر: لماذا استولى البلاشفة على السلطة بهذه السهولة؟

بالعودة إلى شباط (فبراير) 1917، كان الحزب البلشفي يضم 5000 عضوا، في تشرين الأول (أكتوبر) من نفس العام كان هناك بالفعل 350.000. كيف حدث أن وصل البلاشفة، الذين لم يعتبروا قوة جادة حتى اللحظة الأخيرة، إلى السلطة؟  يمكن تفسير ذلك بمجموعة من العوامل المنطقية، منها ما حكي عن الأموال الألمانية، والدعاية… لكن لا يمكن إنكار أن ثورة 1917 كانت ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ العالم. وكان العامل اللاعقلاني لا يقل أهمية عما حدث.

تاسع عشر: لماذا قرر ستالين استخدام القمع؟

لا يوجد إجماع بين المؤرخين حول أسباب القمع الستاليني. وفقًا لإحدى الروايات، كان ستالين يعاقب الهيئات الحزبية الإقليمية التي تعيق انتخابات مجلس السوفيات الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. وطبقاً لأخبار أخرى، كان القمع وسيلة في سبيل إجراء “هندسة اجتماعية”، واستمراراً لنهح فرض العمل التعاوني وانتزاع الملكية. أخيرًا، هناك من يقول إن ستالين كان يعد الاتحاد السوفياتي للحرب والقضاء على “الطابور الخامس” في البلاد.

عشرون: لماذا أعاد ستالين الخدمات الدينية إلى الكنيسة؟

لا يستطيع المؤرخون تفسير التغيير الحاد في موقف ستالين من الكنيسة بعد اندلاع الحرب. يقول البعض إن هذه كانت خطوة براغماتية من قبل الزعيم، الذي كان بحاجة إلى “دعامات” للتعبئة. وفقًا لآراء أخرى، كان ستالين متدينًا في السّر، ويذكر حارسه الشخصي يوري سولوفييف أن ستالين كان يصلي وحتى كان يقوم بسر الاعتراف، ويذكر أرتيوم سيرجيف في مقابلة أن ستالين لم يقل أبدًا أي شيء سيء عن الكنيسة في المنزل، بل وبخ ابنه فاسيلي لعدم احترامه لها.

واحد وعشرون: لماذا أدان خروتشوف عبادة شخصية ستالين؟

أثار خطاب نيكيتا خروتشوف في مؤتمر الحزب العشرين، حيث أدان عبادة شخصية ستالين، ضجة كبيرة. لماذا قرر أن يفعل هذا؟ في رأي البعض، فإن خروتشوف بذلك “برأ” نفسه من مشاركته في القمع؛ في رأي البعض الآخر، كان يستعد لإعادة تنظيم جهاز الدولة. بل هناك رواية أنه بهذه الطريقة “انتقم” من ستالين لوفاة ابنه. بالنظر إلى التداعيات طويلة المدى لهذه الخطوة، يرى بعض المؤرخين أن للغرب يد في هذا الموضوع. كان التراجع في هيبة الاتحاد السوفياتي بعد المؤتمر العشرين هائلاً. ويلفت البعض إلى أن المشاركة المثيرة والحيوية لأوتو كوسينين في إعداد التقرير لافتة وبحسب بعض المعلومات، ذلك لتعاونه مع المخابرات البريطانية والأمريكية.

اثنان وعشرون: أين اختفى راؤول والنبرغ؟

لم يتم حل لغز اختفاء الدبلوماسي راؤول والنبرغ في الاتحاد السوفيتي. هو الذي أنقذ عشرات الآلاف من اليهود المجريين، شوهد آخر مرة في 18 كانون الثاني 1945. في وقت لاحق كان هناك دليل على أنه شوهد في سجن ليفورتوفو. ووفقًا للرواية الموصوفة في مذكرات الجنرال سودوبلاتوف في المخابرات السوفيتية، فقد قُبض على والينبرغ بأمر شخصي من بولجانين، وفي عام 1947 قُتل بأمر من مولوتوف. هناك أيضًا رأي يقول بأنه نجا من القتل، وقد شوهد من قبل سجناء سابقين لأوزيرلاغ وبولس تسيخوتسكي وكوفالسكي في إحدى نقاط العبور. ووفقًا لشهادات أخرى، فقد شوهد أيضًا في معسكرات أخرى وفي وسط فلاديمير. كما ادعى البولنديون أنه كان لا يزال على قيد الحياة في تشرين الأول (أكتوبر) 1959.

ثلاثة وعشرون: هل كان هناك فعلا ما يسمى ” بذهب الحزب الشيوعي”؟

هناك رأي مفاده أن صناديق الذهب والعملات الأجنبية الافتراضية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي في السنوات الأولى من التسعينيات “ذهبت” إلى البنوك الأوروبية والأمريكية. كان العديد من الشخصيات العامة والسياسية يبحثون عن “ذهب الحزب”. وبحسب الصحفي يفغيني دودوليف، فقد تم استبعاد الكاتب يوليان سيمينوف لأنه استطاع “الكشف عن مخططات الحزب لجمع الملايين”. ومع ذلك، هناك أيضًا افتراض بأن “ذهب الحزب” هو أمر مدبر للإساءة إلى سمعة الحزب الشيوعي الذي كان حاكما، وليس الكلام عنه سوى أسطورة.

أربعة وعشرون: هل علم غورباتشوف بالمؤامرة للإطاحة به؟

في 20 آب (أغسطس) 1991، خطط غورباتشوف للتوقيع على معاهدة الاتحاد، والتي كان من المقرر أن يتم فيها تحديد الدور الجديد للجمهوريات السوفيتية. لكن الحدث توقف بسبب الانقلاب.

  هل علم جورباتشوف بالمؤامرة؟ لا توجد حتى الآن إجابة محددة على هذا السؤال، لكن حقيقة أن لجنة الطوارئ الحكومية والانقلاب هما مشروع غورباتشوف نفسه، وهناك رأي شائع إلى حد ما يشير إلى ذلك، فيقول إنه في شهر آذار (مارس) 1991، أصدر تعليماته للمشاركين المستقبليين في لجنة الطوارئ الحكومية لوضع مشروع قانون “بشأن إعلان حالة الطوارئ”. كما يزعم العضو السابق في حكومة الاتحاد الروسي ميخائيل بولتورانين أن “انقلاب 1991 لعبه بالتنسيق بين بوريس يلتسين مع ميخائيل غورباتشوف”. الرواية الرسمية هي: غورباتشوف لم يكن يعلم شيئا!!!

*[هذه المعطيات مأخوذة من مصادر تاريخية روسية مختلفة].

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي