العميد والكوفية الفلسطينية!
الصادق بنعلال
بصفته ضيف شرف حفل تسليم الجوائز على طلبة المدرسة العليا للتكنولوجيا التابعة لجامعة الحسن الثاني، رفض عميد كلية بنمسيك عشية السبت 13-07-2024 أن يسلم الجائزة للطالبة المتفوقة، بدعوى حملها الكوفية الفلسطينية! في عز الإبادة الجماعية التي تقترفها إسرائيل بالصوت والصورة عالية الجودة في غزة، والاعتراف غير المسبوق لجرائم حرب، أقلها التطهير العرقي والتدمير الكلي للبشر والحجر والشجر، مما أثار استياء وحنق واشمئزاز الحاضرين في قاعة الحفل. وسواء كان هذا التصرف الأخرق قد صدر عن “العميد” من تلقاء نفسه وهو في كامل القوى العقلية، أم كان نتيجة إملاءات وتعليمات، فالنتيجة واحدة، وهي الإصرار على الخروج عن الإجماع الوطني وثوابت الدولة والمجتمع، وتعريض حالة المغرب لوضع بالغ الخطورة، يتعارض والصورة الحقيقية التي قام بتشكيلها وترسيخها، رجال الفكر والسياسة الفضلاء في بلادنا العزيزة منذ عقود من السنين.
ما يجري في فلسطين وتحديدا في قطاع غزة مأساة إنسانية لم تشهد لها البشرية مثيلا. إن عشرات الملايين من القتلى والجرحى والمعطوبين جراء الحربين العالميتين الأولى والثانية على سبيل المثل لا الحصر، هو إفراز مؤلم لصدام عسكري طاحن بين جيوش ودول مدججة بالأسلحة، أما ما يشاهده العالم الآن هو اعتداء إسرائيلي مدعوم سياسيا وعسكريا وإعلاميا من قبل “دول ديمقراطية كبرى”، على شعب أعزل، وقتل يومي للأطفال والنساء والرجال، المعرضين للمجاعة والتحييد النهائي.. مما حرك الشوارع في مختلف أنحاء العالم؛ أمريكا وأوروبا وآسيا وأفريقيا .. تنديدا بهذه المحرقة التي وقف في وجهها كل أحرار العالم من الأكاديميين والإعلاميين والسياسيين، لأن من شيم أصحاب المبادئ والهمم أن يعبروا عن المواقف الإنسانية العادلة في كل زمان ومكان، بل إن أمير المؤمنين الملك محمد السادس ورئيس لجنة القدس، اعتبر أن العدوان الغاشم على غزة “جعل الشعب الفلسطيني الأبي يعيش أوضاعا بالغة الخطورة، يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية.. وما يزيد من تفاقم هذه الأوضاع ارتفاع وتيرة الاعتداءات الممنهجة من طرف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية”.
وبناء على ما سبق، فإن نصرة الشعب المغربي لفلسطين ودفاعه المتواصل عن حق الفلسطينيين في دولتهم الحرة والمستقلة، جزء لا يتجزأ من الثقافة الوطنية والقيم الدولية القائمة على العدل واالخصوصية لمساواة والأخوة، الرافضة للظلم والجبروت والعدوان. من هذا المنطلق كان يفترض في بعض المسؤولين المغاربة إعلاميين وعمداء كليات وغيرهم، أن لا يحشروا أنوفهم في قضايا أكبر منهم بكثير، حتى لا يتعرض بلدنا لسهام الأعداء و”الأصدقاء”، فإذا كانت بعض الدول الفاعلة في المنتظم الدولي تسمح “لمناضليها” بالتهجم على مقدسات بلدنا العزيز، على رأسها الوحدة الترابية، تحت يافطة حرية التعبير التي تكفلها “مؤسساتهم الديمقراطية”، فمن حق الشعب المغربي طبقا لمنطوق دستوره ومؤسساته الديمقراطية أيضا، أن يعبر عن اختياراته وقراراته الداعمة للعدل والحرية والكرامة الإنسانية.