الوسط الثقافي المغربي يحتفل بعيد ميلاد أحمد بوزفور.. والكاتب يرحب بفصل جديد من حياته..

أحمد بوزفور
الـثَّـمـانُـون
بلغتُ الثمانين. فضلا عن أن ثَـمانيني ثَـمانونات:
– منها الثمانون التي أصابتْ زهيراً بالسَّـأَم:
(سئمتُ تكاليفَ الحياة ومن يعشْ
ثمانـين عـاماً، لا أبا لـك، يَـسْـأَمِ)
– ومنها الثمانون التي أصابتِ الجاحظَ بالمرض:
رَوَى أبو علي القالي عن الطبيب أبي معاذ الخولي قال:
(دخلنا يوماً بـ (سُـرَّ مَنْ رَأَى) على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده، وقد فَـلِـجَ (أُصيب بالفالج، وهو شَـلَـلٌ نصفي)، فلما أخذنا مجالسَنا، أتى رسولُ (الخليفةِ) المتوكلِ إليه، فقال: وما يصنعُ أميرُ المؤمنين بِـشِـقٍّ مائل ولُعابٍ سائل؟ ثم أقبلَ علينا وقال: ما تقولون في رجلٍ له شِـقَّان: أحدُهما لو غُرِزَ بالمَسَالِّ (الإِبَـر الكبيرة) ما أَحَـسَّ، والشّْـقُّ الآخرُ يمـرُّ به الذبابُ فَـيُـغَـوِّثُ (يطلب الغوثَ بصوت عال). وأَكْـثَـرُ ما أشكوهُ الثَّـمـانون).
– ومنها الثمانون التي أثقلتْ سَمْعَ عَوْف بن مُحَلِّم الخزاعي فقال لصاحبه:
(إنَّ الثمانـيـنَ ــ وبُـلِّـغْـتَـها ــ
قد أَحْوَجَتْ سَمعي إلى تُرْجُمانْ)
– ومنها الثمانون التي أعـجَـزَتْ أبا الحسن الواسطي عن القيام لأصدقائه فقال:
(عِـلَّـةٌ سُـمِّـيَـتْ: ثمانين عامَـا
مَنَـعَـتْـنِي للأصـدقـاء القِـيَـامَـا
فَـــإذا عُـمِّـرُوا تَــمَـــهَّـــدَ عُــذْري
عـندهمْ، بالذي ذكرتُ، وقَـامَا)
– ومنها ثمانوناتٌ أُخَـرُ لم يُصَـبْ بها أحدٌ من الشعراء قبلي.. شيءٌ خُصِصْـتُ به من بعدهم وحدي. أحاولُ الآن أن أَتَـعَـزَّى بعزاء الفرزدق حين قال:
(رَمَـتْـني بالثمانينَ الليالي
وسهمُ الدهرِ أَقْـتَـلُ سَهْمِ رَامِ
رَآنِي الغَـانِـياتُ فَـقُـلْنَ: هَـذا
أبونا عادَ من تحتِ الـرِّجَـامِ
وَلَـوْ جَـدَّاتِـهِـنَّ سَأَلْـنَ عَـنِّي
قَرَأْنَ عَلَيَّ أضعافَ السَّـلامِ)