عن إعادة تأهيل النظام الايراني

عن إعادة تأهيل النظام الايراني

حسين عابديني

موضوع إعادة تأهيل النظام الإيراني والعمل على دفعه دوليا بالاتجاه الذي يمکن أن يندمج مع المجتمع الدولي ويخضع لقوانيه وأنظمته المتعارف عليها، موضوع له جذوره الى ماقبل الثلاثة عقود الماضية عندما شرع بعض الدول بتنفيذ سياسة”الاحتواء المزدوج”، في سبيل إحتواء وإعادة تأهيل نظام ولاية الفقيه في إيران، وبالنسبة هذه السياسة يمکن القول بأن هذه الدول لم تکن تتعامل بمعيار واحد مع الملالي الحاكمين في إيران، بل کان هناك تباين واضح يميل أکثر لصالح النظام الايراني، وهو أمر يمکن تبريره وتعليله لأکثر من عامل يتعلق بالمصالح الخاصة لهذه الدول وکذلك بتعويلها على مزاعم الاعتدال والاصلاح وإمکانية حدوث تغيير إيجابي في النظام يعود بالنفع على المجتمع الدولي.

هناك ثمة حقيقة بالغة الاهمية من الخطأ الفاحش تجاهلها وعدم الاخذ بها بنظر الاعتبار والاهمية، وتتعلق بتلاقف النظام الايراني لموضوع السعي الدولي من أجل إعادة تأهيله وجعله يندمج مع المجتمع الدولي، خصوصا وإن النظام کان يعلم جيدا بأن الخط العام لنهجه الذي يتمسك به بقوة ولايمکن تخليه عنه، سوف يصطدم مع المجتمع الدولي وهو مايصبح عامل ضغط ضده يمکن توظيفه بسياقات قد تسرع في عملي‌ إضعافه وبالتالي إسقاطه، ومن هنا فإن مزاعم الاعتدال والاصلاح التي فتح النظام بابا وخصص مساحة مناسبة لها، کان الهدف من ذلك أساسا إشغال المجتمع الدولي وجعله يعيش على أمل حدوث تغيير من داخل هذا النظام، ومن الواضح جدا إن بلدانا بلعت هذا الطعم وعولت عليه الکثير من الامال على الرغم من التحذيرات المتکررة لرئيسة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، مريم رجوي من ذلك والتأکيد على إنها مجرد خدعة وکذبة من جانب النظام الهدف منها تخفيف الضغط عنه ومشاغلة المجتمع الدولي به والقيام في ظل ذلـك بتنفيذ مخططاته عموما ومشروع النظام في المنطقة خصوصا.

من دون شك فإننا لانکون منصفين إذا ماقلنا بأن سياسة إحتواء النظام الايراني التي تقولبت بعد عام 2003، بإطار مسايرة وإسترضاء هذا النظام، لم تخدمه ولم تساهم في إبقائه ومنحه المزيد من القوة للتغول علب شعبه وعلى بلدان المنطقة، لکن المثير للسخرية إنه وعلى الرغم من إن المجتمع الدولي وخصوصا البلدان الغربية لم تستفد إطلاقا من سياسة مسايرة النظام وإسترضائه وکان ولازال المستفيد الوحيد هو النظام ذاته، لکن لم يحدث أي تغيير نوعي بهذه السياسة سوى الاعوام الاربعة من ولاية الرئيس السابق ترامب، وهو ماکشف حقيقة النظام وکذب وزيف مزاعم الاعتدال والاصلاح الحذر الذي ظهر على إدارة الرئيس الحالي، وهذا ماجعل خامنئي يبعد تيار الاعتدال والاصلاح المزعوم ويقوم بذلك بتنصيب ابراهيم رئيسي کرئيس للنظام وترکيز الاخير على سعيه للإنفتاح على بلدان المنطقة والعالم بما يوحي إن النظام في مسعى من أجل الاندماج مع العالم وهو مايناقض حقيقة وواقع النظام خصوصا وإن رئيسي من أقرب المقربين لخامنئي وله ماض دموي لايخفى على أحد ولاسيما دوره کعضو في اللجنة الرباعية لمجزرة إبادة السجناء السياسيين في عام 1988، وکأن النظام يقول بأننا الان مستعدون بوجهنا الحقيقي وليس المصطنع لإعادة التأ‌هيل والاندماج مع المجتمع الدولي، لکن اللعبة کلها باتت واضحة جدا ولاسيما بعد إنفجار الاوضاع بين حرکة حماس وإسرائيل والذي يبدو واضحا بأن للنظام أکثر من هدف ومغزى فيه والانکى من ذلك إنه قد قام بذلك في ظل سياسة مسايرته وإسترضائه والامل نتغييره من داخل!

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عابديني

سياسي ومعارض إيراني