اتحاد كتاب المغرب.. بين حلّ الأزمة وتكريسها 3/1
صلاح بوسريف
مشكلة اتحاد كتاب المغرب، ليست مشكلة مؤتمر، أو رئيس جديد يُدِير شؤون الاتحاد، أو جماعة من المُتحالفين مع هذا الفريق أو ذاك. هذه أمور صغيرة، ليست هي جوهر مشكل الاتحاد اليوم، بل قبل اليوم، أي منذ عقدين من الزمن تقريباً.
كان الاتحاد في فترة من تاريخه، مؤسسة تُناضل ثقافياً لتبقى مستقلة، متعددة الانتماءات والاختلافات الفكرية والأيديولوجية، رغم ما كان يجري فيها من تقاطبات سياسية، ومن نزاعات أو تحالفات، بين بعض الأحزاب، وكان منصب الرئيس هو المشكلة، بما يعنيه من انتماء حزبي، بعيداً عن المعنى الثقافي، الذي توفَّر، ربما، في بعض من تولَّوْا الرئاسة، دون غيرهم من المثقفين الآخرين، ممن كانوا في أحزاب أخرى، أو لا انتماء لهم.
نزاع الرئاسة، كان تعبيراً عن سيادة الحزب في الاتحاد، من جهة، وعن السلطات الواسعة التي كانت للرئيس في اتِّخاذ القرارات، وفي وضع اليد على كل شيء في الاتحاد، وهذا كان مصدر خلافات ونزاعات كثيرة نشبت داخل مكاتب الاتحاد، وكانت تجري حتَّى خارجها. فالرئيس كان يستمد سلطته من الحزب، ومن الأغلبية الحزبية داخل الاتحاد، ومن التحالفات التي كان يعقدها مع أحزاب، منها من كان في اليمين، لا علاقة له باليسار، رغم ما كان يبدو، في الاتحاد من ميل إلى الفكر اليساري، منذ تولي الاتحاد الاشتراكي رئاسة الاتحاد، التي ستصبح تعيينا، تجري أطواره بالمقر الرئيسي للحزب، قبل انعقاد المؤتمر، أي أنَّ الاتفاق على الرئيس، كان حزبياً، قبل أن يكون ثقافياً، أو أنَّ الاتفاق الثقافي، لم يكن وارداً على الإطلاق، إلا في حالة نادرة، هي فترة الأستاذ أحمد اليابوري الذي كان يحضى بثقة المثقفين من مختلف الأطياف،
هذا المعطى، يخفي خلفَه هشاشة، بل ضمور الاستقلالية، التي ستصبح عند البعض، هي استقلالية عن الدولة التي كانت تُريد، في فترة ما، وبإصرار، وضع يدها على الاتحاد، فيما أنَّ معنى الاستقلالية، هو استقلالية الاتحاد عن كل الأطراف، لما فيه من تلوينات فكرية وسياسية، ولما فيه من انتماءات، بما فيها اليسار نفسه، فهو لم يكن نفس اليسار، بنفس الأفكار والتوجهات والانتماءات، وقد ظهر هذا في بعض مؤتمرات الاتحاد بشكل واضح.
لعلَّ طبيعة المرحلة، التي نحن بصددها، أي ما قبل قبول الاتحاد الاشتراكي بالتناوب السياسي، ودخوله دوالب السلطة، كان مقبولاً فيها هذا النوع من الزواج بين الثقافي والسياسي، أو حاجة المثقف إلى مظلة الحزب، ليحمي نفسه من نفوذ الدولة، ومن تسلطها الذي كان شرساً، والعمل الثقافي، كان واجهة من واجهات النضال العامّ، لذلك، كان حرص الاتحاد الاشتراكي على تولِّي شؤون اتحاد كتاب المغرب، وغيره من المؤسسات والنقابات المهنية، هو نوع من تقوية «قوات» الحزب «الشعبية»، واحتواء الحزب للمثقفين، الذين كانوا أغلب من ينتمون للاتحاد، يعملون في جريدة الحزب، أو أعضاء فيه، أو في مكتبه السياسي، أو في تنظيماته وهيئاته المختلفة.
وإلى ما قبل التناوب السياسي، كان العمل الثقافي داخل الاتحاد، هو نضال، ومن كانوا ينتمون إلى حزب الرئيس، كانوا يعتبرون الاتحاد تابعاً لفكر الحزب، بحكم الهيمنة العددية، كون العضويات كانت تُمْنَح، في غالبها، بناء على هذا الشرط، إلى الدرجة التي حصل فيها الأعضاء على عضوية الاتحاد، بمقالات منشورة في جريدة الحزب، لا علاقة لها بالإبداع، ولا هم مبدعون، لأن الأمر كان يقتضي تقوية نفوذ الحزب داخل الاتحاد.