ماذا بعد مذكرة توقيف سلامة الدولية؟

ماذا بعد مذكرة توقيف سلامة الدولية؟

ريم ياسين

    أصدرت القاضية الفرنسية المكلفة بالتحقيق في الممتلكات بأوروبا، نهارالثلاثاء الماضي، مذكرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقد تم استدعائه إلى باريس لاستجوابه، وربما اتهامه. وكانت هذه القاضية قد ذهبت إلى لبنان عدة مرات لاستجواب حاكم مصرف لبنان، المتهم باختلاس 300,000,000 دولار، في إطار التحقيق الذي تقوم به عدة محاكم أوروبية. ورياض سلامة متهم بتبييض أموال عن طريق استثمارات عقارية في عدة عواصم أوروبية باسم عائلته ومقربين منه.

  أتت ردة فعل محاميه، الأستاذ جون أوليفيي سور، بصفة فورية، حيث قال “إن مذكرة التوقيف الدولية هي انتهاك لحق موكله، وهي تشكل تعدي سنتقدم بخصوصه أمام المحاكم المختصة”.  وفي رسالة وجهها إلى قاضية التحقيق الفرنسية، أكد المحامي أن استدعاء موكله لم يتبع الأصول القانونية.  وصرح لصحيفة “الفيغارو” بأن “الاستدعاء حصل قبل أقل من عشرة أيام على التاريخ المحدد للاستجواب، وهذا يعني أن الأصول لم تحترم”.

  من جهته، عبر الأستاذ وليام بورتون، محامي الدفاع عن جمعية شربة ومجموعة ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية التي تقدمت بدعاوى لدى القضاء الفرنسي، عبر عن رضاه بأن القاضية الفرنسية لم تنخدع بالذرائع المصطنعة المقدمة من قبل رياض سلامة للتهرب من القضاء الفرنسي، بمساعدة متواطئين في لبنان. وأضاف أن الملف ازداد ثقله مع وجود معطيات تدينه، ليس فقط في موضوع تبييض الأموال، ولكن أيضا في عمليات تزوير بتقديم وثائق مزورة من قبل مصرف لبناني لمصلحة رياض سلامة.

   أما في بيروت، فقد كلف القاضي شربل أبو سمرا بتبليغ حاكم مصرف لبنان. وقد صرح بأنه لم يستطع إيجاد الحاكم لإبلاغه استدعاء القاضية الفرنسية.

 فيما اعتبر نيزار صاغية، مدير مركز مراقبة القضاء اللبناني، أنها مناورة جديدة سياسية وإجرائية تهدف إلى ضمان الإفلات من العقاب للسلطة الحاكمة.  وكل شيء جائز لعرقلة التحقيقات الجارية  التي تدين كبار المسؤولين في لبنان. وذكر بأن قضية انفجار مرفأ بيروت الذي حصل في 4 آب- أغسطس 2020 وصلت إلى طريق مسدود. 

أما المحامي كريم ضاهر، الذي يهتم عن قرب بملفات مكافحة الفساد وتبييض الأموال، فقال بأن “القضاء اللبناني يتبع بكل أسف  للنظام السياسي. وأملنا الوحيد في القضاء الفرنسي والقضاء الأوروبي.  وأن ناك بعض القضاة المعاندين ولكن هذه القضايا لا تزال معلقة”.
يهتم الوسط السياسي في لبنان بأجندته أكثر من اهتمامه بمصير حاكم مصرف لبنان القضائي. خاصة أن لبنان ليس مجبرا من الناحية القانونية، بأعتقاله أو تسليمه إلى بلد آخر.  والملاحقات التي يتعرض لها أدت إلى إبعاد إمكانية التجديد له، وبدأت الآن عملية البحث لإيجاد من يخلفه، بعد أن شغل منصبه لمدة ثلاثين عاما، كأنه غير قابل لإزاحته، ومن المرتقب أن تنتهي مدة ولايته في 31 يوليوز القادم، وتعيين موظف من الفئة الأولى هو من المهمات المنوطة بمجلس الوزراء. وقد أوحى رئيس مجلس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي أن حكومته تستطيع تعيين حاكم مصرف لبنان حتى بدون وجود رئيس جمهورية، لأنه لم يتم حتى الآن انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء مدة ميشال عون. لكن مهمات الحكومة الانتقالية، وكذلك المجلس النيابي، هي موضوع جدل دستوري تستغله كافة الأطراف في السلطة الطائفية.

   في نهاية الأسبوع الماضي، أعلن رئيس حزب الله اعتراضه على تعيين حاكم مصرف لبنان من قبل الحكومة الانتقالية، وهو منصب يعود للطائفة المسيحية المارونية، وذكر أنه لم يتم تعيين مدير جديد للأمن العام لنفس الأسباب، وهذا المنصب هو للطائفة الشيعية، وفق الأصول القانونية، عند شغور منصب حاكم مصرف لبنان، يحل مكانه نائبه الأول الذي ينتمي إلى الطائفة الشيعية. وهو حاليا وسيم منصوري، مقرب من نبيه بري رئيس المجلس النيابي الحليف لحزب الله.

  إن مسألة خلافة رياض سلامة تتجاوز التوازنات الطائفية. هو الملقب بـ “مادوف لبنان”، الذي عمل على إقامة “هرم بونزي” على الصعيد اللبناني.

تقول الخبيرة الاقتصادية علياء مبيض أن رياض سلامة مسؤول عن انهيار مصرف لبنان.  فهو الذي انتهك بشكل مستمر قانون النقد والتسليف، وعمل على إرساء نظام المحسوبية السياسية، الذي أدى إلى إفلاس الدولة وتدمير القطاع المصرفي. لذلك، فالمهمة الأولى للحاكم الجديد ستكون إعادة الثقة إلى هذه المؤسسة من قبل اللبنانيين ولدى المؤسسات الدولية.

(عن الصحف الفرنسية)

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة