مباراة داخل قلعة محصنة
كاركاسون- المعطي قبال
المباراة التي ستجمع غدا كلا من المنتخب الفرنسي وفريق ماكابي الإسرائيلي ليست بحدث كروي رياضي وحسب، بل هو حدث سياسي وايديولوجي بامتياز. يحضر هذه المباراة ممثلو الطاقم السياسي الفرنسي باكملهم، من إمانويل ماكرون رئيس الجمهورية إلى الوزير الأول مرورا بوزير الداخلية والرئيسان السابقان فرانسوا ميتران ونيكولا ساركوزي ومسؤولين اخرين. من جهة الجمهور، تم تقليص عددهم الى عشرين الف متفرج بدل الثمانين الف الذين عادة ما يستوعبهم الستاد دو فرانس. كما تم تجنيد 4000 من رجالات الأمن والدرك اضافة الى 1000 من العناصر الخاصة.
عليه سيكون رجل أمن واحد أمام 3 متفرجين. وسيخضع بعض الصحافيين لمراقبة دقيقة مع إمكانية إلغاء اعتمادات البعض منهم الذين تشتم فيهم رائحة التعاطف مع الفلسطينيين. ويمنع على مشجعي الفريق الفرنسي رفع الأعلام الفلسطينية. تحسبا لأي طاريء بعد أحداث أمستردام على إثر مبارة أياكس أمستردام والماكابي، والتي انتهت بمواجهات عنيفة قدم على إثرها هذا الفريق كضحية من طرف “معادين للسامية “.
لم يتردد البعض في الإحالة على فترة المحرقة وإبادة اليهود! فرنسا التي لم تتخلص من عقدة المحرقة ومن الوعي الشقي محكوم عليها مسايرة الأطروحة الإسرائيلية. لذا تحرص خلال هذه المباراة بأن لا تعيش باريس ما عاشتها أمستردام لأن ذلك قد يرتد عليها سياسيا ويعزز من فلسفة بينيامين نيتانياهو القائلة بأن فرنسا أصبحت وكرا لمعاداة السامية وأن السلطات لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمحاربتها وإنه من الأفضل لليهود النجاة بجلدهم والقيام بـ”العالية”، العودة.
من ناحية أخرى أضاف انتخاب دونالد ترامب لنيتانياهو طيشا إضافيا سيمكنه من إذلال خصومه الكلاسيكيين ومن بينهم إمانويل ماكرون. ستمر هذه المبارة في ظروف سلمية لأن هوليغان فريق ماكابي لن يكونوا متواجدين لا داخل الملعب ولا خارجه. بل ستنوب عنهم الجمعيات الصهيونبة لرفع الرايات والشعارات لنصرة إسراءيل. هذه الجمعيات التي تناضل من أجل إسرائيل في قلب فرنسا والتي تحركها أفكار عنصرية، لها كل الحقوق ولا تجد من يعارضها.
يومان قبل المبارة زار فرنسا بيزاليل سموتريش حيث التقى بالجمعات الصهيونية الداعية إلى إبادة العرب والفلسطينيين. وبالرغم من دعوات الاحتجاج والدعوة إلى منع الحكومة لهذه الزيارة فإنها بقيت خرساء أمام هذا الخرق السافر. فأية روح رياضية ستتحلى بها هذه المبارة التي تدخل في إطار عصبة الأمم.
لكن علامات فشل هذا الحدث هي واضحة منذ البداية، حيث حث المجلس الوطني للأمن الإسرائيلي مواطنيه إلى تجنب حضور المباريات الرياضية. كما دعا رعاياه إلى العدول عن إظهار علامات من شأنها التعرف على هوية اليهود أو الإسرائليين.
من ناحية أخرى اعتذر بعض اللاعبين الكبار عن المشاركة في المباراة، الشيء الذي يشكل هزيمة لاستراتيجية المهندسين السياسيين لهذه المباراة التي ستجري داخل قلعة محصنة.