لبنان وغياب الحلول السحرية
أحمد مطر
من الواضح ان المشهد الداخلي غارق في جمود طويل حيال موضوع الاستحقاق الرئاسي وسيبقى الوضع في حال من الشلل ما دامت القوى السياسية سلمت تماماً لحالة انتظار ما ستؤول اليه مهمة لودريان علماً ان جوهر العنوان الأساس لمهمة لودريان يكمن في محاولة البحث عن مخرج من الأفق الرئاسي المسدود عبر استجماع الآراء والأفكار من القوى السياسية في الزيارة الأولى، تمهيداً لإمكانية اقتراح مبادرة ما في الزيارة الثانية المرتقبة. وتحدد محور الحراك الفرنسي بطريقة الوصول إلى مساحة مشتركة بين القوى السياسية .
انطلاقاً من ذلك، تشير مصادر سياسية معنية التقت الموفد الفرنسي، أن لا حل للاستعصاء الرئاسي الا عن طريق البحث عن أسماء أو اسم يحظى بتوافق القوى السياسية الأساسية، وإلا سيراوح الملف الرئاسي في دوامة الشغور نفسها. وبالتالي السؤال الأساس بات هل بإمكان فرنسا الوصول إلى مساحة مشتركة بين القوى الأساسية.
والإجابة واحدة إذا بقي فريق الممانعة متمسكاً بمرشحه، لن تتمكن باريس أو أي عاصمة أخرى من تحقيق أي خرق رئاسياً. وبالتالي، ان دور باريس الأساس الآن، والحل الوحيد أمامها، هو إيصال القوى السياسية كلها إلى مساحة مشتركة، أي أن تتوصل إلى مبادرة جديدة حول اسم تلتقي حوله معظم القوى. لذلك حل سؤال أساس ضمن أسئلة الموفد الفرنسي خلال لقاءاته في بيروت هل الأسماء التوافقية تشكل مخرجاً من هذا الاستعصاء.
الانطباع الذي خرج به لودريان إثر زيارته الأولى على هذا المستوى، مفاده أن الوصول إلى مساحة مشتركة غير متوافر حتى الآن. وإذ أبدى معظم الأفرقاء الذين يرفضون وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية استعدادهم للبحث في أسماء توافقية، لا يزال الثنائي الشيعي على موقفه، وتؤكد مصادر قريبة منه أنّه متمسك باسم فرنجية، ولا خطة ب حتى هذه اللحظة
إلى جانب معادلة مرشحي أو الفراغ، انتقل حزب الله إلى معادلة فرض جديدة بالتوازي مع معادلته الرئيسية، بحسب جهات سياسية معارضة، وهي الحوار أو الفراغ، هذه المعادلة مرفوضة أيضاً، فلماذا الحوار وحول ماذا طالما أن هذا الفريق متمسك بمرشحه المرفوض من معظم القوى الأخرى؟
حتى التيار الوطني الحر يرفض الحوار مع الحزب إذا لم يسقط خيار فرنجية. أما المعارضة المسيحية، لا سيما منها حزب القوات اللبنانية، فتعتبر أن تشديد الحزب على الحوار أخيراً في ظل معرفته باستحالة إيصال مرشحه المرفوض، قد يكون إما لإقناع الآخرين بمرشحه، وهذا ليس بحوار وإما لنقل مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس من مجلس النواب إلى طاولة الحوار، أو لطرح مواضيع أو ملفات أخرى خارج السياق، مثلما أوحى بعض المسؤولين في الحزب، ومن بينهم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. فيما أن أي طروحات مربوطة بالاستحقاق الرئاسي مرفوضة من المعارضة، وبالتالي لا حوار
من جهتها، تقول مصادر مطلعة على موقف الحزب، أن الهدف من التركيز على الحوار، هو لشرح مواصفات وحيثيات مرشحنا ومحاولة إقناع الأفرقاء به، والنقاش معهم بأهمية هذا المرشح في هذه الظروف تحديداً. كذلك للنقاش مع الآخرين حول مرشحهم إذا وُجد. وتؤكد أن الرهان على كلمة سر إيرانية لتغيير الموقف رئاسياً ساقط، مشددة على أن الإيرانيين لا يتدخلون في هذا الملف، مذكرةً بأن الرئيس السوري بشار الأسد قال لرئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون الذي زار دمشق أخيراً ان الملف عند السيد حسن نصرالله، وكل من يراجع الإيرانيين يسمع الإجابة نفسها. ولا يزال الحزب يراهن على تبدل لبناني في المواقف الرئاسية، وهو قادر على الانتظار.
مقابل عدم تزحزح الثنائي الشيعي عن موقفه رئاسياً حتى الآن، تقول مصادر سياسية مطلعة: ان الحل الرئاسي انطلاقاً من التركيبة اللبنانية، ومنذ بداية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس، أي منذ 10 أشهر، كان ولا يزال في يد حزب الله. وإذا أراد الحزب انتخاب رئيس، فهو يعرف المسار إلى ذلك، وهو ليس عن طريق الحوار. وإذا اقتنع الحزب بتحرير الاستحقاق الرئاسي، فيمكنه فعل ما لم يفعله في الزيارة الأولى للموفد الفرنسي أخيراً، وهو أن يسلم لودريان في زيارته الثانية مجموعة أسماء يعتبر أنها توافقية خارج إطار مرشحه الأوحد سليمان فرنجية
فهذا الطريق الوحيد الذي يوصل إلى انتخاب رئيس، ويكسر حالة الشغور، ويُنجح المهمة الفرنسية. مع الإشارة إلى أن قوى سياسية عدة تعتبر أن لبنان ليس ضمن الأوليات الخارجية الآن، لا الإقليمية على الخط السعودي ، الإيراني، ولا الدولية ومحورها واشنطن، وإذا أفشل الثنائي الشيعي مهمة لودريان فلن يشهد لبنان هذا الصيف انتخاب رئيس للجمهورية .