رواية ربيع مبارك “أحمر أسود”: لونان موحدان ومتضادان
جمال المحافظ
ويقال: رجل أحمر، إذا كان أبيض، قال أبو عمرو بن العلاء: أكثر ما تقول العرب في الناس: أسود وأحمر، قال: وهو أكثر من قولهم أسود وأبيض. بهذه المقولة المقتبسة عن محمد بن القاسم الأنباري ( 271 ه – 328 ه ) اختار مبارك ربيع أن يبدأ بها روايته الجديدة المعنونة ب” أحمر أسود “.
يتألف عنوان اصدار “أحمر وأسود”، من لونين يظلان متضادين ومنفصلين، على الرغم من توحدهما، لكنهما في الرواية يؤلفان لونا واحدا ولغة واحدة، كما لاحظ الناقد الأدبي أحمد أبو الحسن. فرواية مبارك ربيع اعتمدت ” استراتيجية التضمين والتشظي، واستخدام تقنيتي التذكر والحلم في المنام واليقظة وفي التخيل، مع تكبير المشاهد أحيانا وتصغيرها أحيانا أخرى، فضلا عن كونها ، تحكى عن العوالم الحميمية للحياة الأسرية والاجتماعية والجمع بين النقيض وضده” على حد قول أبو الحسن.
وإذا كانت الرواية تتيح إمكانية قراءتين واحدة مفتوحة، والأخرى محتملة، فإنها تتمحور حول الدور الملهم للحلم الذي بلغ ” 10 أحلام”، لها ارتباط وثيق بمجالات التربية والمعرفة والأخلاق والمجتمع ، مع حضور قوي للبعد التربوي، وقضايا الأسرة المغربية وأسباب تفككها، والاشكاليات التي تطرحها التنشئة الاجتماعية للأطفال.
فالرواية وإن كانت تتوقف عن بعض الآفات الاجتماعية كالرشوة والشعوذة، والثراء غير المشروع ، فإنها بالمقابل تكشف عن أهمية البعد الإنساني، وأن عتبات ” أحمر أسود” تترجم ” الواقعية المقنعة”، وهو ما جعل كاتبها يتولى عملية الغوص والنبش في سلوكنا الجماعي.
وعلى الرغم من أن لكل قارئ روايته، والقارئ مؤلف ثان، فإن مبارك ربيع، اعتبر أن القارئ بالنسبة إليه هو ذلك “المخلص لقراءته، على أساس أن تكون له بصمته الخاصة وليس من يتفق معي”، في اطار تفاعله مع المتدخلين في اللقاء حول روايته الصادرة سنة 2021. ويرى أن “أحمر وأسود” لونين يمثلان في حقيقة الأمر عظمة الإنسان، وأنهما كما هو شأن أبيض أسود، أصفر أخض.
وبخصوص الواقعية المقنعة والاحتمالية في روايته، أعرب مبارك ربيع عن اعتقاده الراسخ بأنها تعد جوهر البؤر التي يفتحها النص الروائي، وأن العمل الخيرى والتطوعي الذي جاء في الرواية، ” يحتمل تفسيرات متعددة”.
إن الأدب المغربي، – حسب مبارك ربيع -تمكن حاليا من تأسيس مرجعيته، بعدما كان يعتمد على مرجعيات عربية وغربية، داعيا في هذا السياق الى العمل على “عدم تبخيس الإنتاج الإبداعي المغربي”. وذكر بأن المجموعة القصصية “وادى الدماء” لعبد المجيد بنجلون كانت أول عمل أدبي، لكاتب مغربي يطلع عليه بالصدفة، بمكتبة بمدينة الدار البيضاء في خمسينات القرن الماضي.
للأديب مبارك ربيع انتاج أدبي غزيز في مجال والرواية بلغ أزيد من 20 إصدار منها، ” الطيبون” و”رفقة السلاح والقمر” و” بدر زمانه” و” ثلاثية درب السلطان ، و”طوق اليمام” و”غرب المتوسط”. أما في مجال القصة فله “سيدنا قدر”، و”دم ودخان”، و”رحلة الحب والحصاد”، و”البلوري المكسور”، و”من غرب لشرق”، و”الصورة والقفص”.
كما أصدر في مجال الدراسات النفسية، كتابي “عواطف الطفل: دراسة في الطفولة والتنشئة الاجتماعية”، و”مخاوف الأطفال وعلاقتها بالوسط الاجتماعي”.