شبح جيفري إبستين يطارد دونالد ترامب

شبح جيفري إبستين يطارد دونالد ترامب

كاركاسون – المعطي قبال

     لا تزال ما يسمى بـ  «فضيحة إيبستين» تؤجج سعيرها الحار تحت الرماد ومن المحتمل أن تكون لتفاعلاتها تأثير وخيم على دونالد ترامب. تنسب الفضيحة إلى الملياردير والمجرم الجنسي جيفري إيبستين من مواليد 1953.  كان ميالا لدراسة الرياضيات. حتى وإن لم يحصل على أي دبلوم فقد كان أستاذا بثانوية راقية بنيويورك. بنى ثروته على صداقته بالرئيس المدير العام ليسلي ويكسنير. في سرعة البرق أصبح له بيت فاخر بمنهاتن، ضيعة بالمكسيك الجديد، إقامة ببالم بيش، جزيرة خاصة بالجزر العذراء وطائرة خاصة في اسم «لوليتا إكسريس».

كما هو معروف في الكثير من الحالات فإن المال لا يصنع السعادة،  انتحر إبستين وهو بالسجن بين 9 و 10 غشت 2019 في الوقت الذي  حكمت عليه المحكمة بـ 45 عاما سجنا بسبب استغلاله الجنسي لقاصرين. وبسبب علاقات الصداقة التي كانت تربطه بدونالد ترامب منذ 1990 والتي دامت إلى غاية 2004 ، وبحسب “النيويورك تايمز” فإن الرجلان التقيا لأول مرة عام 1990 غذاة شراء إبستين لفيلا ببالم بيش بالقرب من سكن ترامب. وسبق لترامب أن كال المديح لإبستاين واصفا إياه بأنه «رجل يعشق النساء الجميلات والصغيرات السن مثلي».

اليوم يوجد هذا الأخير في وضع جد حرج. وخلال حملته الانتخابية للرئاسة سبق لترام ان أعلن أنه في حالة فوزه سيفتح ملفات القضية  للرأي العام، لكنه وهو رئيسا لم يفعل شيئا من هذا القبيل، الشيء الذي آخذته عليه قاعدته الانتخابية. علاوة على ذلك لم يتردد روبيرت ميردوخ إمبراطور الصحافة الأمريكية في ضرب المسمار عميقا في نعش ابستاين  و…ترامب. ميردوخ  في الحقيقة هو صانع ترامب. جند صحافته للدفاع عن ترامب وعن أحقيته للرئاسة. وكانت تربطهما علاقة صداقة أربعة عقود. لكن “وول ستريت جورنال” في ملكية ميردوخ خرج من الظل لتكسير التابو والإعلان يوم الأربعاء 23 يوليوز بـ «أن ترامب أخبرته وزيرة العدل، بام بوندي، بأن اسمه برز لعدة مرات في ملفات تهم قضية إبستاين إلى جانب أسماء أخرى لشخصيات بارزة.».

بعد صدور  هذا الخبر، سارع ترامب إلى رفع دعوى قضائية ضد “الوول ستريت” ومالكه مطالبا بتعويض بمبلغ 10 مليارات من الدولارات. تبين على إثر هذا الرد أن ترامب وأنصاره صنعوا الفخ بأيديهم لأن طريقة دفاعهم تنم عن تهرب ورغبة في إسقاط الخطأ على الآخرين الشيئ الذي يبين عقلية التآمر التي تنشط تفكيرهم. وقد سبق إيلون ماسك أن أشار في بداية يونيو بعد قطيعته مع ترامب إلى الفضيحة مصرحا: «حان الوقت لإلقاء إحدى القنابل: يوجد دونالد ترامب في ملفات إيبستاين». مع قرب استخراج جيسلان ماكسويل المحكوم عليها بسجن فلوريدا بعشرين سنة ، والتي لعبت دور «قوادة» لعاشقها إيبستاين ، والتي ستمثل أمام المحكمة في الحادي عشر من غشت، قد تحدث الكثير من المفاجئات وأخطرها اتهام ترامب مباشرة كونه زبونا. قد ينضاف إلى زبناء آخرين أشهرهم الأمير أندرو الذي نزعت عنه كل ألقاب الملكية البريطانية.

التقى ترامب وإبستين في عدة مناسبات وبالأخص في مار لاجو، فيلا هذا الأخير التي تحولت إلى وكر للدعارة ومن غير المستبعد أن يكون ترامب أحد المشاركين بها. ونتجت عن هذه التجاوزات كما يحدث في أفلام هوليود، ردود فعل درامية كما وقع للطالبة في مجال الفن ماريا فارمر التي رفعت دعوى ضد إيبستاين الذي قدمها قربانا لترامب. ولما تعرف هذا الأخير على سنها، 25 عاما، سخر منها ملاحظا على إبستين: أعتقد أنها ذات 16 ربيعا! عام 2004 انقطعت العلاقة بينهما بسبب المال. ولما أصبح ترامب رئيسا بعد أن دخل إبستين السجن ثم شنق نفسه، صرح ترامب: لست من مناصري إبستين. وقعت بيننا خصومة  ولم نتكلم مع بعض منذ سنوات». هذا ما يسمونه بالماكياج البشع للحقيقة.

لكن هل التاريخ سينسى ويمسح وقائع مثبتة في الأرشيفات ومكرسة في الذاكرات. إن أدخل ترامب مكونة الكذب والتمويه في السياسة فإن الحقيقة في الأخير هي من ينتصر. ولربما أثبتت لنا الأيام القادمة ذلك.        

شارك هذا الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!