معركة وجودية على حافة العمر (قصص قصيرة جدا)

معركة وجودية على حافة العمر (قصص قصيرة جدا)

 حسين جداونه

معركة وجودية على حافة العمر

كان..

يصفق بحرارة..

عندما توقف فجأة على الرغم من إرادته..

كانت..

رايات النصر تخفق فوق هامات مشنوقة

***

خطة واضحة المعالم

في ظلام دامس،

على طرف المدينة..

التقينا على غير موعد..

أخرجنا الخرائط من جيوبنا..

أشعلنا بها النار..

أدلجنا في ضوئها

***

مدينة تتحلّل كجيفة بجوار حاوية صدئة

طرقات تغصّ بالمركبات ككلاب تتسافد بشبق..

بشر ينتشرون كالذباب فوق مكب نفايات في يوم قائظ..

ضجيج يصك الآذان كقيح يسيل من المآقي..

شقق تتكدس فوق بعضها كعجائز قبيحات ينهش السأم أجسادهن المهترئة..

كتب تتهالك على بعضها كقبور منسية منذ ألف عام..

مسمار في نعش لوحة موناليزا معلقة على جدار زمن متغضن

من داخل المصيدة يقضم جرذ صفحات (الطاعون) بشهيّة

***

كأس زجاجي سقط عن طاولة قديمة وجهها محفّر

واتته الفرصة أن يعيد خلق نفسه بنفسه..

لم يتردّد..

صار جسدًا، يمشي على قدمين، وله يدان طويلتان، ورأس يفكر به..

ما إن نطق بأوّل كلمة حتى تهشّم من جديد

***

في منتصف الخريف.. في منتصف الليل..

أقف أمام النافذة..

الريح في الخارج تزمجر..

غراب على مئذنة الجامع ينعق..

القطط تصدر أصواتًا كنواح الأمهات الثكلى..

أغلق النافذة وأسدل الستائر..

أسمع أنينًا يتردد صداه في أرجاء..

صحراء قاحلة

***

الآخر الذي يسكنني كضرورة

رفعت الراية البيضاء..

اعتزلت حروب قبيلتي..

لذت بكهف قديم..

امتدت يد من فوق رأسي..

بعثرتني بقسوة..

وتركتني.. ألملمني بيدين مبتورتين

***

في آخر الخريف لا أحد يعير انتباهًا للفزاعة

في كل مرّة سار على هذا الطريق عاد سالمًا..

في هذه المرّة

احتفظ بسره الأبدي..

لم يجد أحدًا يصغي إليه..

ليخبره بما حدث

***

أزقة المدينة المعتمة

كان..

يبحث في جيوب سترته القديمة عن أشياء لا يعرفها..

كان..

بكامل وعيه.. عندما شرع بالبكاء

***

حياة تعانق الموت بشهوة

أسير بينهم..

أمشي على قدميّ..

أرى بعينيّ..

أحرك الأشياء بيديّ..

تصلني رسائل على بريدي الإلكتروني..

أردّ عليها..

أتناول وجبتين..

أفرح وأحزن وأغضب وأرضى تمامًا كما يتنفسون..

لكنهم جميعًا..

يؤكدون لي في كل مناسبة..

بأنني لم أعد على قيد ذاكرة أحد

***

لحن مشروخ يقطر صريرًا

وصلت إلى آخر درجة في السلم..

زرعت راياتي..

وأغمضت عيني..

لم يكن هناك أحد سوانا..

أنا وهنّ..

كان لقاء حارًا..

وكنت وجبة أعددتها لهن بنفسي..

تليق بالضيوف أصحاب البيت

شارك هذا الموضوع

حسين جداونه

كاتب من الأردن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!