تحالف الأضداد يسقط حكومة ماكرون

تحالف الأضداد يسقط حكومة ماكرون

سمير سكاف

       صوتت فرنسا من جديد ضد الرئيس إيمانويل ماكرون! فحجب الثقة عن حكومة ميشال بارنيه يستهدف رئيس الجمهورية أكثر من استهدافه رئيس الحكومة!

الواقع أنه لا يمكن حكم فرنسا خلال هذا العام! ولا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة! ولا يمكن لأي رئيس حكومة أن ينجح خلالها، أياً يكن، ومن أي فريق كان!

فالمشكلة ليست بالحكومة، أياً تكن! بل المشكلة هي بالمجلس النيابي الهجين، الذي لا يمكن تغييره وحله إلا بعد حوالي ستة أشهر من الآن. ولكن المشكلة ستذهب إلى أبعد من ذلك بكثير!

مشكلة تتسبب بها ثلاث مجموعات كبرى يشد كل منها باتجاه معاكس للمجموعتين الباقيتين! ولا تلتقي أي من المجموعات الثلاث مع أخرى إلا لضرب المجموعة الثالثة!

ليست مفاجأة إذن أن تسقط حكومة ميشال بارنيه الفرنسية في المجلس النيابي. فقد كنت كتبت وتحدثت مراراً عن سقوطها قبل تشكيلها، وأنه سيستحيل حكم فرنسا خلال هذا العام! وذلك، بسبب عدم وجود أكثرية واضحة وصريحة في المجلس النيابي!

بارنيه، الآتي من أصغر التجمعات النيابية الأربعة، والحائز على دعم المجموعة الثالثة في الترتيب، أي فريق إيمانويل ماكرون الرئاسي، سقط، كما كان متوقعاً أمام أول تحالف موضوعي بين أكبر مجموعتين نيابيتين، أي الجبهة الشعبية (بأحزابها اليسارية الأربعة) والتجمع الوطني بقيادة مارين لوبن!

اعتقد بارنيه، والأرجح عن غير قناعة، أنه يستطيع تمرير قانون الموازنة، من دون تصويت المجلس النيابي، عبر الآلية الدستورية المذكورة في المادة 49.3. إلا أن المجلس النيابي واجهه بالتصويت على حجب الثقة عن حكومته!

كان التصويت على حجب الثقة الذي قدمه كل من الجبهة الشعبية والتجمع الوطني يحتاج إلىأكثرية من 288 نائباً. ولكنه حصل على 331 صوتاً! فكان الحجب الثاني للثقة منذ العام 1962. ما جعل ولاية الحكومة بثلاثة أشهر هي الأقصر بتاريخ فرنسا. وأنا كنت قد ذكرت أيضاً قبل تشكيلها أنها ستكون الأضعف في تاريخ فرنسا!

يهم التذكير والملاحظة ان عهد الرئيس إيمانويل ماكرون انتهى في الداخل الفرنسي في لحظة حله للمجلس النيابي الأخير!

ليست القصة إذن هي في عدم الثقة ببارنيه! أو بموازنة بارنيه للضمان الاجتماعي أو بمحاولة تقليصه للمصاريف بحوإلى40 مليار يورو… بل أن كل المجموعات السياسية تنتظر على أحر من الجمر حل المجلس النيابي في نهاية الاشهر الستة!

تعاني فرنسا من حوإلى3.3 تريليون يورو من العجز المالي والإقتصادي. أي يستحيل أن تقف فيه فرنسا على قدميها من دون تغيير سياسي جذري، غير وارد حالياً! ولا يبدو وارداً في الأفق! ويعني ذلك أن المشكلة لن تكون أسهل مع مجلس نيابي آخر بتوازنات حالية قد لا تتغير كثيراً!

وهو ما يعني أنه ينتظر فرنسا 3 سنوات صعبة جداً حتى نهاية عهد الرئيس إيمانويل ماكرون وانتخاب رئيس جديد للجمهورية!

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

سمير سكاف

صحافي وكاتب لبناني