لبنان: ساحة الميدان تفرض كلمتها في الحرب
أحمد مطر
لغاية الآن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، أو بالأحرى صوت الطائرات والصواريخ البالستية، وبقية الأسلحة التدميرية التي لا توفرها إسرائيل في عدوانها الوحشي على لبنان، فيما يلتزم المجتمع الدولي سياسة الصمت المطبق، تحت عنوان السماح لإسرائيل بالدفاع عن أمنها .
وأن الغاية من هذه الاعتداءات، تغيير المعادلة والعمل على تغيير معالم الجنوب والضاحية الجنوبية في ظل إصرار جيش الاحتلال على اسلوبه التدميري المتواصل ضد أحياء الضاحية الجنوبية التي تشهد أعنف جولات القصف الجوي لغاية الان. المترافقة مع استمرار عمليات الاغتيال بواسطة الطيران المسير.
في ظل هذه الظروف لا يزال في استطاعة لبنان تفادي مواجهة واسعة مع إسرائيل ستكون بمنزلة كارثة عليه. لا فائدة من المكابرة التي يمارسها الحزب ما دامت توجد خطوط عريضة لتسوية تحفظ البلد، أو ما بقي منه، وتعيد النازحين إلى بيوتهم بعيداً عن عنتريات لا فائدة منها. التراجع ليس عيباً، كذلك الاعتراف بالواقع وموازين القوى على الأرض. التنازل من أجل لبنان ليس تنازلاً، بمقدار ما هو شجاعة وتضحية من أجل وقف حال الانهيار لبلد لديه ماضٍ حديث يستطيع التفاخر به. الخوف من تراجع لبنان بعد فوات أوان التراجع عندما لا تعود لمثل هذه الخطوة فائدة تذكر .
وإذ تتسارع جهود المسؤولين اللبنانيين من أجل العمل على وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، تحاول فرنسا من جهتها الدفع باتجاه الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار. وقد أشارت معلومات إلى عزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إرسال وزير خارجيته جان نويل بارو إلى بيروت مجدداً، من أجل البحث في إمكانية السير بتسوية حل سياسي، يعقب التوافق على وقف إطلاق النار، يجري التنسيق بشأنه مع عواصم القرار، وإن كانت تطورات الميدان لا توحي بكثير تفاؤل بإمكانية نجاح باريس في مساعيها لوقف العدوان على لبنان. وقد شرح رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لعدد من المسؤولين الدوليين، للمخاطر التي تتهدد لبنان في حال استمرت الحرب الإسرائيلية على لبنان، وما خلفته من موجات نزوح فاقت قدرة الأجهزة اللبنانية على تحملها. وقد أكد ميقاتي التزام لبنان باتخاذ المزيد من الخطوات الفاعلة، من أجل تطبيق القرار 1701 بحذافيره، لأنه يشكل مصدر حماية له، ويفند الادعاءات الإسرائيلية بأن منطقة جنوب الليطاني لا تخضع لسلطة الدولة اللبنانية. وكشفت المعلومات أن فرنسا حريصة على اتخاذ كل ما يلزم من أجل وقف العدوان الإسرائيلي، ودعم الجيش اللبناني الذي تنتظره مهام كثيرة في إطار السعي لتجديد الالتزام بالقرار 1701.
وفيما لا يزال الملف الرئاسي محور اهتمام الجانب الفرنسي، فإن باريس لا زالت على موقفها بأولوية انتخاب رئيس جديد للبنان، والإفادة من الدعم الدولي لاتمام هذا الاستحقاق والموقف الموحد للخماسية الدولية، كما جدد الجانب الفرنسي التأكيد ان فرنسا تدعم ما يتوافق بشأنه اللبنانيون وليس لديها اي مرشح محدد. وقد برز موقف جديد لرئيس مجلس النواب نبيه بري، نقله عنه عضو نواب اللقاء النيابي التشاوري المستقل النائب الياس بو صعب الذي أعلن أن بري لم يعد متمسكًا بالحوار كشرط أساسي لانتخاب الرئيس، مشيرا إلى أن البحث تناول كيفية التوصل إلى وقف لإطلاق النار وفق المبادرة التي كانت مطروحة والتي تستند إلى تطبيق القرار 1701. وأعاد التأكيد على أنه على الجميع تحمل مسؤولياتهم ولا يمكن انتخاب الرئيس بالفرض بل بالتفاهم. في ظل معلومات تؤكد استمرار بقاء الخطوط مفتوحة بين بيروت وباريس، سعياً لتهيئة المناخات الداخلية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في اسرع وقت ممكن، لمواجهة التحديات المتراكمة على اكثر من صعيد .
وإذ أكدت أوساط الخماسية أن المجموعة لازالت تقوم بدورها، وتناقش ما سيتم اتخاذه من خطوات في المستقبل، توازياً مع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، متحدثة عن حصول تطور لافت، مؤداه أن هناك رغبة بدأت تظهر من المكونات السياسية بضرورة إنهاء الملف الرئاسي في أسرع وقت، باعتبار أن التطورات الأمنية المتسارعة، تفرض على القوى السياسية طي صفحة الشغور. وتعتبر قوى المعارضة أن الكرة في ملعب الثنائي المصر على شروطه التي تخطف الاستحقاق الرئاسي وتمنع حصوله. أي التمسك بالمرشح سليمان فرنجية، وعدم القبول بمرشح ثالث، وعدم الإفراج عن الانتخابات الرئاسية وترك اللعبة الديمقراطية تأخد مداها، وفقاً للدستور. بمعنى أن يكون مجلس النواب هيئة ناخبة، وأن يجتمع لانتخاب رئيس للجمهورية، مشيرة إلى أن الثنائي غير قادر على فرض شروطه على اللبنانيين، لكنه قادر أن يرفض ما يريده اللبنانيون .
Visited 78 times, 1 visit(s) today