أيام ذهب ريحها وريحانها في سيرة “أطياف الأمكنة”
لحسن أوزين
استمتعت كثيرا بسيرة “أطياف الأمكنة” لعبد اللطيف محفوظ. نص جميل سهل وسلس، وله عمق جذاب. يتمثل ذلك في ارتباطه بأيام أزمنة جميلة عالقة في الذاكرة. وعادة مثل هذه الأيام الماضية الموشومة في الأعماق، تحضر باستمرار، ليس دفعة واحدة، بل تغير وجوهها، حسب الظروف والمواقف و الحالات النفسية للإنسان. وهي تتسرب بشكل ذاتي، وفق رغبتها، من مناطق مجهولة في الذاكرة، من خلال آليات الانتقاء والبتر والتجزيء…
لذلك يصعب على الكتابة أن تحيط، بشكل كامل، بأيام الأزمنة العالقة في تجاويف الذاكرة. خاصة وأن الكتابة أحيانا تمارس، هي الأخرى، نوعا من التجاهل والقهر والكبت، ضد بعض أشكال حضورها الملحاح. تتجنبها وتمارس في حقها لعنة الصمت والنسيان، رافضة أن تمنحها حق الوجود ككتابة/شهادة تشهد على نفسها وعلى الذات والواقع والآخرين.
إلا أن السارد في “أطياف الأمكنة” استطاع أن يقدم لنا نصا شائقا وممتعا، ومحفزا على مواصلة القراءة، و تتبع خيوط نسيج النص في تسلسلها الخطي غالبا. وفي هذا التذكر يحضر الماضي، بتوسط من الكتابة. يسلط الحاضر، لغة وفكرا وكتابة ووعيا، أضواءه على هذه الاطياف التي امتلكت قوة وتجذر البقاء والاستمرار، رغم تطاول السنين تجربة وخبرة وأحداثا ووقائع…
العنوان: الأبعاد والدلالات
رغم أن العنوان الفرعي للكتاب واضح في ميثاق القراءة الذي يصرح به الكاتب للقارئ، على أن النص يتعلق بأوراق من سيرة الطفولة، فإن دلالاته وإيحاءاته أبعد من النقل الحرفي المباشر للواقع. فقوة المتخيل واضحة جدا في كلمة أطياف التي تملك قوة روحية ورمزية. الشيء الذي يجعلها حاضرة باستمرار. وبصور وأشكال وأبعاد متفاوتة ومختلفة. يتم هذا من خلال قراءات مختلفة يمارسها السارد تجاه نفسه، مفكرا ومتأملا ما عاشه في طفولته. ففي كل مرحلة من صيرورة الذات في وجودها الاجتماعي التاريخي والنفسي المعرفي، تتحصل الذات على سجلات ثقافية وفكرية، ونماء نفسي عقلي معرفي ووجداني. فتعيد قراءة هذه الاطياف الرافضة للتآكل والتفكك والاندثار. وذلك نظرا لما اكتسبته من قيمة نفسية ومعرفية وتقديرية في أعماق السارد، لدورها الكبير في البناء الشخصي والذهني، والاجتماعي. وهذا ما يجعلنا أمام ماض لا يكف عن أن يكون حاضرا. متغيرا ومتجددا باستمرار، دون أن يفقد بعده التاريخي الاجتماعي كتجربة وخبرة معاشة في أطوار الطفولة، في علاقة الذات مع نفسها والآخرين والعالم.
هذا يعني أن الطفل القابع الآن في الكتابة، أو أوراق السيرة، خاضع للقوة الرمزية الروحية للأطياف، أكثر من قدرته المستحيلة على نقل مرحلة من العمر ملتبسة ومعقدة ومتشابكة ومتطورة في سياقات صيرورة الذات في علاقاتها بنفسها، وبالآخرين والعالم.
أولا/ أطياف أمكنة الزمن الجميل
غالبا ما تخرج أطياف الماضي من كهوفها في الذاكرة، بفعل الاستفزازات التي يمارسها الحاضر. عندما يكون الفرد مسكونا بالحنين الأقرب الى حلم العود الابدي، لحياة جميلة، لا تشبهها الحياة المعاشة الآن هنا. حنين مشوب بالغرابة والسخط والتذمر إزاء صيرورة لا تتوقف عن سلخ العمر بقسوة لا ترحم هشاشة الانسان، الذي تنقذه أطياف الزمن الجميل من عنف الصيرورة الفظيع.
هكذا نتعرف على السارد طفلا بدويا يعيش في البادية وسط الفلاحين. تبعا للتقاليد والأعراف القبلية البدوية، والقيم الثقافية الاجتماعية تمت تنشئته وتربيته. ورغم أنه الأصغر في الاسرة فإنه لم يحظ بأي امتياز خاص. فقد نشأ وكبر معتمدا على نفسه ومستقلا في الكثير من الأمور التي تخصه وتهمه، من الذهاب وحده الى المدرسة والعودة الى البيت، في ظروف وأجواء صعبة جدا على طفل صغير. رحلة يومية محفوفة بالمخاطر والخوف، الذي زادت من حدته التصورات والمعتقدات الخرافية والغيبية الرهيبة. ويعتمد على نفسه أيضا في علاقته بالآخرين والعالم. لذلك عاش تجارب مؤلمة ورثته عذابات مفزعة، أثرت عليه نفسيا وجسديا، وفي الوقت نفسه ساهمت في تكوينه النفسي والجسدي، وفي إثراء خبرته وتجربته في الحياة
اتسم الجو الأسري، ومع الجيران بالتسامح والتعاون والسخاء والكرم. ولا علاقات سلطوية بين أفراد الاسرة، حيث لا وجود لقهر وتسلط الاب. بل كان متفهما وميالا الى الحوار بالتي هي أحسن في الكثير من المواقف مع أبنائه، ومع الجيران. متمسكا بالأخلاق الدينية في سلوكاته وتصرفاته ومواقفه. محاولا أن يكون قدوة حسنة لأبنائه في التقبل والاحترام للآخر، وقبول الاختلاف، وعدم التعصب في النقاش والنصيحة وتقديم المساعدة للجار، دون أية أحكام أخلاقية سلبية في حق الاخرين. كما حدث مثلا مع الجار الذي يأتي في حالة سكر بعد منتصف الليل.
وجو الألفة والتسامح لا يقتصر على العلاقات بين الناس، بل يمتد الى العلاقة مع الحيوانات، كالكلاب والقطط، ومع الطيور، خاصة اللقلق و الحمام. وكان السارد ممتعا في حكيه عن هذه العلاقات خاصة مع كلبه بلاك الذي كانت علاقة محبة قوية تربطه مع كل أفراد الاسرة. كما كان سرده شائقا عن علاقة ابن عمه عبد الاله بالحمام. ففي تواصله مع ديك الحام، نكون أمام قصة، غريبة وعجيبة وأخاذة، ومثيرة للتفكير والشك والسؤال حول الحد الفاصل بين الواقع والخيال في هذا الحكي الجميل الأخاذ.
وأحيانا يتراجع الطفل الى الخلف ليفسح المجال للرجل الذي صاره، ليقدم تحليلاته وأحكامه المعيارية والنقدية. مثلا في نقده لعلاقة الانسان بالحيوان والطيور. ” الطيور التي دجنها الانسان، أفقدها سمة التزاوج والوفاء…وحتى الحمام الأليف الذي ينصاع، ولو بعد أيام، لرغبة مالكيه في تغيير الشريك، فبدت لي قساوة فعل الثقافة في تطويع الطبيعة…أما حين أتملى تدبير الانسان للتزاوج القسري بين الحمير وإناث الأحصنة من أجل إنجاب البغال، فأدرك فظاعة جشع الانسان ومسؤوليته في إفساد أخلاق كل من رضي بألفته التي أوردته الحرمان من فطرة الألفة والمحبة والاتزان.”26
كما كان يعبر عن حنينه وشوقه الى ذلك الزمن الجميل، في أجوائه وفضاءاته، ونوع العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة بين الناس، والكثير من الطقوس والعادات، وأشكال التواصل والتعبير التي كانت تؤطر التفاعلات، وتؤسس لثقافة الحس المشترك بين الناس.
“رافقت أمي وهي تودع جاراتها، واحدة واحدة. وكم كنت أغالب دمعي، وأنا أراقب عناقهن المثير، وأتملى، في شيء من الحزن، الأسى الذي تفصح عنه ملامحهن، خصوصا أنهن يسلمن عليها بطريقتهن التي ربما لا توجد إلا بين نساء قبائل بني هلال. كم اشتقت الآن الى رؤية تلك الطريقة الطريفة التي هي فن في جوهرها.”43
وبحكيه الجميل الممتع استطاع السارد أن يجعلني أتفاعل مع مختلف الأمكنة والفضاءات التي عاش فيها من طفولته الى اليوم. بمشاكلها وصراعاتها، وأنواع الخصومات والصداقات، والحزازات والتحالفات والمؤامرات المصلحية والمادية. والعلاقات التربوية والبيداغوجية التي عرفتها المؤسسات التعليمية من المدرسة الى الجامعة. هكذا كانت المسارات والصيرورات، من تيسة الى أنفا مرورا بالكثير من الأمكنة، خاصة أحياء مدينة فاس، التي شكلت القاعدة الأساس لطفولته، وربما لشخصيته، كما كانت المصدر الأساس لأطياف الأمكنة التي ترافقه أسئلتها باستمرار.
“راج في ذهني الغر، ونحن نغادر في ذلك المساء بيتنا، الى الابد، سؤال بسيط: لماذا نأسف – مثل الجميع- على فراق كل حيواناتنا الاليفة التي أفسدنا حياتها، ولا نأبه لفراق اللقلق الذي لم نؤثر في ثقافته؟ ولماذا لا نعيره حتى نظرة وداع، وقد كنا نعتز باختياره سطحنا، ونتحدث عنه بعده لقلقنا؟ وكتمت حيرتي من عدم اهتمام أحد بتوديع زوج اللقلق أو الحزن عليه، واكتفيت بنظرة حزينة إليه ولوحت له بيدي، وفي نفسي أسئلة صغيرة بلا أجوبة…” 46
كما نتعرف على التصورات والمعتقدات الشعبية والثقافية التي كانت تشكل خلفية الاطار المعرفي للمجتمع في تلك الفترة. بالإضافة الى التفاوتات الاجتماعية الطبقية. ومدى تأثير هذا كله على الفرد والجماعة والفئات الاجتماعية، على مستوى التفكير والدلالات والعلاقات والتفاعلات، وبناء الرؤى والأفكار…
ولعل في حادثة أم كلثوم التي تناولها السارد في العلاقة بالتلفزيون، ما يعري ويكشف الاذلال والمهانة التي تعرض لها الشعب في أغلب فئاته الفقيرة. وما يكشف عن خطورة الاعلام السياسية والثقافية في خلق توجهات وقيم واهتمامات، تؤسس لثقافة وخطاب الجموع والسلطة، التي تحتوي الفرد وتحول بينه وبين الأسئلة الحقيقية القادرة على بلورة التفكير والفكر النقدي. ” لكن إعجاب الناس المدهش بها حجب علي تقويمي الخاص، وأدمجني في توق الجموع…”65
في ظل هذه الاختلافات والتناقضات والخلفيات الفكرية والأيديولوجية، داخل الأسرة وفي العلاقة مع الاخرين والمجتمع ككل، تزداد تعقدا حيرة الطفل ، مما يخلق لديه الكثير من الالتباسات التي تعمق رعب الأسئلة التي كانت تحاصره. وتسهم في توريطه في الوعي الشقي.
وهذا ما اتضح مثلا خلال حضوره للنقاش الذي دار بين أفراد العائلة حول قرار الدولة أن تقام الصلوات بالمدارس. “لم أستوعب جيدا ما قيل، لكنني فهمت أن أكثرهم كان ضد القرار. كان موقفهم قريبا من موقف امحمد، فتشوشت أفكاري، وحرت بين تمجيد أبي وأخي البكر للقرار، واعتراض امحمد وأبناء عمي ذوي المعرفة، فشكل ذلك شرخا عميقا في تصوراتي، حتى صرت، قبل الأوان، مسكونا بوعي شقي…”71
هذا الوعي هو الذي ستتعمق أسئلته مع السارد سواء حين صار يافعا، قادرا على تحدي معضلة الهوية التي حاصرته في طفولته. أو حين التحق بالجامعة أستاذا مؤقتا ثم رسميا، فقد واجهته حقيقة الدلالات والمعاني المقنعة بالشرف والفضيلة والأخلاق.
“تساءلت كيف يسمح الضمير لطبيب أن يمارس الكذب من أجل حصد أموالا بلا شرف، وهو يستطيع أن يكسب بجهده وإخلاصه لمرضاه عشرات المرات ما يتقاضاه موظف شريف. ودوت كلمة شريف في رأسي، فضحكت، على الرغم من المآسي المتراكبة، وفكرت، وقد زاد سهومي حتى نسيت أمر سيارة الأجرة: (كان يقال إن كثيرا من المعلمين يفرضون الساعات الإضافية وكثير من الأساتذة يستريحون في حصص المدرسة العمومية ويتنافسون في المدارس الخاصة، وبعض الجامعيين يكتبون لغيرهم… وأما المحامون والقضاة وووووو… كان يقال إن الثمانينيات والتسعينيات عقدان عرفا أوج الفساد حتى صار عنوانه… وصار النزهاء، فيهما، أضحوكة). 106
هكذا كان الطفل اليافع، والطفل الرجل، ينتهك منطق زمن السرد الخطي. يعيد النظر في الوقائع، ويدلي بدلوه حكما وتأويلا لماض عاشه الطفل القابع الآن بين تضاريس الكتابة. والسارد في هذا لا يخرق منطق الميثاق المحصور في أوراق من سيرة الطفولة، بقدر ما يؤكد بأن الكتابة لها ذاتيتها الخاصة المستقلة عن رغبة السارد في النقل الحيادي الأمين لما وقع من وقائع وأحداث وأفعال.
رغم ما في النص من واقعية مرتبطة بوقائع عاشها الطفل القابع في جوف السارد، ورغم التصريح بالتشابه الكبير على مستوى الاسم بين الكاتب بين والسارد، فإننا نعتقد بأن للكتابة منطقها الخاص، وللصيرورة فعلها الخاص. ومهما كان صدق المتن والقصة، فللخطاب سحره الخاص الحاسم، في الترتيب والتصنيف، والاخفاء والاظهار، وفي الكشف والتعرية، وفي الإضافة والحذف، وفي القدرة على الاعتراف وتكريس صمت الذاكرة…
إننا أمام سيرة كان فيها المتن لعبة بين يدي الكتابة في اشتغال آليتها الداخلية بالاعتماد الكلي على قوة التخييل في استحضار صور رمزية هاربة من الماضي أخذت شكل أطياف لها سلطتها الرمزية والروحية الخاصة.
ثانيا / أسئلة الكتابة والسياقات الغائبة
ستزداد متعة القارئ بهذا النص كلما عايش الفترة التاريخية التي يتحدث عنها السارد. وستحضر أثناء القراءة كل المعطيات والوقائع والاحداث، والعلاقات الاجتماعية ، ومختلف التفاعلات بين الناس، وفي علاقتهم بالطبيعة، وبكل الكائنات الحية من الحيوانات والطيور…
إنها سياقات لا يمكن لأية كتابة أن تدعي استحضارها كليا، بل فقط ، كمؤشرات وعلامات نصية. لهذا من الطبيعي أن يختلف ويتفاوت تفاعل القراء مع هذا النص. ومع ذلك أستطيع أن أقول إن ثقافتنا المجتمعية في الكثير من تفاصيلها التاريخية الاجتماعية ماتزال قريبة من الحكي الشعبي في حفظ وتداول الاحداث والوقائع وأنماط الحياة المعاشة عبر تاريخ المغرب الحديث والمعاصر. وهذا ما قد يكون بمثابة سجل ثقافي يسند القراءة في تفاعلها مع النص.
كما أن عسر ولادة التحديث والحداثة في مجتمعنا جعل الكثير من التفاصيل الماضوية الاجتماعية والاقتصادية، والمجالية الايكولوجية بين البادية والمدينة، والثقافية والقيمية، وكذلك التصورات والمعتقدات الخرافية والغيبية ماتزال حية في التربية والتثقيف والتنشئة الاجتماعية. وهذا ما سيساعد أيضا القارئ على تكوين وتطوير أسئلة يفجرها النص.
رغم عنف صيرورة التحديث الكولونيالي، واجتثاث الكثير من الأطر الاجتماعية والثقافية والقيمية التقليدية، فإن التغيير والتطور الحقيقي للمجتمع ظل مأسورا بين جدارن السلطوية والتخلف والقهر. وهذا ما يتضح جليا مثلا في حقل التعليم الذي ظلت نفس الأسس والسياسات والثقافات تتحكم في تفاصيله وتجعل قاعة الدرس من المدرسة الى الجامعة سجنا وعذابا مرعبا. للأسف ففي هذا النص الجميل ما يشهد على هذه الحقيقة من الستينات الى اليوم. السياسات والبرامج والمناهج والمقرارت….عجزت كليا عن خلق علاقات صحية فيها نما وإثراء وفرح ساحر جذاب للتعلم والتعليم. لا التلميذ ولا الأستاذ من المدرسة الى الجامعة راضيان ومتوافقان نفسيا ومعرفيا وأخلاقيا مع المناخات التربوية وقاعات الدرس.
فالسارد يضعنا أمام هذه الحقائق وهو طفل ثم يافع وأخيرا أستاذ بالجامعة. معطيات وتفاصيل تحيط بالتعليم وتجعله محرقة وعذاب مشحون بالكراهية والحقد والعنف الرمزي والجسدي. السارد يستفز في أعماق القارئ هذه الاستحالة المرعبة في عدم قدرة التحولات السوسيولوجية على تغيير هذا الواقع التعليمي العصي في وجه الصيرورة.
“كنت أتقاطع مع أخي، أنا أخرج وهو يدخل، مع امتياز لي، دائما، فأنا أكون سعيدا مثل الجميع حال مغادرة الدرس، وهو مبتئس مثل كل التلاميذ وهم يدخلون الى أقسامهم… لذلك لم يسبق لي أن رأيته في المدرسة إلا ” عبوسا قمطريرا”…”70
الواقع نفسه لا تزال مؤسساتنا التعليمية تحتضنه من المدرسة الى الجامعة. إنه سؤال مرعب ورهيب. راكمت البلاد حوله سلسة من الإجابات فيما كانت تسميه إصلاح التعليم. لكن للأسف ظل السؤال ميتافيزيقيا، غيبيا مفارقا للتاريخ لا تقوى الدولة والمجتمع والثقافة… على الاستجابة لتحديه في النهوض والتطور…
“تآمر علي بعض الزملاء، فمنعوني من تدريس المواد التي كنت مؤهلا أكثر لتدريسها، ومنعوني من حق الاشراف على بحوث الاجازة بدعوى أنني لست خريج تكوين المكونين، وأسندوا تلك المادة الى رفيقة لهم في منظمتهم اليسارية بهدف إلحاقها على الرغم من أنها لم تكن حاصلة على الدبلوم الذي يخول الالتحاق بالجامعة… صرت أستاذا مساعدا متدربا، ولم يعكر صفو سعادتي بقرار العميد، إلا قرار إعفاء زميلين كانا مجندين معي. أحدهما، سيعين بقرار فوقي بفضل علاقات شقيقه الذي كان شخصية عامة معروفة، أما الثاني، الذي لا سند له، فسيقضي بعد شهر بنوبة قلبية، مخلفا أرملة شابة و بنتا في المهد…”106و107
المعطيات نفسها حول واقع الجامعة تضمنتها سيرة سعيد بنكراد “وتحملني حيرتي وظنوني” التي كتبت مقالاعنها سابقا.
الهامش
عبد اللطيف محفوظ أطياف الأمكنة ( دار الفاصلة للنشر ط1س2023