قمة جدة: ترحيب بعودة سوريا والأسد يهاجم العثمانيين ولا يقبل التدخلات
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
اختتمت في مدينة جدة السعودية أعمال القمة العربية الـ 32 بإعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان موافقة المشاركين على البيان الختامي للقمة. وبحثت القمة القضية الفلسطينية والأزمة السودانية إلى جانب ملفات اقتصادية، كما شهدت مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد للمرة الأولى منذ 12 عاما. وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اعتماد قرارات القمة العربية واستضافة البحرين القمة المقبلة.
وكان الأمير محمد بن سلمان قد تسلم في مستهل الجلسة الافتتاحية رئاسة القمة من رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن نيابة عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
واعتمد مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة “إعلان جدة” في ختام أعمالها، الذي اكد على مركزية القضية الفلسطينية عربيا وعلى المبادرة العربية كسبيل لحلها وعلى أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.
ودعا إلى تكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على تجاوز أزمتها. وتعزيز الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين والحفاظ على وحدة وسلامة أراضي سوريا. ورفض أي تدخل خارجي في الشأن السوداني لتفادي تأجيج الصراع، معتبرا اجتماعات الفرقاء السودانيين في جدة خطوة يمكن البناء عليها لإنهاء الأزمة”، مؤكدا ضرورة التهدئة في السودان وتغليب لغة الحوار.
كما ركز على اهمية حل الأزمة الليبية في الإطار الليبي، ودعم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية كحل للخروج منها، معلنا دعم جهود البعثة الأممية في ليبيا، وضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة ودعم جهود توحيد القوات المسلحة الليبية، وتثبيت وقف إطلاق النار.
وحول اليمن اكد إعلان جدة على دعم الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية ودعم مجلس القيادة الرئاسي في اليمن لإحلال الأمن والاستقرار.
أما بالنسبة الى لبنان فكانت دعوة لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة في أسرع وقت. ورحب الاعلان بالاتفاق الذي تم بين السعودية وإيران لتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بينهما.
كما تضمن إعلان جدة: التأكيد على وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية وعلى احترام قيم وثقافات الآخرين واحترام سيادة واستقلال الدول وسلامة أراضيها ورفض دعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدول، ودعم استدامة سلاسل إمدادات السلع الغذائية الأساسية للدول العربي. وثمن حرص واهتمام السعودية على توفير الظروف الملائمة لتحقيق النمو الاقتصادي في المنطقة.
وكانت اعمال القمة الثّانية والثّلاثين، على مستوى القادة، انطلقت ظهر اليوم. وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، صافح الرّئيس السّوري بشار الأسد وقبّله، قبيل التقاط صورتهما الرّسميّة تمهيدًا لبدء أعمال القمّة، وذلك بعد 12 عامًا من تعليق عضويّة سوريا في جامعة الدول العربية
وفي قاعة الاجتماع تحدث بداية رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن، إلى أن العالم يمر بحالة استقطاب متزايدة وأزمات في أمن الطاقة والغذاء، في ظل الحرب القائمة في أوكرانيا. ودعا لمساعدة الدول العربية لتمكينها من مواجهة هذه الظروف.
ورحب باستعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية، مثمناً جهود السعودية في هذا المجال. وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني، معرباً عن إرتياح بلاده لبوادر الإنفراجة التي حصلت في العلاقة مع إيران وتركيا، وداعياً مختلف الجهات في السودان إلى تغليب لغة العقل والحوار.
من جهته، أكد ولي العهد السعودي في كلمته أننا “لن نسمح بأن تتحول منطقتنا إلى منطقة صراعات”، مرحباً بحضور الأسد . وأمل أن يساهم ذلك في دعم إستقرار سوريا وإستعادة دورها العربي وإنهاء أزمتها.
وأشار إلى أن فلسطين ستبقى قضية العرب والمسلمين المحورية، مؤكداً أن السعودية لن تتأخر عن دعم الشعب الفسلطيني، معرباً عن أمله بأن تكون لغة الحوار هي الأساس في السودان.
أما الأمين العام لـ”جامعة الدول العربية” أحمد أبو الغيط، فقال أنّ “المشهد الدّولي يمرّ بأشدّ الفترات خطورة في العالم المعاصر، ولا بدّ من التّمسّك بالمصالح العربيّة لمواجهة ضغوط الاستقطاب الدولي”.
وأمل أن يساهم العرب في حل الأزمة السورية”، مشيرًا إلى أنّ “في سوريا ثمة فرصة لا ينبغي تفويتها لمعالجة الازمة والحل السياسي هو السبيل الوحيد لتسويتها”.
ودعا إلى أن “تكون قمّة جدّة فرصة لتفعيل حلّ عربي يوقف نزيف الدم في السودان، وحلّ الأزمات التي تشهدها الدول العربية”.
وكانت مفاجاة القمة حضور الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي دعا في في كلمته كافة الدول العربية إلى مساعدة الشعب الأوكراني، مؤكداً أن بلاده لن تخضع أبداً للمطامع الروسية.
وأشار إلى أننا “لم نختار الحرب ولم ننخرط في أي أعمال عدائية في أراضي دول أخرى”، مؤكداً أن “ما يحدث في بلادنا حرب وليس مجرد نزاع”، لافتاً إلى أننا “نواصل قتالنا من أجل حماية بلادنا وأدعوكم لحماية شعبنا بما في ذلك المسلمون في بلادنا”.
وافادت صحيفة “الوطن” السورية بأن الوفد السوري، برئاسة الأسد، امتنع عن وضع سماعات الترجمة خلال كلمة زيلنسكي.
وألقى أحمد سينجندو كلمة منظمة التعاون الإسلامي، وقال إننا “نواجه تحديات تستدعي التضامن، وندعو لتكثيف التعاون لدعم الشعب الفلسطيني”، مؤكدا اننا “لم ندخر جهدا لوقف الصراع في السودان منذ اليوم الأول، ونرحب بالمبادرة السعودية الأميركية لحل الأزمة في السودان”. وشدد على أننا “حريصين على دعم كل الجهود لإزالة اسباب التوتر، وتحقيق الأمن في ليبيا وسوريا واليمن، وندعو لتعزيز التضامن مع الأشقاء في الصومال لتجاوز الصعاب”.
أما ملك الأردن عبد الله الثاني، فأكد على أن “منظومة العمل المشترك بحاجة للتطوير، وهنا يأتي دور الجامعة لتعزيز التعاون لمواجهة التحديات الأمنية”، ورأى أن “السلام لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين”، ولفت إلى أننا “حذرنا مرارا من استمرار أزمة سوريا دون حل”. واعتبر ان “استقرار العراق استقرار للمنطقة وأمنها، وندعم خطوات الحكومة العراقية بما بعيد لعراق دوره ومكانته ويعزز سيادته على أراضيه”.
من جهته اعتبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أنه “يجب الاعتماد على قدراتنا الذاتية لحل القضايا العربية”، داعيا لـ”تنسيق عملنا المشترك للتعامل مع الأزمات العالمية”. وحذر من أن “استمرار إدارة الصراع عسكريا بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيؤدي لتفجير الأوضاع”.
ورأى أننا “إذا لم نتعاون في احتواء أزمة السودان ستهدد المنطقة”، مؤكدا أنه “حان الوقت لاتخاذ زمام المبادرة لضبط العلاقات مع دول الجوار”، مشيرا الى ان “عودة سوريا يجب أن تسهم من أجل حل الأزمة فيها”.
ورحّب ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، بـ”المساعي العربيّة الجادّة الّتي نجد فيها بوادر مبشرة لبلورة نظام إقليمي متجدد ومتوازن، والمتمثلة في: استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، استمرار الهدنة الإنسانية في اليمن والجهود الجادة لحل أزمتها، والعود الحميد للشقيقة سوريا إلى بيت العرب الكبير”.
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، “المجتمع الدولي إلى محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها”. وشدد على اننا “سنواصل مسيرتنا النضالية لمواجهة القهر والعدوان الإسرائيلي”. ولفت الى اننا “مستعدين للعمل مع القمة العربية من أجل إنجاح الجهود العربية والدولية في إيجاد حلولا لأزمات المنطقة”.
من جهته، أشار الرئيس التونسي قيس سعيد، فقال: نريد أن نكون شركاء لمن يريدون ترتيب العالم من جديد، ونرفض أن نكون ضحايا لنظام عالمي جديد لا نشارك في ترتيبه”. وأكد أن “تونس ثابتة على مواقفها واستقرار قراراها الوطني، وعلى عدم الانخراط في أي تحالف ضد آخر، والحمدلله عودة سوريا الحضن العربي بعد إحباط مخطط تقسيمها”، آملا أن “يستعيد اليمن سعادته والقضاء على الانقسام، وكذلك وقف سفك الدماء في السودان”.
وفي كلمته أكّد رّئيس النظام السّوري بشار الأسد، أنّ “علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى الّتي تهدّد مستقبلنا وتنتج أزماتنا، كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النّتائج لا الأسباب”. وأشار إلى أنّ “العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم، ولا تنتهي عند الخطر العثماني، ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية”. وشدد على أنّه “لا بد من معالجة التصدعات التي نشأت خلال عقد مضى، والأهم هو ترك القضايا الداخلية لشعوبها لإدارة شؤونها، وما علينا إلا أن نمنع التدخلات الخارجية في شؤونها”. وتمنى أن “تشكل القمة بداية مرحلة جديدة للعمل العربي للتضامن فيما بيننا، لتحقيق السلام في منطقتنا والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار”
وأكد ولي عهد الكويت، الشيخ مشعل الأحمد، أن “التفاهمات التي يجري التوصل إليها عربيا ستساهم في استقرار المنطقة رغم التحديات”، لافتا الى ان “ما يحدث بأوكرانيا تبعاته خطيرة على الأمن في العالم ويجب أن نعمل عربيا من أجل توخي آثار ذلك”.
ولفت إلى أن “موقفنا الثابت في الأزمة السورية هو العمل من أجل تقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري”، مشددا على اننا “نرفض أي تدخل خارجي في شؤون سوريا الداخلية، وندعم عودتها للجامعة العربية كمقدمة لإنهاء أزمتها، كما ندعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفق المبادرة العربية”.
ورحّب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في كلمته في القمة العربية المنعقدة في مدينة جدة السعودية، بـ”عودة سوريا واعتبر أنه “ينبغي العمل من أجل منع انزلاق السودان للتناحر ونرحب بمبادرات الحل”، مؤكدا “الحق الفلسطيني في الأرض والسيادة، وفي إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف”. ورحّب بـ”التقارب السعودي الإيراني بما يعود على أمن واستقرار المنطقة”. ولفت الى اننا “نتطلع لحضور الزعماء العرب لقمة 2025 التي تستضيفها العاصمة العراقية بغداد”.
ولفت رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي، إلى “أنّنا نثمّن الجهود العربية في دعم إقامة مؤسسات الدولة اليمنية، ورفض التدخل الخارجي”، آملًا أن “تنعكس التفاهمات بين السعودية وإيران إيجابًا على اليمن”. وشدد على أنّه “يجب إنهاء الانقلاب ضد مؤسسات الدولة اليمنية من قبل الجماعات المدعومة إيرانيًا”، كما ذكر أنّ “الحوثيين يواصلون تهديد أمن دول الجوار، باستخدام المسيرات والصواريخ”، شاكرًا السعودية “لدورها في ردع التهديدات الأمنية ضد دولتنا”، موضحًا أنّ “شعبنا يعاني من ويلات الحرب والجماعات الحوثية تواصل منع وصول السفن لموانئنا”.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فشدّد ميقاتي على أنّ لبنان لم يتوان يوما عن فتح أبوابه أمام اخواننا النازحين السوريين، ايمانا بأخوّة الشعبين وتقدّم الاعتبارات الانسانية على ما عداها”، مركّزًا على أنّ “طول أمد الأزمة وتعثر معالجتها وتزايد اعداد النازحين بشكل كبير جدا، يجعل من ازمة النزوح أكبر من طاقة لبنان على التحمّل، من حيث بناه التحتية، والتأثيرات الاجتماعية والارتدادات السياسية في الداخل، ومن حيث الحق الطبيعي لهؤلاء النازحين بالعودة إلى مدنِهم وقراهم”.
وأوضح أنّها “عودة لا يمكن أن تتحق اذا لم تتضافر الجهود العربية، مع مؤازرة من المجتمع الدولي، وبالتواصل والحوار مع الشقيقة سوريا، في اطار موقف عربي جامع ومحفّز عبر مشاريع بناء وانعاش للمناطق المهدّمة لوضع خارطة طريق لعودة الاخوة السوريين الى ديارهم”.
كما أكّد “احترام لبنان للقرارات الدولية المتتالية كافة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي وقرارات الجامعة العربية وميثاقها، والالتزام بتنفيذ مندرجاتها”، مؤكّدًا أيضًا باسم كل لبنان “احترام مصالح الدول الشقيقة وسيادتها وأمنها الاجتماعي والسياسي، ومحاربة تصدير الممنوعات اليها وكل ما يسئ الى الاستقرار فيها”.
وتوجّه ميقاتي إلى ولي العهد السعودي قائلًا: “من استطاع نقل السعودية وشبابها الى المواقع القيادية والريادية التي وصلوا اليها، وتحويل السعودية الى بلد منتج بكل ما للكلمة من معنى، في فترة قصيرة، ليس صعبا عليه أن يكون العضد لاشقائه في لبنان. من هنا فاننا نتطلع الى رعاية السعودية ولفتتها الاخوية تجاه بلدي لبنان، ليتمكن من النهوض من جديد”
وتحدث رئيس الوفد السوداني، فقال ان “الظروف في السودان حالت دون تواجد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وهو الآن بين قواته يقوم بالمشاركة في معركة الكرامة”. ولفت إلى أن “قواتنا المسلحة تصدت ببسالة للقوات المتمردة، هذه القوات (الدعم السريع) التي يناهز عددها 80 الف تسللت داخل المناطق السكنية واحتجزت المدنيين العزل دروعا بشرية”، موضحا أن “القوات المتمردة اعتدت على سفارة الاردن والملحقيتين العسكرية والثقافية للسعودية، وسفارات الكويت والصومال وقتلت نائب رئيس الملحق الإداري المصري”.
وذكر أنه “يقلقنا غض المجتمع الدولي الطرف عن هذه الانتهاكات”، مضيفا ان “قوات المتمردين لم تلتزم بكل تفاهمات الهدنة واعتدت على سفارات ومقار بعثات عربية”، مؤكدا أن “القوات المسلحة السودانية قادرة على هزيمة التمرد ولا مجال للتشكيك فيها”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اكد في برقية الى المؤتمرين اهتمام روسيا بتطوير العلاقات الودية مع الدول العربية، من أجل مواجهة التهديدات والتحديات الحديثة بشكل فعال.
واكد: “نحن عازمون على مواصلة دعم الجهود الجماعية من أجل الحل السلمي للقضايا الإقليمية الحادة، بما في ذلك الأزمات في السودان واليمن وليبيا وسوريا، مع الاحترام الثابت لسيادة الدولة وأحكام القانون الدولي القائمة”.
إلى ذلك، كشف مسؤول عربي لرويترز، أن “أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لم يعقد أي اجتماعات ثنائية أو يلق كلمة في القمة مشيرا إلى أن “حضوره كان زيارة مودة”.
وأضاف المسؤول أن “الأمير غادر القمة قبل بدء كلمة الأسد”.