الصورة المتصدعة لفرنسا
باريس- المعطي قبال
أي مستقبل للغة الفرنسية بالمغرب خلال السنوات القادمة؟ يطرح هذا السؤال لأن الأحداث الأخيرة تبشر بغد قاتم للغة موليير. تشهد على ذلك الحملات المنتظمة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتراوح نبرتها بين النبذ، الشجب والسخط. طبعا ثمة حالات لأشخاص ضمنهم برلمانيون، يسخطون على اللغة الفرنسية ويتسابقون في نفس الوقت إلى تسجيل أبنائهم في البعثات الفرنسية. ليست المرة الأولى التي يحدث فيها تجاذب من هذا القبيل، مع فارق أن المتصارعين في السابق كانوا ينتمون إلى فئة الطلبة والكتاب بين مناصر ورافض للغة الفرنسية. ومن بين الاقتراحات التي قدمها وعمل بها الفريق الأخير مقاطعته لما كان يسمى بالمراكز الثقافية الفرنسية التي اعتبرها البعض وكرا للتجسس فيما رأى فيها البعض الآخر امتدادا لاستعمار مقنع. وقد لعبت صحافة ما سمي باليسار دور القناة الإعلامية بامتياز. وجد الكتاب الفرنكوفونيون أو كتاب الفرنسية في دور النشر الفرنسية سندا معنويا قويا مكنهم من كسر العزلة، وتحقيق بعض الشهرة لدى القراء الفرنسيين والمغاربة. امتثل بعضهم إلى دور النشر لكتابة نصوص روائية عن المغرب مثخنة بالفلكلور والشعوذة والمعتقدات الخرافية. لا يزال هذا التوجه يدمغ قسما من الأدب المغربي الحديث.
علاوة على ذلك يطرح بعض النقاد السؤال التالي: لماذا وبعد ما لا يقل عن 5 عقود، لم يتعلم كتاب الفرنسية، باستثناء بعض الحالات، الكتابة باللغة العربية؟
أكيد أننا في زمن التعدد والاختلاف اللغوي، لكن لغة الهوية يجب أن تأخذ مقامها إلى جانب بل فوق بقية اللغات. لو اعتبرنا اللغة مرآة للطبقات الاجتماعية، نخلص توا إلى أن الطبقة الميسورة التي ليست بالكاد طبقة مثقفة، ترى في فرنسا مرجعيتها الاجتماعية حتى وإن لم تتقن الحديث بالفرنسية وتتحدث لغة نص-نص، أو ما يطلق عليه بـ «الجهل المزدوج» (لا هي عربية ولا فرنسية).
هذه الطبقة كما هو حال أغلبية كتاب الفرنسية صامتة إزاء السجال القائم من حول «رمي الفرنسية في سلة المهملات» لأنها تعرف جيدا أن الفرنسية متوغلة في أعماق اللاوعي المغربي، وأن الطاريء السياسي الذي تسبب في هذا السجال سيعرف يوما نهايته الحتمية وتعود الأمور إلى نصابها.
إن افترضنا تحقق هذا السيناريو، فإن صورة فرنسا على أية حال في التخييل المغربي قد تصدعت لتعرض علينا صورة بلد عنصري، إسلاموفوبي… الخ، يتجه نحو الانكفاء بدل الانفتاح. أما كتاب الفرنسية فعليهم أن يفكروا في مستقبل قرائهم ومستقبل اللغة التي يكتبون بها.
على أي فهذا التصور للصورة المتصدعة لفرنسا تتقاسمه عدة بلدان في دول المغرب العربي وفي إفريقيا.
Visited 16 times, 1 visit(s) today