تمغربيت

تمغربيت

هشام بن الشاوي

 الحكومة المغربية حققت كل وعودها الانتخابية للشعب المغربي، لكن على شاشة التلفاز”. هذا واحد  من عشرات المنشورات الساخرة، التي تنتشر كالنار  في هشيم مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا نقاش، في هذه الأيام، سوى عن إضرابات الأساتذة، تصريحات الوزراء، وأخبار طاولات الحوارات…

فجأة، نسينا أو تناسينا مآسي  هذا العالم، الذي يركض نحو الهاوية مثل حيوان أهوج، كأنما صار  يعيش بدائيته المتوحشة بأثر رجعي. نتابع  – جميعاً – ما يحدث، ونحن نضع أيدينا على قلوبنا، خوفاً على حاضر ومستقبل هذا التراب الغالي، الذي نختصر حبنا له في كلمة: “تمغربيت”، كما جسدها المغاربة في التضامن مع  ضحايا زلزال الحوز أو الفرح بإنجاز المنتخب الوطني في مونديال قطر.

وللتوضيح فقط، فالأساتذة لايضربون من أجل المال، مثلما يحاول  أشباه الصحافيين وبعض المتطفلين على مهنة المتاعب تكريس هذه الصورة البائسة عن نساء ورجال التعليم، وإنما  يفعلون ذلك دفاعا عن المدرسة العمومية، وبدل أن ينشغل بعض المواطنين – وهي حالات لا غير تعبر عن درجة وعيها-  بالمطالبة بحق أبناء الفقراء في التمدرس في جو تربوي صحي (قاعة درس لا يتجاوز عدد تلاميذها 20 أو 25 وليس 45 تلميذا في الفصل الواحد)، فهم يتطاولون – في الشارع، في المقهى، في الأسواق، في السوشيال ميديا – على مربي الأجيال حد نهش العرض، ويتناوسون أن عبر هذا الجدار الاجتماعي القصير، الذي يجيد الجميع القفز فوقه، فقد تخرج الطبيب، المهندس، المحامي، الصحافي، الشاعر، الأستاذ الجامعي، الفلاح، العامل، التاجر، رجل الأمن، الوزير، الجندي… إلخ.
أفلا يستحق هذا الذي كاد أن يكون رسولا أن نكرمه ؟!
أحدهم، يصر على الطواف حول غبائه، ويترحم على زمن القمع (البصري)، على الرغم من أنه شاهد مقطع الأستاذة، التي تفضل أن تعمل في “الميناج”، بدل أن تعود إلى قاعة الدرس ذليلة، أسيرة نظام المآسي.    صديقنا الراديكالي يرفض بشدة الزيادة في الأجور، وحجته في ذلك مهزلة رواتب المدرسين الخصوصيين،  ويدعي بأن الدولة مثقلة بالديون،  لكنه لا يجرؤ على أن ينتقد  معاشات تقاعد البرلمانيين والوزراء، التي تنخر خزينة الدولة مدى الحياة، بدل أن تكون هناك مكافأة نهاية الخدمة، ولا داعي لأن نتحدث عن “زرقة”  بناته  بالتعبير الشعبي البليغ، رغم قصائد الغزل الفاضح، التي يكتبها أمثاله تعبيرا عن  الوله المغربي، والذي طفا فوق السطح، كتعبير عن ظهور طبقة أغنياء جدد يتباهون بأن أبناءهم لا يدرسون مع أولاد الفقراء، وبالمدارس الأعلى سعرا !!   صديقنا المفتون بمتابعة مباريات كرة القدم وتفاهة السوشيال ميديا، لم يحاول أن يفكر أن هناك  من يحارب  التعليم من بعض المتلونين/الانتهازيين  السياسيين في مجتمع يعبد بقرة الجهل المقدسة،  في ظل انزواء النخبة وانشغالها  بالمناصب والامتيازات، حتى نتحول جميعاً، بعد  عقد أو عقود، إلى مجرد  قطيع (أغلبية جاهلة) تتحكم فيه أقلية مثقفة، تحمل شواهد عليا من الخارج، وتتعامل معنا بعقلية استعمارية!   من خلال متابعتنا لهذا الجدل، لاحظنا أن هناك محاولة فرض تعتيم إعلامي من منابر “گولو العام زين”،  كما أن أغلب الساسة لزموا الصمت، وكأن أمر هذا الشعب لا يعنيهم إلا في أيام الحملات الانتخابية، موظفو الوزارة الوصية يصرون على أن يعتبروا  الإضراب تغيبا عن العمل، تابعنا تخبط الوزراء وتضارب تصريحاتهم الحكومية، كمحاولة  للسيطرة على الوضع خوفاً من غضبة ملكية، بعد أن عبر الأساتذة عن التصعيد، بعد قرابة شهرين من الاحتجاجات.

لقد عبر بعض أولياء التلاميذ  عن علو كعب وعيهم ونبل مواطنتهم، ومثلهم ندعو صاحب الجلالة  محمد السادس  إلى  أن يحظى  هذا الملف بالتفاتة كريمة من جلالته، لأن لا أحد يهمه مصلحة هذا الشعب سوى ملك الفقراء.

Visited 15 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

هشام بن الشاوي

قاص مغربي