“ديوجين”.. والحاكم بأمره في لبنان!
محمود القيسي
أيها الناس:
لقد أصبحت سلطانا عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال،
واعبدوني…
إنني لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر،
حتى تبصروني
اتركوا أطفالكم من غير خبز..
واتبعوني…
احمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلني كي أكتب التاريخ،
والتاريخ لا يكتب دوني…”
- نزار قباني
في مناسبات الشعوب الكبرى وأعيادها تعود أرواح الحكماء والقديسين والعلماء والفلاسفة والأدباء والشعراء والشهداء إلى هذا العالم كي يقومون بتقديم خدماتهم لتلك الشعوب من الحكمة والعلم والموعظة والأفكار والقصائد والنصيحة… يقدمون خبراتهم في الحياة والموت وما بعد الحياة والموت…!
في مناسبة شهر رمضان المبارك وقع أختيار الغيب والماورائيات والروحانيات وأسرارها على “الفيلسوف ديوجين” لتقديم خدماته في بلاد البحر والقلاع والحضارات القديمة التي كانت تسمى “رمنن” في اللغات المصرية القديمة و”ربرن” والمعروف أن “ر” الفرعونية ترمز للحضارة الكنعانية.
في اللغة الآرامية أطلق عليه: “لوبنون”. أمًا في اللغة الفينيقية: “لبنون”.. وفي أيامنا السوداء هذه اصبح “لبنان الكبير”… وعند أنتشار خبر تعيين الفيلسوف العجوز ديوجين في لبنان تنفس المسؤولين الصعداء في البلاد المنهوبة والمصادرة لحساب الغير والأجندات الخارجة عن رغبة وحساب البلاد التي نساها العالم عند المتوسط تزرع الشوك وتحصد البلان..
نعم، البلان الشوكي أو النبات القصير ذو الاوراق الصغيره جدا و الدقيقه والسيقان المليئه بالاشواك… البلان الشوكي الذي ينمو “بشكل كبير” في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط… نعم، تنفسوا الصعداء لعلمهم بالصدفة أو بالمصادفة إن الفيلسوف العجوز ضرير لا يرى الطريق أمامه ولا يرى الطريق ورائه…
ديوجين هو ذلك الفيلسوف اليوناني الذي حمل طيلة حياته مصباحه ومشى في دروب أثينا وفي شوارعها والميادين، مشى حاملاً مصباحه وكان ذلك في “عز طلعة الشمس” في قلب النهار، فأثار انتباه الناس أجمعين، كيف يحمل مصباحاً وشمس السماء ساطعة بالنور يملأ الأرض وما بين الأرض والسماء.
كانت الدهشة على كل شفاه، حتى إقترب منه من إقترب ليعرف سر هذا التناقض الواضح، متسائلاً في حيرة السائلين: مصباح منير في قلب النهار المبين.. فما كان من الفيلسوف إلا أن قطع برأيه وجاءت إجابته قاطعة الدلالة على بيان ملخصه في إجابته: تسألونني عن ذلك أنا أحمل مصباحي باحثاً عن “الحقيقة” Laverite الحقيقة تاهت واختفت في بلاد الأبجدية، وهأنذا أبحث عنها ومشتقاتها حيث الحق والعدل المنشود.
نعم تذكرت هذه الحيرة وتصورت أن نفس التساؤل يتردد على ألسنة أبناء وطني في كل شعابها ودروبها ومحافظاتها وشوارعها والميادين. وفي تساؤلات مريرة وحائرة تتردد على كل شفاه: ما هذه الفوضى التي تعيشها البلاد وما هذا الخلاف الذي ليست له بداية وأيضاً غموض وإبهام عما يكون له نهاية.
في عز الشمس وشمس النهار نبحث عن الطمأنينة المنشودة وعن الأمن والأمان وقانون يحكم البلاد وتستقر معه كل التساؤلات الحائرة والأحكام تترى وتفسيرات الفقهاء وحيرة الآراء والحقيقة واحدة وينبوع الرأي الحاد من قلوب مطمئنة وعقول قادرة على الاختيار والتخطيط نحو مستقبل للبلاد عظيم..
وكأننا في أحلامنا… في أحلامنا فقط اقتربنا من شاطئ الامن والامان، والاطمئنان… نراه ولا مقدمات تعرفونها وتحفظونها يا شعب لبنان “العظيم” والطوائف الكرام والملل والنحل عن ظهر قلب بعيداً.. بعيداً.. بعيداً… تتقاذفه أقدام ورغبات وأمراض حاكم بأمره.. وزعيم بأمره.. وديكتاتور بأمره… وسيّد بأمره..!