هل من معجزة تنقذ لبنان؟!!!
ريم ياسين
ليس تاريخ 7 أيار 2008 عابرا، ففي هذا اليوم اتضح أن حزب الله يعمل للاستيلاء على السلطة وبدء تكريس دويلته تحت عنوان حماية المقاومة وظهرها اي النظام السوري الذي أخرج من لبنان بفعل تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه بما عرف ثورة 14 آذار او انتفاضة الاستقلال، وإتباع تعليمات المرشد في إيران في جعل لبنان قاعدة لايران وإبعاده عن محيطه العربي عبر خطف الطائفة الشيعية وحصارها بالثنائي، والعمل على إسقاط إتفاق الطائف وجعل لبنان ذو وجه ايراني، بعدما اوحت تركيبته بصعوبة جعله دولة اسلامية.
لذلك كان الخيار المؤقت اقامة الدويلة والتوسع فيما بعد، لتغيير وجهة لبنان تدريجيا من خلال لعبة السلاح وشعارات التحرير والدفاع عن المقدسات واسقاط الخصم من خلال توجيهات ضربات له تارة بالتخوين وتارة بالتعطيل وطورا بالدعوات الى المثالثة او تلغيم الحكومات بشخصيات تتبعه او عبر الانقلاب على مقررات الحوارات الوطنية والتصرف كأنها لم تكن وكأن امينه العام لم يشارك بها ولم يظهر مع خصومه مبتسما ومصافحا من يتهمهم بالتآمر على مقاومته الاسلامية وميليشياته المسلحة.
بعيد إنتهاء ولاية الرئيس اميل لحود الممدة ثلاث سنوات الى 24 تشرين الثاني 2007 وفشل محاولات فريق 14 في دعوته للتنحي قبل انتهاء ولايته بعد مواجهات سياسية مع فريق الممانعة وحزب الله الذي كان فتح حربا مع اسرائيل في تموز من العام 2006 وفقا لحساباته وخاض معاركه لتخوين حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وشخصيات من قوى 14 آذار متابعا استخدامه سلاح الاغتيالات.
قاد 7 ايار 2008 البلاد نحو مفاوضات الدوحة، بعد فراغ في رئاسة الجمهورية دام ستة اشهر، إذ انتخب الرئيس ميشال سليمان في 25 ايار رئيسا، وحاول عبر اعلان بعبدا تحييد لبنان عن الحرب السورية والذي سقط بفعل مشاركة حزب الله فيها وتمسكه بسلاحه وتجاهل ما تم الاتفاق عليه فيما سمي الاستراتيجية الدفاعية.
ونتيجة جر حزب الله لبنان الى الفراغ ليمكن دويلته من ترسيخ نفسها بقي الشغور في قصر بعبدا قرابة السنتين والنصف تقريبا، مستقويا بسلاحه والدعم الايراني غير المحدود لاقامة مؤسساته المالية والاقتصادية وفرق ميليشياته التي عملت في سوريا وخدمت في العراق واليمن وزعزعت امن دول عربية وتاجرت ونشرت الكبتاغون، الى ان حصلت التسوية التي تسببت في انهيار لبنان في العام 2016 فانتخب ميشال عون رئيسا، واستباح جبران باسيل السلطة تحت عنوان حقوق المسيحيين، مقابل غض الطرف عن سلاح حزب الله لتتفاقم حالة الفساد وتآكل الدولة وتؤدي باللبنانيين الى جهنم، ولتتكرس هيمنة الدويلة باستمرار نهج التعطيل.
لقد بينت جلسات انتخاب مجلس النواب ومواقف الثنائي ومناوراته في تعطيل العملية الديموقراطية في جلسات الانتخاب والتعالي على الدستور ومعاملة النواب كتلامذة مدارس، وفي دعوات حزب الله الى الحوار للاتفاق على مرشحه وليس على خيار ثالث، ان حزب اللله يريد ان يعين رئيس الجمهورية من قبله ويكون في خدمة مشروعه بحجة حماية ظهر المقاومة، وهو نهج يشكل خطرا كبيرا على النظام الديموقرطي في لبنان، واسقاطه واجب وطني، لان تكريس مبدأ الحوار والتسويات التي تكون لصالح الطرف الاقوى وتعطيل الحياة السياسية، يعني ان لحزب الله حق الفيتو، وهو يعني بالملوس ان اي رئيس سيأتي تعيين من حزب الله لن يكون قادرا على الحكم واتخاذ القرارات والعمل باستقلالية، وما دعوة حزب الله الى الحوار لانتخاب الرئيس الا محاولة لتكريس عرف جديد قد يتحول الى مبدأ دستوري، وبالتالي الصيغة الجديدة لا رئيس من دون اتفاق مسبق ولا حكومة الا بالمثالثة، وهذا يعني ان لا دستور ولا قانون يحكم الا قانون دويلة حزب الله ويتحول لبنان الى محافظة ايرانية كما كان في السابق محافظة سورية محكوما برجالات المخابرات ويصبح الرئيس بأقصى الأحوال محافظا في دول الممانعة.
على ما يبدو لن يكون ملء فراغ بعبدا سريعا بعد التكهنات بان جلسة 14 حزيران قد فتحت الابواب نحو الخيار الثالث وان الحل لن داخليا بانتظار مسار التسوية الاقليمية والدولية، وحتى ان فرضت تسوية خارجية لا شىء يوحي بان حزب الله سيكون متقبلا بان يحكم لبنان من رئيس لا يعمل وفق ما يريده، خصوصا وانه لن يقبل بان ييوضع مستقبل سلاحه على طاولة الحوار فهو خارج هذا الامر ولن يرضى برئيس لا يوافق خياراته التحالفات الاقليمية ولن يرضى بأي عملية إصلاحية خصوصا اذا اضرت بشركائه وبمحمياته التجارية والمالية وكذلك لن يقبل بأن ينسحب من الحدود لضبطها من قبل القوى الشرعية لان ابوابها المفتوحة باب رزق لميليشياته وميليشيات حلفيه السوري والإيراني.
وعليه لا يمكن التأمل الا بمعجزة تنقذ البلاد والعباد من بلاء الاستكبار والاستعلاء الى التواضع من اجل بقاء وطن اسمه لبنان.