رعاية عربية ودولية عودة لبنان إلى محيطه العربي

أحمد مطر
لا شك أن تخصيص الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لبنان بحيز من مواقفه، في بداية زيارته للمملكة العربية السعودية، وقوله إن لبنان كان ضحية إيران وحزب الله، واعتبر أن الإدارة السياسية الجديدة في لبنان محترفة وتريد الأفضل، والولايات المتحدة مستعدة لمساعدة لبنان في بناء مستقبل من التنمية الاقتصادية والسلام مع جيرانه، قوبل بمتابعة وتمعن من قبل كبار المسؤولين، باعتباره يعكس اهتماما خاصا بلبنان، من قبل الرئيس الأميركي، بالرغم من زحمة انشغالاته وكثرة الملفات والقضايا التي يتابعها ويهتم بها في المنطقة والعالم.
ويتوقع بعض هؤلاء المسؤولين أن تستتبع مواقف ترامب هذه من لبنان، والذي اختار أن يعلنها من المملكة العربية السعودية تحديدا، نظرا لمكانتها العربية والدولية، وحرصها على دعم ومساعدة لبنان، للخروج من أزماته المتعددة، والتعافي بأسرع وقت ممكن بتحركات للإدارة الأميركية نحو لبنان قريبا، للقيام بالجهود اللازمة، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمواقع الاستراتيجية في الجنوب، واستكمال الخطى لوقف الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، وتنفيذ القرار 1701 من جهة، والمساعدة على تسريع خطى حل الأزمة المالية، وتسهيل الحصول على القروض والمساعدات المطلوبة من الدول الشقيقة والصديقة، لتحريك الدورة الاقتصادية والمباشرة بعملية إعادة الإعمار من جهة ثانية.
بالتوازي في لبنان من الواضح أن هناك أزمة صامتة، تضرب العلاقة السياسية بين الدولة ممثلة بالحكومة، وحزب الله من زاوية التباين الظاهر بين منطقتن: منطق السيادة والسلاح الحصري بيد الدولة، على خلفية أن لا سلاح شرعياً على الأرض اللبنانية، من الشمال إلى الجنوب، والبقاع والعاصمة وضواحيها لغير القوى الأمنية والعسكرية الرسمية، وهذا ما تضمَّنه البيان الوزاري، وخطاب القسم، ومنطق حزب الله، الذي اعتاد عبر عقود خلت، على اعتباره مقاومة من ضمن أوراق الدولة، عبر الثلاثية التي كان يصفها الحزب بالمعادلة الذهبية: “جيش، شعب، مقاومة”، والتي وصفها، في مرة من المرات، الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان بالمعادلة الخشبية.
من يدقق بموقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لدى تطرقه في الرياض، إلى موضوع لبنان، وقوله إن بإمكان رئيس الجمهورية بناء دولة في لبنان بمعزل عن حزب الله، وفرصة لبنان تأتي مرة واحدة في العمر ليكون مزدهرا ويكون في سلام مع جيرانه، معطوفا على قوله السابق بأن الولايات مستعدة لمساعدة لبنان في التنمية الاقتصادية، ليدرك بسهولة أن الموقف الأميركي المعلن لمساعدة ودعم لبنان، بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في نهاية شهر نوفمبر-تشرين الثاني الماضي، لم يتبدل، ويتكرر بكل مناسبة، وهو ما أكده ترامب أمام قادة دول الخليج العربي في قمة استثنائية، وترتكز على شرطين أساسيين، أولهما ضرورة قيام الدولة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله، وثانيهما البحث الجدي لاقامة سلام بين لبنان وإسرائيل.
هناك من يعتبر أن مطلب نزع سلاح حزب الله من قبل الدولة اللبنانية، قد بوشر به فعليا على الأرض، وتم تحقيق خطوات متقدمة بهذا الخصوص، بعد انتشار الجيش اللبناني في مناطق جنوب الليطاني، وقيامه بمصادرة عشرات المستودعات ومراكز تخزين الاسلحة التابعة لحزب الله، كما العديد منها شمال الليطاني بعيدا عن الضجيج الاعلامي، كما كشفت البيانات الرسمية الصادرة عن قوات الأمم المتحدة مصادرة 225 مخزنا ومركزا مسلحا، وهذا دليل على قيام السلطات بتنفيذ نزع السلاح تدريجا، وحصره بالدولة فقط، فيما يتبقَّى استكمال هذه المهمة في جميع المناطق اللبنانية من دون استثناء، نتائج الحوار الذي يجريه رئيس الجمهورية مع حزب الله بهذا الخصوص، بينما تعتبر الإدارة الأميركية أن شرط نزع سلاح حزب الله مايزال منقوصًا.
أما الشرط الثاني الذي ركز عليه ترامب فهو دفع تحرك لبنان لعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل أسوة بدول عربية عديدة، فدونه محاذير وصعوبات، وقد يكاد مستحيلا في هذه المرحلة، بانتظار انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، والاتفاق على حل للقضية الفلسطينية.
ختامًا، هل يعني أن برودة التحرك الأميركي، لإنهاء استمرار الاحتلال الإسرائيلي لبعض مناطق الجنوب والاعتداءات اليومية على لبنان، والتباطؤ في مديد العون والمساعدات الأميركية المالية والاقتصادية، للتعافي وإعادة الإعمار، تنتظر قيام الدولة بتنفيذ هذين الشرطين حتى النهاية، وهو ما عبر عنه الرئيس الأميركي بوضوح.