الأوروفيزيون بأصوات مغربية
باريس – المعطي قبال
تعرض علينا مسابقة الأوروفيزيون للأغنية الوجه الطفولي، الباذخ، البهيج، والنرجسي لأوروبا حيث يمسح خلالها ولساعات معدودة البؤس، الحرب، الخلافات ويصفق الجميع، الحاضرون منهم في رحاب المركبات أو المتتبعون على شاشات التليفزيون الذين يعدون بالآلاف، وتحديدا 200 مليون متفرج، يصفقون لبراعة آداء هذه الفنانة أو ذاك الفنان. وبما أن هذه التظاهرة تضمر أيضا في طياتها حسابات واعتبارات سياسية، فقد سعى زيلينسكي قبل بدء المسابقة أن يضيف عليها شحنة سياسية مناهضة لروسيا. ولو كانت الأمور بيديه لكان أمسك بالمايكروفون لأداء أغنية يشيطن فيها بوتين. وفوز أوكرانيا بفرقة أوركسترا كالوش العام الماضي في المسابقة أسطع برهان على ذلك.
على أي لم توافق لجنة التنظيم بأن يلقي زيلنسكي كلمته على الحضور ولا أن يأخذ الميكروفون. ثم هناك أعلام البلدان المتسابقة التي رفرفت وسط الحلبة تحت سيل من الأضواء الفاقعة. وكانت أعلام المغرب حاضرة في مركب مدينة ليفيربول التي احتضنت الأوروفيزيون. والمسابقة التي كانت البارحة نسختها 67 يرجع تاريخ نشأتها إلى عام 1956 بإنجلترا، هي واجهة لعرض كل بلد لثقافته في مجال الموضة والإنتاج الموسيقي في محناه التقني والفني. ويلاحظ منذ انطلاقة المسابقة مشاركة فنانين من أصول أجنبية ومزدوجي الهوية وظهور عناصر من متحولي الجنس (رجال تحولوا إلى نساء). في أوروفيزيون البارحة شاركت فنانتان من أصول مغربية مثلتا كلا من فرنسا والسويد هما لازارا والفنانة لورين.
ولدت لازار واسمها الحقيقي فاطمة الزهراء حفضي بمونتريال في 25 من غشت 1987. ومنذ اختيارها لتمثيل فرنسا أصبحت أيقونة وسائل التواصل الاجتماعي وتحول حسابها على انستاغرام إلى معبد لعشاق وعاشقات صوتها وبالأخص بعد إصدارها لألبوم «طبعا». غير انها لم تكن بالمستوى اللائق إذ احتلت المرتبة السادسة عشرة. بعد إعلان النتيجة «قلزات» فاطمة الزهراء على الطريقة القديمة للكاميرا والحركة موجهة للجمهور الذي لم يصوت عليها.
عقدت فرنسا الأمل أن تحرز لازارا على اللقب لكن الجمهور مال إلى فنانة أخرى، سويدية من أصول مغربية ألا وهي لورين التي سبق أن أحرزت على اللقب عام 2012 . لورين واسمها الحقيقي زينب نورا طلحاوي، 39 سنة ومن مواليد ستوكولهم من عائلة مغربية أمازيغية. ولم تنس أصولها بحيث استعملت الحناء على يديها وأصابعها التي هيئت على شكل شخصية «إدوارد صاحب الأيادي الفضية»، الذي أدى دوره الممثل جوني ديب. وفي تصريح لإحدى الصحف الفرنسية أشارت لورين أنها «رغبت في إضافة قسم من أصولها المغربية وهو ما يساعدني علي التواصل بسهولة مع الأشياء». في الوقت الذي تعرف فيه السويد مدا متطرفا لأحزاب اليمين الشعبوي والعنصري ضد الأجانب، لربما ساعد هذا الفوز على تصحيح نظرة السويديين مع تقديم المهاجرين واللاجئين والأجانب عموما أنهم طاقات حية يمكنها المساهمة في البناء الوطني.
مباشرة بعد انتهاء الأوروفيزيون، طفت على السطح أخبار الانتخابات في تركيا (الكل يخمن هزيمة اردوغان)، الهدنة بين حماس وإسرائيل، الباكستان، الحرب بأوكرانيا وبؤر أخرى للتوتر، أي عادت الحياة إلى طبيعتها.