شبح غزة يفرض التسويات الداخلية والضغط الخارجي مستمر
أحمد مطر
على رغم أن الأطراف جميعاً يفضلون الدخول في تسويات سياسية لا في مواجهات في الجنوب اللبناني، إلا أن ثمّة مؤشرات ظهرت في الأيام الأخيرة لا تخلو من القلق. ويتحدث البعض عن ملامح اهتزاز للضوابط السائدة هناك منذ العام 2006.
للمرة الأولى ربما، منذ صدور القرار 1701، قرر الإسرائيليون تجاوز الخط الأحمر جواً في لبنان، وأرسلوا طائراتهم الحربية لتنفيذ أهداف قتالية وراء خط الليطاني، فأغاروا على مواقع في مليتا، مليخ، وفي بقعة جباع- بصليا- سنيا، في إقليم التفاح، جزين. وهذه المناطق لم تصل إليها الغارات منذ انفجار الحرب في غزة.
مرور التمديد لقائد الجيش في مجلس النواب، بهذه النسبة العالية من الأصوات، يؤكد إمكانية إنهاء الشغور الرئاسي، وانتخاب رئيس للجمهورية.
ما يتردد في بعض الأوساط السياسية عن تعليق الحديث، وتجميد الاتصالات حول الملف الرئاسي، بانتظار انتهاء الحرب على غزة، لا يبشر بالخير، ولا يدعو للاطمئنان، لأن مثل هذا الكلام يعني تمديد الأزمة الرئاسية فترة أخرى، قد تطول أو تقصر، لأن وقف إطلاق النار في غزة لا يعني أن الحرب انتهت، لأن المعركة الديبلوماسية التي ستعقبها ستكون ضارية، وقد تستمر بضعة أشهر، قبل أن يتحدد مسار الحل السياسي للصراع الفلسطيني ، الإسرائيلي، على خلفية حل الدولتين، ومدى تجاوب السلطة الجديدة في تل أبيب التي ستخلف حكومة نتانياهو مع المساعي الدولية للوصول إلى هذا الحل، والتخلي عن محاولات اليمين المتطرف البقاء في غزة، بعدما تضع الحرب أوزارها .
إلى متى يستسهل بعض السياسيين ربط الوضع اللبناني المتأزم سياسياً واقتصادياً ومالياً ومعيشياً، بأزمات المنطقة، وبعوامل خارجية معقدة، لا حول للبنانيين فيها ولا قوة، ولا أحد من القوى الإقليمية والدولية يقيم وزناً لموقف لبنان من مشاكل المنطقة، بل قد يكون العكس هو الصحيح، حيث تتم التسويات والصفقات على حساب لبنان ومصالحه العليا، على نحو ما حصل في ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي .
كان من المفترض أن ينتهز السياسيون الأفاضل، فرصة انشغال الإقليم وعواصم القرار بالحرب الوحشية على غزة، ويعمدوا على تمرير الانتخابات الرئاسية بتسوية داخلية مشرفة ومتوازنة، ولبنانية الصنع، حتى يتحقق الشعار الذي يردده البعض: نريد رئيسا صُنع في لبنان، وعدم انتظار الخارج للعودة إلى الساحة اللبنانية، للبحث في خيارات رئاسة الجمهورية .
أخطر ما ينتظر لبنان أن تدخل نتائج الحرب على غزة في صلب المعادلات الداخلية، عبر محاولة البعض توظيف صمود حماس في غزة في حسابات الانتخابات الرئاسية.
Visited 21 times, 1 visit(s) today