هل تعلن أوروبا الحرب على ترامب؟!

سمير سكاف
هل تجد أوروبا حلولاً “عقلانية” لما تعتبره “جنون” الضرائب الجمركية الأميركية ضدها؟! وهل هذه الحلول موجودة بأي شكل من الأشكال؟! على الأرجح لا!
تدرك بلدان الاتحاد الأوروبي أن أي إعلان لحرب تجارية على حرب الولايات المتحدة المعلنة ضدها سيكون عالي التكلفة عليها وعلى اقتصاداتها وعلى مواطنيها وعلى شركاتها وعلى مستهلكيها، بمعزل عن تأثيرها الهائل أيضاً على الاقتصاد الأميركي.
وهي تدرك أنها في كل الأحوال لا يمكنها المواجهة “بالمفرق”! بل تحتاج إلى قرارات “أوروبية” موحدة باعتماد “دفاع المنطقة” في وجه الهجمات الأميركية التي تضربها في قلب “منطقة الجزاء”، وليست بعيدة عن ترجمة هجماتها إلى سلسلة أهداف في الشباك الاقتصادية!
هذا مع العلم أن حجم التصدير الأوروبي إلى الولايات المتحدة هو 606 مليار دولار سنوياً. وهو يفوق حجم الاستيراد الأوروبي منها بكثير، والبالغ 370 مليار دولار فقط. والرئيس ترامب يريد ردم هذه الهوة وهذا العجز في الميزان التجاري بينهما!
ولهذا السبب ما تزال أوروبا تتريث في مواجهة عمالقة التكنولوجيا الأميركية. لأنها تدرك أنها ستبلغ حينها نقطة اللا عودة في المواجهة!
ومع ذلك، فقد تعلن أوروبا الحرب التجارية على الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وبالتالي على الولايات المتحدة رغماً عنها! أي “مرغم أخاك لا بطل”!
وإعلان الحرب الأوروبي، سيكون رداً على الحرب العالمية التجارية “الترامبية”، التي تهرب إلى الأمام بدلاً من أن تعترف بقساوة فاتورتها “الوول ستريتية” الموجعة، والتي قد تعرِّض الشركات الأميركية (كما الأوروبية)، أو قسماً كبيراً منها لمخاطر الإفلاس!
شركتا تسلا وأبل خسرتا 6% في “وول ستريت”! وشركات النفط والغاز الغربية تفقد الكثير من قيمتها السوقية. في حين تستمر كل المؤشرات من داو جونز وناسداك وغيرها في “الغرق” وخسارة النقاط!
وفي محاولة لتجنب الحرب التجارية، وفي محاولة للوصول إلى تسوية “سلمية” تحفظ لأوروبا “عزتها” الاقتصادية، عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على الرئيس ترامب عرضاً “عادلاً” بعنوان: “صفر – صفر”!
ويتلخص العرض بإسقاط أوروبا ضرائبها على السيارات الأميركية وعلى عدد من المنتجات الصناعية إلى الصفر مقابل صفر من الضرائب الأميركية على المنتجات الأوروبية المشابهة!
لم يقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعرض فون دير لاين. وقد عبّر ترامب صراحةً أن العرض الأوروبي غير كافٍ. وأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشتري من منتجات الطاقة الأميركية بقيمة 350 مليار دولار.
أي يقترح الرئيس ترامب، مقابل “الصفر – صفر” أن ترفع أوروبا مشترياتها من النفط والغاز الأميركيين بزيادة سنوية يمكن أن تصل إلى حوإلى 70 مليار دولار!
ويعتبر المسؤولون الأوروبيون أن شراء هذه الكمية “مستحيل” لأنها تفوق حاجة الأسواق الأوروبية. مؤكدة أنه لا يمكن أن يُفرض عليها قرار سياسي يتعارض مع حاجاتها الاقتصادية!
والأخطر من ذلك بالنسبة للأوروبيين، هو نقل أوروبا من “تحت دلفة” الغاز الروسي إلى “تحت مزراب” الغاز الأميركي، في حين أنها تحاول الخروج من تحت المظلتين معاً، بالانتقال إلى انتاج للطاقة على الطاقات المتجددة تدريجياً!
وتفتقد أوروبا، ويفتقد الاتحاد الأوروبي تحديداً للجرأة من أجل المواجهة من جهة، وللوحدة الداخلية من جهة أخرى. في حين أنه لا يفتقد للقدرات على الرد الاقتصادي على الاطلاق!
فإذا كان الاقتصاد الأميركي يتصدر العالم مع ناتج محلي يصل إلى أكثر من 30 تريليون دولار. إلا أنه يتراجع إلى المركز الثاني خلف الصين مع إدخال عنصر القدرة الشرائية.
ويأتي اقتصاد الاتحاد الأوروبي في المركز الثالث (أو الثاني بحسب بعض الحسابات) بناتج محلي يتخطى 20 تريليون دولار.
ما يزال الرئيس ترامب على موقفه من فرض 20% من الضرائب الجمركية على الاتحاد الأوروبي. وهي قد ترتفع إلى أكثر من ذلك على السيارات والألومينيوم والفولاذ. لا بل أنها قد تصل إلى 200% على الكحول الأوروبية، أو على بعض أنواعه!
الرئيس ترامب يصعِّد ضد الصين أيضاً. وهو يتوعد برفع الضرائب ضدها من 34% إلى 104% بسبب ردها على ضرائبه ضدها! وهو ما قد يشعل أكثر حركة “وول ستريت” والبورصات العالمية المختلفة.
حرب أو استسلام من دون حرب! أوروبا بين خيارات أحلاها علقم! وهي ما تزال تأمل بإقناع الرئيس ترامب بالتفاوض الهادئ تجنباً للأسوأ! ولكن الرئيس الأميركي يبدي عن إصرار في وجه التردد الأوروبي. تردد أوروبي من أجل…