من باريس – بارْبيسْ إلى تل أبيب.. توغل اللوبي الصهيوني في المغرب
نبيل لحلو
يوم الثلاثاء 10 يناير، ليلا، انطلقت بمسرح محمد السادس الموجود بجماعة الصخور السوداء، التابعة لولاية الدار البيضاء الكبرى، فعاليات المهرجان الثالث عشر للمسرح العربي.
في نفس الليلة وفي نفس الوقت، لكن بمدينة الرباط، قدمت فرقة مجهولة الاسم، جاءت إلى المغرب بدعوة من جمعيات “تدافع عن الصداقة اليهودية المغربية”، عملا مسرحيا يحمل عنوان “من باريس- بارْبيسْ إلى تل أبيب”. للذين لا يعرفون “بارْبيسْ”، فهو حي شعبي يوجد بالمقاطعة الثامنة عشر بباريس، تقطنه شعوب من المغاربة والأفارقة، ومن الطبقة الفرنسية المتوسطة والفقيرة.
لم أذهب إلى قاعة باحنيني لمشاهدة مسرحية “من باريس- بارْبيسْ إلى تل أبيب”، التي – حسب مضمون الدعاية – تتكلم عن “إدانة العنصرية وتدافع عن التسامح والتعايش بين الشعوب”.
إنه العمل المسرحي الرابع الذي يقدم باسم التسامح والتعايش الديني. قبل مسرحية “من باريس- بارْبيسْ إلى تل أبيب”، جاءت، رسميا، إلى المغرب أول فرقة إسرائيلية من مدينة يافا، لتقدم بمسرح محمد الخامس مسرحيتين: أم كلثوم وفريد الأطرش. كان ذلك يومي 30 شتنبر وفاتح أكتوبر من السنة الماضية. لم أشاهد هذين العملين اللذان مهدا الطريق لفرقة المسرح الوطني ليورشليم de Jérusalem التي أتت إلى المغرب وقدمت يوم 12 دجنبر 2022 بمسرح محمد الخامس مسرحيتها “البستان السيفارادي”، نوع من الأوبرا الذي لا يخلو من رقصات وأغاني برع في تشخيصها وأدائها، باللغة العبرية، ممثلون وممثلات موهبون. للذين لا يعرفون، فاللغة العبرية هي اللغة الرسمية لدولة إسرائيل التي أسست سنة 1948 بعد تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، ليقوم هؤلاء بالاستيلاء بالقوة على الأراضي الفلسطينة التي تشهد السرقة إلى يومنا هذا من طرف الدولة الصهيونية المستمرة في قمع واغتيال المقاومين الفلسطينيين.
عرض مسرحية “البستان السيفارادي” كان عرضا رسميا، احتفل به المغرب الرسمي في إطار معاهدة أبرهام التي وقعها المغرب من أجل عيون صحرائه لأول مرة تقدم هذه المسرحية في بلد عربي كالمغرب، بعد أكثر من ثلاتة عقود على إنجازها، هكذا تكلم ممثل اسرائيل، وهو يخاطب باللغة العبرية الطائفة اليهودية المغربية ورموزها من سيرج بيرديغو إلى أندري أزولاي. أما وزير الثقافة المغربي الذي صعد إلى الخشبة لإلقاء كلمته، فلم يجد لسانه المفرنس سوى لغة مولير ليقول للطائفة اليهودية المغربية التي جاءت من الدار البيضاء إلى الرباط في حافلات فخمة:
C’est une pièce qui défend la tolérance et le vivre ensemble
أربعة أعمال تتكلم عن إسرائيل تقدمها جمعيات مغربية يهودية بالمغرب، ما بين فاتح أكتوبر 2022 وبداية يناير سنة 2023، تبشرنا بغزو ثقافي إسرائيلي للميدان الفني ببلادنا، وهذا شيء نافع لأننا نفتقد إلى الإبداعات الفنية العالية. فلا نستغرب إذن، إذا دشنت إسرائيل بعمل فني إسرائيلي افتتاح المسرح الكبير بالدار البيضاء، وكذلك المسرح الكبير بسلا. ولا نستغرب إذا قرر مهرجان مراكش الدولي للفيلم تكريم السينما الإسرائلية ونجومها في دورته المقبلة. لا نستغرب إذا أصبح المخرجون الإسرائيليون من أصول مغربية يستفدون بكثرة من صندوق الدعم للسينما المغربية. ولا نستغرب إذا أصبح مسرح محمد الخامس يحتفل سنويا ولمدة ثلاثة أيام متتابعة بحنوكة Hannouka كما فعل ما بين 23 و 25 من السنة الماضية.
أخشى أن يتوغل اللوبي الصهيوني داخل المغرب. فلا نستغرب إذا أصبحنا في منتصف القرن الحالي نتكلم اللغة العبرية، نحن المغاربة الذين نكره اللغة العربية، لأن الدولة المغربية، مند فجر الاستقلال، فشلت في صنع الهوية المغربية عبر اللغة العربية.
الرباط 12 يناير 2023