شبح القذافي لا زال يلاحق ساركوزي

شبح القذافي لا زال يلاحق ساركوزي

 كاركاسون- المعطي قبال

          لا زال شبح معمر القذافي يلاحق نيكولا ساركوزي. فبعد تصفيته بقرار من الناتو (الذي كانت فرنسا من وراء تصميمه والمشاركة في تنفيذه)، ينتفض القذافي من قبره ليشهد على محاكمة ساركوزي هذا اليوم، الموافق لـ 5 يناير 2025 . إن مست هذه المحاكمة بسمعة فرنسا التي بدت أن رؤساءها ورجالات سياستها أشخاص مرتشين وبلا أخلاق سياسية، فإنها محاكمة أيضا لنظام سياسي- مالي يسهل عليه التضحية بالقيم الأخلاقية في سبيل الحصول على مبالغ مالية. لذا وبعد أن حكمت المحكمة على ساركوزي في قضية ما عرف بقضية بيزميث، بثلاث سنوات بما فيها سنة نافذة سجنا، وبعد محاكمة اليوم في قضية تمويل ليبيا للحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2007 ، بهدل ساركوزي سمعة فرنسا.. لكنها تعبر أيضا ضمن ما تعبر عنه عن عن نهمه وحبه للمال العربي.

 وليس ساركوزي بالوحيد ضمن قائمة السياسيين الفرنسيين الذين يقبلون بنوع من الشراهة على المال العربي. في هذا الملف، ليس الرئيس الأسبق وحده من سيمثل أمام الغرفة 32 للمحكمة الجنائية في باريس، بل هناك كوكبة من الوزراء السابقين وهم بعدد 11 متهما لعبوا أدورا سياسية أساسية في دواليب السلطة أيام كان ساركوزي رئيسا وكانوا من المقربين منه أمثال بريس هورتفوه، كلود غيان، تييري غوبير، إيريك فورث وغيرهم. ثم هناك الوسطاء أمثال زياد تقي الدين، ألكسندر دجودي. الخ

وكان سيف الإسلام، ابن معمر القذافي، أول من أشعل فتيل الفضيحة لما صرح بأن والده مول الحملة الانتخابية لساركوزي. عزز هذا التصريح المذكرة التي نشرتها صحيفة ميديابار الالكترونية والتي جاء فيها أن ساركوزي استفاد من تمويل ليبي بلمبغ 50 مليون أورو. لم يطالب ساركوزي بهذه المساعدة لما كان رئيسا للدولة بل لما شغل منصب وزير الداخلية وقد طلب بهذا التمويل بشهادة العديد من المسؤولين الليبيين في السادس من أكتوبر 2005. إضافة إلى ذلك كانت رحلة كل من كلود غيان وبريس هورتفوه حاسمة في التعجيل بتحويل الأموال عبر الحساب البنكي لزياد تقي الدين، خلال زيارتهما التقيا بعبد الله السنوسي الذي كان مديرا للاستخبارات الليبية وفي نفس الوقت كان صهرا للقذافي والذي كان محط متابعة قضائية دولية بسبب تورطه في انفجار الطائرة دي سي 10 لشركة UTA والتي ذهب ضحيتها 170 مسافرا من بينهم 54 فرنسيا. من الجانب الليبي لعب بشير صالح، الذي كان يشغل منصب أمين الصندوق والذي كان يسلم المبالغ نقدا، كاش، لعب دورا حاسما. أثبتت العديد من الشهادات تسليمه لمبالغ نقدية إلى كل من كلود غيان وبريس هورتفوه. وذلك مقابل سحب ليبيا من المتابعة القضائية.

 أول فائدة جنتها ليبيا هي تلميع فرنسا لصورة ليبيا في المحافل الدولية بعد ان روجت عنها من قبل صورة «بلد إرهابي» و«مجمع للمرتزقة» وغيرها من النعوت المنحطة، وقد ترجمت فرنسا هذا الاعتراف باستقبال ساركوزي، وهو رئيسا للدولة، لمعمر القذافي في زيارة رسمية وذلك في شهر ديسمبر 2007. ورفض هذا الأخير الإقامة في قصر الإيليزيه ليضرب بدله خيمته بالحديقة، تمشيا مع الروح العروبية! كانت النتيجة أن تحولت ليبيا إلى مسخرة دولية.

العنصر الثاني هو منح فرنسا امتيازات تجارية وتوقيع عقود سخية. العنصر الثالث هو رفع مذكرة التوقيف في حق عبد الله السنوسي. لكن «صديق» الأمس لم يلبث أن تحول بسرعة إلى عدو اليوم بحيث انقلب ساركوزي على القذافي ليساهم عبر الاستخبارات بشكل فعال في تصفية «ملك ملوك إفريقيا» ويفكك البلد، ينعش النعرات القبيلة والعشائرية ويدفع بليبيا إلى نفق حرب مستدامة.

Visited 44 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".