أفق: في غياب الحاج الريس
يكتبه: صدوق نورالدين
1/
غاب الحاج الريس عن عالمنا. وبغيابه، تفقد الثقافة المغربية رمزا من رموزها التي أسهمت في إكساب الحياة الثقافية إشعاعا وتداولا موسعا. فإلى فترة، لم تحظ صناعة الكتاب بالمغرب طباعة ونشرا بالاهتمام المطلوب توفره، إذا ما روغب دخول سوق المنافسة. هذه القناعة، تولدت تأسيسا من مؤسسة مطبعة النجاح الجديدة (الدار البيضاء) التي أدارها بكفاءة واقتدار الراحل الحاج الريس وابنه كمال المبتسم دوما.
2/
لم أجالس الراحل كثيرا، مثلما أني لم أسمع منه وله كثيرا، وإنما من خلال الجلسات القصيرة والحوار المتبادل، لمست في شخصه الهدوء النادر، كرم الضيافة، الإنصات الحصيف، وسهولة العثور على الحلول الناجعة.
3/
لم تكن ثقافة الكتاب الجميل و(الأنيق) ترسخت في مغربنا الحديث. إلا أنه وبفضل الخاصات التي تفرد بها الحاج الرايس، يندر أن تعثر على كتاب طبع في مطبعة النجاح الجديدة لم يخضع لمواصفات الطبع والنشر المطلوبة التي تجعل منه النموذج الذي يقارن بما يصدر في الغرب، حتى أن معظم ما يصدر في المغرب من منشورات (كتب ومجلات ودوريات) لعبت هذه المطبعة دورها الفاعل في طبعه والترويج له.
4/
أصدرت في (1984) كتابي الأول “حدود النص الأدبي”. تقدمت بالمخطوطة للراحل الشريف القادري الحسني، حيث طلب مني العودة بعد أسبوع. حينها كان الأستاذ بوشتى الشيكر مسؤولا عن لجنة القراءة، إذ، وبالاعتماد على ملاحظاته وسعت التطبيق النقدي، ليتم توقيع عقد الطبع والنشر، ويصدر الكتاب عن “دار الثقافة” ضمن سلسلة الدراسات النقدية التي تعد أول سلسلة تحدثها دار مغربية. ومن بين الأسماء التي نشرت فيها الأساتذة: سعيد يقطين، محمد العمري، عبد الكريم برشيد وغيرهم.
5/
على أني في ترددي على مكتبة “دار الثقافة” لاحقا، سيطلب مني الراحل الشريف القادري الذي مثل نموذجا للناشر المغامر على مستوى إصدار الكتاب والترويج له إلى جانب الراحل عبد الحفيظ الكتاني. أقول، سيطلب مني الانتقال إلى مطبعة النجاح الجديدة لمتابعة ماجريات النشر.
من ثم تولدت العلاقة مع الحاج الريس رحمه الله تعالى، و مع ابنه البار كمال الذي مازلت على توادد معه إلى اليوم.
6 /
رحم الله تعالى الحاج الريس. وإنني أدعو من خلال هذه الكلمة إلى الاحتفاء به وتكريم جليل أعماله في الدورة القادمة من المعرض الدولي للكتاب والنشر.