لو كنت مكان بوتين لتبولت عليه وأرسلته إليهم…
اليزيد البركة
لقد أخرجت روسيا الدول الاستعمارية ذات التاريخ الأسود في إنهاك وتفقير الشعوب عبر قرون عديدة، عن طورها وأفقدتها التوازن، وما كانت تحاول أن تستر بها سياستها الدولية بمساحيق الحوار والدبلوماسية والحكمة تم إظهار عكسه.
وإذا كان هناك شيء إيجابي لما قامت به روسيا، هو أنه كشف هذه الدول الاستعمارية على حقيقتها أمام الشعوب التي ترزح تحت الاضطهاد والاستعمار والنهب، فإذا أخذنا صورة ما قامت وتقوم به إسرائيل منذ 1947 إلى الآن ضد شعب مقهور ومسالم من إبادات جماعية على مر التاريخ، ومن تقتيل وتجويع وتشريد مع سياسة هذه الدول الاستعمارية معها من مساندة علنية وتسليح وتهديد ومن مساندة سرية مع مدها بكل ما يقويها، ومن أساليب الضغوط المستمرة على الشعب الفلسطيني ومباركة إسرائيل على أفعالها على مر كل هذه الفترة التاريخية، ووضعنا تلك الصورة مع الصورة الجديدة أي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وقارنا بين موقف الدول الاستعمارية إزاء إسرائيل وموقفها مع روسيا اليوم، مع أن القضيتين متباعدتين في التشابه، بحيث أن الأولى هي الأكثر فظاعة وبشاعة والأكثر عداء للمواثيق الدولية والأكثر غطرسة إلى درجة ارتكاب جرائم عنصرية، نجد أن أمريكا وأوروبا وكندا واوستراليا انكشفت عورتها لأنها كلها طوال 75 سنة وهي تقف بالكامل مع جهة ارتكبت الجرائم ضد شعب أعزل ومسالم وشردته على القارات كلها وغطت على تلك الجرائم. لو قامت هذه الدول باتخاذ عشر العقوبات الحالية التي اتخذتها ضد روسيا ووجهتها ضد إسرائيل لأرغمتها على تنفيذ قرار التقسيم ولأرغمتها على الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967.
لقد لجأت الدول الاستعمارية ضد روسيا الآن حتى إلى العقوبات ضد وسائل الإعلام الروسية في أوروبا وامتد الأمر إلى الفيسبوك في كل دول أوروبا ولم تقبل حتى الرأي المخالف في موضوع أوكرانيا ولا في غيره، ولحد الآن لم تنبس ولا جهة من منظمات الصحافة الدولية ببنت شفة مع العلم أن كثيرا من سائل الاعلام الغربية ترتكب الحماقات في الكذب والتلفيق وظهرت فيها أفواه لا تنفث إلا السموم، وحتى في الرياضة اتخذت عقوبات وصلت حدا مضحكا كعلامة على فقدان الهدوء والاتزان منها تجريد الاتحاد الدولي للتايكواندو لبوتين من الحزام الأسود الفخري، ولو كنت مكان بوتين لتبولت على هذه الخرقة وأرسلتها إليهم، لأنه ظهر واضحا من الهستيريا التي اشتعلت في العالم لاتخاذ العقوبات أن من يدير العملية واحد يضغط على الأزرار.