هل من توجهات جديدة في مهمة لودريان؟

هل من توجهات جديدة في مهمة لودريان؟

فاطمة حوحو

يمكن القول ان اجتماع الخماسية في الدوحة كان لتنظيم حركتها تجاه حل أزمة الانتخابات الرئاسية، وتسهيل حركة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان في جولة مشاوارته الثانية حاملا صيغة ما للمسؤولين اللبنانيين علهم يتجاوبون حواريا ويضعون حدا للمواقف المتشجنة التي يدرك اصحابها ان الوقت لم يحن بعد الى صنع تفاهمات تخرج الاستحقاق من الشرنقة، على الأقل ان لا جديد مؤثر على صعيد المفاوضات الاميركية ـــ الإيرانية تؤشر الى انعكاس التفاهم النووي بين الطرفين على الساحة اللبنانية.

يدرك حزب الله ان لا مجال أمامه سوى التخلي عن مرشحه للتوافق على الخيار الثالث او الذهاب الى انتخاب ديموقراطي وفق الاجراءات الدستورية، وهو يعرف أيضا انه لن يستطيع في ظل موازين القوى الحالية ايصال “حامي ظهره” الى قصر بعبدا، ولن يستطيع إقناع رئيس التيار الوطني الحر رغم فتح قنوات الاتصال والاجتماعات المشتركة بسليمان فرنجية، كما أن جبهة المعارضة تدرك ان ليس بامكانها ايصال مرشحها جهاد أزعور بسبب تذبذب باسيل وتقاطعه غير الصادق معها، فهناك حسابات لنواب التيار الذين جاؤوا باصوات حزب الله في مناطقهم ولن يكون بمقدروهم التخلي عن تحالف جاء بهم الى السلطة وتنعموا بنعيمها. كما ان هناك نواب سنة ومستقلين وتغييريين يميلون وفق اتجاهات الرياح.

وعليه يطرح السؤال ان سيستطيع لودريان كسر حالة الجمود الحاصلة في معركة الرئاسة، وما هو الجديد الذي سيحمله قريبا، صحيح ان باريس باتت مقتنعة بالحل الوسط، بعد ان اظهرت المعارضة اللبنانية موقفا من التسوية التي حاول الرئيس ايمانويل ماكرون تسويقها وفقا لما جرى في العام 2016 وهو بدا مستعجلا في الحل لاسباب متعلقة بالمصالح الاقتصادية والمالية، معتبرا ان الامر الواقع يفرض ذلك، لكن موازين القوى اليوم اثر انتخابات النيابية الاخيرة اختلفت داخل البرلمان ولم يعد بإالامكان اعادة تلك رسم تسويات شبيهة اوصلت لبنان الى الجحيم.

صحيح ان لباريس مكانة عند اللبنانيين ولها قدرة تواصل مع الجميع، لكنها فقدت ثقة جزء من اللبنانيين عندما دعمت مرشح حزب الله، لا سيما في الوسط المسيحي، وعليه تم التراجع ليعود ماكرون عبر تكليف لودريان للعب دور يحفز اللبنانيين على الحوار للتوافق على رئيس والخروج من المعادلة التي بينتها الجلسة 12 لانتخاب الرئيس في المجلس النيابي.

الا ان الفرنسيين على ما يبدو لا يحملون حلا سحريا كما بدا من جولة لودريان الاولى وعليه يكون التنسيق عبر الخماسية امرا ضرويا من اجل اعتماد صيغة جديدة مقبولة وقادرة على اختراق هذه المعادلة.

بدا ان فرنسا أرادت من خلال تكليف لودريان اقناع اللبنانيين بوسطيتها، ولودريان رجل ثقة ويمكن الاعتماد عليه ويعرف الملف اللبناني وعلاقاته مع الدول العربية وبالتحديد مع دول الخليج جيدة ويستطيع تحديد وحصر المشكلة بين الاطراف اللبنانية وتحريك المياه الراكدة في ازمة الرئاسة.

قد يكون الاتفاق السعودي ـــ الايراني حفز الفرنسيين على العمل بهذه الطريقة، لكن ما يعيق مهمة لودريان ليس فقط تشنج مواقف الثنائي والتمسك بفرنجية، وعدم دعم المسيحيين له وعليه قد يكون اللجوء الى فتح حوار مه حليف مار مخايل فرصة لنيل رضا جزء من المسيحيين والحوار على الخيار الثالث بعدما تبرأ باسيل من أزعور. وبالتالي فان هذا يفك عزلة حزب الله، المستفيد حتما من المنافسات الرئاسية في الساحة المسيحية بين الكتل النيابية والاحزاب ومواقف البطريركية المارونية التي تسعى لسد الفراغ الرئاسي وتحفز النواب على القيام بواجب الانتخاب.

ويدرك معظم المعنيين بالملف اللبناني ان المعارضين لحزب الله لا يمكن ان يستمروا دون محاولة التوافق معه فهم يخشون من لجوئه الى فائض القوة ومن تدهور الاوضاع الامنية وقد ظهرت مؤشرات كثيرة على الحدود وفي الداخل، وعليه لا يمكن الا كسر الجدار المسدود والذهاب الى انتخاب قائد الجيش جوزف عون، كما حدث سابقا ولكون هذه المؤسسة لا تميل لطرف ضد آخر فربما يكون ذلك حلا وسطيا مقبولا من الجميع ومدعوم من اصدقاء لبنان.

لبنان بانتظار الجولة الثانية للمبعوث الفرنسي فهل سيكون هناك حل قريب ام ما يزال الوقت مبكرا للتوصل الى اتفاق بين اللبنانيين، والرهان على قدرة لودريان على تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين وتنفيذ خطة حل منسقة مع الخماسية وانضاج تسوية مقبولة.

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

فاطمة حوحو

صحافية وكاتبة لبنانية