أول يوم هدنة: أهل غزة يلملمون جراحهم وإسرائيل تهددهم الحرب لم تنته
السؤال الآن ـــــ وكالات وتقارير
إهتمت وسائل الاعلام بما فعله الفلسطينيون في اليوم للهدنة المؤقتة في غزة، اذ خرجوا لتفقد منازلهم، الا ان وضع الدمار والخدمات لا يبشر بإمكانية العودة كما ان التهديدات الاسرائيلية متواصلة بان القتال لم ينته بعد.
ووصفت وكالة الصحافة الوضع بما يلي: في ساعات الفجر الأولى وحتى قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ في قطاع غزة الجمعة، سلك آلاف النازحين الفلسطينيين طريق العودة “إلى ديارهم” لرؤية ما بقي منها.
فقد شهد قطاع غزة على مدى 48 يوما ضربات إسرائيلية عنيفة من غارات جوية وقصف من المدفعية ودبابات منتشرة عند حدوده الشرقية وسفن حربية من الغرب. ومع بدء سريان هدنة الأيام الأربعة التي تترافق مع الإفراج عن رهائن محتجزين في القطاع، في مقابل أسرى في السجون الإسرائيلية، صمتت المدافع والطائرات الحربية الجمعة في خان يونس في جنوب القطاع المحاصر.
وبدلا من أصوات القتال، حلت زحمات سير وأبواق الآليات وصافرات سيارات اسعاف تحاول شق طريقها وسط جموع النازحين الذين خرجوا من المستشفيات التي لجأوا إليها هربا من الضربات.
بدت حياة المعمر (50 عاما) على عجلة من أمرها وقالت لوكالة فرانس برس “أنا عائدة إلى بيتنا” وهي بالكاد تتوقف.
وتابعت “كنا في مدرسة قرب مستشفى ناصر، ونهرب من الموت والدمار وكل ما كان يحدث”، مضيفة بصوت مخنوق “لا افهم ماذا حدث لنا ولماذا فعلوا بنا كل هذا؟.“
انقلبت حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تنفّذ إسرائيل قصفا مدمّرا على غزّة أوقع قرابة 15 ألف قتيل، بحسب حكومة حماس، بينما تضررت أو دمرت أكثر من نصف المنازل، بحسب الأمم المتحدة.
ورغب كثيرون صباح اليوم الجمعة بالعودة لمعرفة ما إذا كانت منازلهم ما زالت صامدة.
على عربة يجرها حمار، يسعى أحمد فياض (30 عاما) للعودة إلى قريته التي تبعد بضعة كيلومترات عن المدينة مع 70 فرداً من عائلته الذين كانوا يعيشون “في إحدى المدارس”.
وفيما انطلقت عشرات السيارات والعربات التي تجرها الحمير والأحصنة، والتوك توك، ألقت طائرات حربية إسرائيلية فوق جنوب قطاع غزة منشورات تحذر الناس من مغبة العودة شمالا. وكتب على هذه المنشورات “الحرب لم تنته بعد” و”العودة إلى الشمال ممنوعة وخطرة جدا”.
ويعتبر الجيش الإسرائيلي شمال قطاع غزة منطقة قتال وأمر كل المدنيين بمغادرتها.
ويصف خالد الحلبي وهو من سكان مدينة غزة الهدنة ب “متنفس بعد 48 يوما من الضغط”، مشيرا أنه نزح إلى مدينة رفح جنوبا.
ويقول “كنت أتمنى أن تشمل التهدئة كل قطاع غزة (السماح بالانتقال إلى الشمال) كي أعود لأعاين بيتي المهدوم وما تبقى منه”. وبحسب الرجل فإن “البضائع ستدخل. لم نعد قادرين على العثور على خبز أو وقود أو طعام”.
وستدخل 200 شاحنة مساعدات يوميا بحسب الاتفاق الذي تم بوساطة قطرية.
وبالنسبة لرائد صقر الذي نزح إلى رفح “أعتقد أن أيام التهدئة هذه ضرورية لمحاولة لملمة الجراح، ومحاولة إعادة ترتيب أوضاع الناس على المستويين الإنساني والاقتصادي” موضحا “النازحون من المناطق الشمالية ومن مدينة غزة يعيشون ظروفاً مأسوية للغاية لا يمكن وصفها”.
أما بسام النيرب فيرى أن التهدئة جاءت “متأخرة للغاية” موضحا “تعرضنا لخسائر كثيرة”. ولكنه أكد “التهدئة ستكون متنفّسًا للناس كي يتمكن السكان من التنقّل وتأمين الغذاء والمياه”.
ويضيف “إن شاء الله أن تشكل هذه فرصة ليتحرك الناس وينعموا ببعض الحياة الطبيعية. وتكون كذلك مقدمة لتهدئة شاملة”.
أما وكالة رويترز فقالت: “بدأت هدنة مؤقتة لمدة 4 أيام بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة اليوم الجمعة، وتأمل وكالات إغاثة استغلال فترة وقف القتال، لتكثيف إيصال المساعدات إلى القطاع المحاصر. ومع تفاقم نقص الغذاء والوقود ومياه الشرب والأدوية في الأسابيع القليلة الماضية حذرت وكالات تابعة للأمم المتحدة من تفشي الأمراض، وهو ما قد يزيد عدد الوفيات بشكل حاد.
ولم تصل أي مساعدات خارجية إلى أجزاء من شمال قطاع غزة منذ أسابيع، ووصف متحدث باسم الأمم المتحدة الوضع هناك بأنه “جحيم على الأرض“.
وفي ما يلي تفصيل للوضع الإنساني في القطاع:
نزوح
هناك نحو 1.7 مليون من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة فروا من منازلهم ونزحوا داخل القطاع.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن قرابة مليون منهم يحتمون في مبان تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وعدد تلك الملاجئ 156 على الأقل.
والملاجئ مكتظة للغاية بما يفوق طاقتها بأكثر من 4 أمثال بعد أن فر عشرات الآلاف من المدنيين إلى جنوب القطاع هربا من وطأة القصف الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، لكن الجنوب أيضا تعرض لضربات جوية إسرائيلية شرسة قتلت وأصابت مدنيين.
وينام أغلب الرجال والشبان والفتية من النازحين في العراء قرب الجدران الخارجية للملاجئ، وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن بعض الأسر نصبت خياما خارج ملجأ في خان يونس.
المستشفيات
لا يعمل أي مستشفى في شمال قطاع غزة بشكل طبيعي بسبب شدة القصف ونقص الوقود، ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن 8 من أصل 11 منشأة في الجنوب ما زالت تعمل، وواحدة فقط منها متاح فيها إجراء عمليات جراحية معقدة، وفقا لما تقوله منظمة الصحة العالمية.
وقالت المنظمة أيضا إنها طلبت المساعدة لإخلاء 3 مستشفيات في الشمال، وإن الخطط جارية في هذا الصدد. وتقول منظمة “أوكسفام” الخيرية إن عدد الولادات المبكرة ارتفع بنحو الثلث تقريبا على مدى الشهر الماضي في القطاع الذي تحاصره إسرائيل، مع معاناة الحوامل من زيادة التوتر الشديد والصدمات النفسية.
إيصال المساعدات
تم فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر والسماح بدخول مساعدات محدودة منذ 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما ظلت باقي المعابر مع قطاع غزة مغلقة. ودخلت من مصر أمس الخميس 80 شاحنة محملة بإمدادات إنسانية.
وقالت مصر إن 130 ألف لتر من الوقود و4 شاحنات غاز ستدخل قطاع غزة يوميا مع بدء الهدنة، وكذلك 200 شاحنة مساعدات.
المياه
سمحت عمليات إيصال للوقود في الأيام القليلة الماضية بإعادة تشغيل بعض آبار المياه ومحطات الضخ في جنوب قطاع غزة، لكن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يقول إن هناك مخاوف شديدة من الجفاف في شمال القطاع، حيث لا تعمل محطة تحلية المياه ولا خط المياه من إسرائيل. وأضاف أن محطات معالجة مياه الصرف لا تعمل بكامل طاقتها بسبب أضرار لحقت بها ونقص الوقود.
الوقود
تسمح إسرائيل بدخول كميات محدودة يوميا من الوقود إلى قطاع غزة من مصر، وتم إيصال 75 ألف لتر أمس الخميس.
وتوزع الأونروا الوقود لدعم توزيع الأغذية وتشغيل مولدات المستشفيات ومحطات المياه والصرف والملاجئ والخدمات الضرورية الأخرى.