آثار طوفان الاقصى على دول الجوار
أحمد مطر
مع استمرار حرب التدمير التي تمارسها اسرائيل ضد حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة والأمن والغذاء والصحة والسكن والتعليم، عبر تدمير ممنهج لمقومات الحياة في مدينة غزة والقطاع، تحت ذرائع واهية ومطالب أهداف تصل الى درجة الاستحالة، كالقضاء على حركة حماس، او إعادة زرع المستوطنات في غزة، او حكم غزة بذريعة ان دولة الاحتلال لا تثق بغير اجهزتها من اجل الامن، كانت الحركة الأميركية باتجاه اسرائيل ودول المنطقة ذات الصلة تنشط لانضاج اتفاق اطلاق سراح مجموعات من الاسرى لدى حركات المقاومة ومجموعات مماثلة من الفلسطينيين في سجون الاحتلال، في وقت اشتعلت فيه الساحة الجنوبية بترصد العمليات النوعية لحزب الله، ومدى الردود المعادية على الآمنين او خراج القرى المحاذية لما كان يسمى قبل التحرير عام 2000 بالشريط الحدودي .
ففي الوقت الذي تابع مستشار الامن القومي في البيت الابيض جيك سوليفان مهامه المكوكية، من اجل بلورة ملف التبادل الذي يحتاج لهدنة، سميت انسانية او وقف للنار لساعات، عززت الولايات المتحدة الاميركية حضورها عبر ارسال مسؤول الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مجلس الامن القومي بريت ماكغورك الى تل ابيب للغاية نفسها .
بالتزامن، تزايدت المخاوف من ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري في الجنوب، وهو الموضوع الذي بحثته حكومة الحرب في اسرائيل، مع توجه لتوجيه ضربات مماثلة لما يحدث في غزة، ولكن بعد انتقاء الاهداف المدنية او التي تدخل في العمق اللبناني .
وأكدت مصادر سياسية مطلعة أن الوضع في الجنوب لا يزال يبعث بالقلق وكلما توسعت دائرة المعركة كلما بات هذا الوضع غير مطمئن ، ورأت هذه المصادر أن غالبية اللقاءات التي تتم في الداخل تتمحور حول ما استجد فيما لا تزال المعارضة تواصل تحركها من أجل منع لبنان من الانزلاق إلى الحرب والعمل على انجاز سيناريو التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون .
إلى ذلك اعتبرت أن كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لم تخرج عن سياق الكلمة السابقة له لكنها أشارت إلى أن الكلمة للميدان ، ومن فلسطين الى لبنان الكلمة للميدان، أما ماذا تخبئ الأيام على جبهة الجنوب اللبناني، الذي ارتبطت مأساته بمأساة النكبة منذ ما قبل العام 1948، فإن شبح الحرب، على طريقة حزب الله في الواجهة، واذا اندلعت على نطاق واسع.. فمصير لبنان سيتوقف على مصائر دول المنطقة .
بمعنى أوضح، كأن السيد يقول الأمر ليس لي بل للميدان، عسكرياً لا أحد يأخذ هذه المقولة على محمل الجد، الجميع يعرفون أن لا شعرة تسقط من رأس أحد في الجنوب، من صيدا إلى الناقورة، إلا بأمرٍ من حزب الله، فكيف بإطلاق صواريخ، ثم إذا كان يجب أن تبقى العيون على الميدان وليس على الكلمات فلماذا يتكلم ،إن تسليم أمر العمليات للميدان يعني ما يلي
حزب الله يناوِر، إلى أقصى درجات المناورة، ويترك لنفسه هامش التحرُّك من دون أن يتحمَّل هو المسؤولية. كما أن تسليم أمر العمليات للميدان يعني أن إيران، الراعي الرسمي لكل ساحات الممانعة، لا قرار لديها بدخول الحرب إلا في ساحة غزَة حيث يبدو أن رياح الميدان لا تجري وفق ما تشتهي سفن الجمهورية الإسلامية التي تعرف جيداً كيف تقرأ الخرائط، وتميز بين ما هو دعائي وبين ما هو حقيقي. تمارس الجمهورية الإسلامية أعلى درجات المناورة وتقدم للولايات المتحدة أنموذجين أنموذج غزة وأنموذج لبنان، وعلى واشنطن أن تختار، ويبدو أنها اختارت أنموذج لبنان، وعليه ما هو الثمن الذي ستقبضه إيران في لبنان لجهة تركِها الجبهة للميدان.
ختاماً لا مصلحة لبنانية في أن يكون البلد مجرد ورقة إيرانية أو ساحة من الساحات التي تستخدمها طهران لإثبات أنها القوة المهيمنة في المنطقة. أكثر من ذلك، يبدو أن الجمهورية الإسلامية، كما ظهر من كلمة الرئيس إبراهيم رئيسي في قمة الرياض، وهي كلمة استغرق إلقاؤها 27 دقيقة، تريد توجيه رسالة لكل من يعنيه الأمر. فحوى الرسالة أن من حق إيران التعاطي مع المشاركين في القمة العربية الإسلامية بصفة كونها محور القمة والطرف الوحيد فيها الذي يحق له التوصل إلى صفقة شاملة ذات طابع إقليمي مع الإدارة الأميركية .
Visited 13 times, 1 visit(s) today