17 خطأً إسرائيلياً قاتلاً لنجاح “عملية 7 أكتوبر”!

17 خطأً إسرائيلياً قاتلاً لنجاح “عملية 7 أكتوبر”!

سمير سكاف

          عندما تعتقد أنك وصلت إلى مرحلة “فائض القوة”، وأنه لا يمكن لأحد أن يؤثر بك Untouchable تكون قد دخلت بالفعل في مرحلة الخطر، ومرحلة ارتكاب الأخطاء!

لم تشكل إسرائيل بعد لجنة تحقيق في الأسباب والأخطاء الداخلية التي ارتكبتها القيادات الإسرائيلية السياسية والأمنية والعسكرية، انطلاقاً من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، والتي سمحت بنجاح عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023!

وقد وعد نتانياهو بتشكيل هذه اللجنة بعد نهاية الحرب. وهي تبدو قريبة، بعد الذكرى السنوية الثانية لعملية طوفان الأقصى، إذا ما تأكدت موافقة حماس على الانتحار سياسياً وعسكرياً في مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة!

إن نجاح عملية طوفان الأقصى هو في الواقع، نتيجة تحضيرات وتدريبات حماس من جهة، ونتيجة عنجهية القادة الأمنيين في الجانب الإسرائيلي من جهة أخرى، ونتيجة خطأ اعتقادهم أنه لا يمكن لحماس ولا لغيرها أن تؤثر بهم!

,وقد شهد هجوم 7 أكتوبر 2023 سلسلة من الإخفاقات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية التي ساهمت في نجاح الهجوم بهذا النطاق. وقد أشارت التحقيقات والتحليلات الإسرائيلية والدولية إلى مجموعة كبيرة من الأخطاء المنهجية والاستراتيجية والتكتيكية،

في تفصيل هذه الأخطاء الإسرائيلية هناك الأمور التالية:

1 – عدم تقدير قادة الموساد، والشين بيت (الشاباك) في الأمن الداخلي، ووحدة 8200 أن ما شاهدوه من تدريبات حماس في 6 مراكز تدريبية مكشوفة يمكن أن يُترجَم في عملية عسكرية.

إن الفيديو الشهير في أوساط الأمن الإسرائيلي والمعروف باسم “حائط أريحا” كان قد سجل كل شيء!

لكن استكبار القادة الأمنيين أبى أن يصدق أن حماس يمكنها بالفعل، حتى لو اعتقدوا فعلاً بنية حماس بالهجوم، أن تنفذ هذه العملية، بسبب تفوقهم العسكري الهائل، واعتبارهم آنذاك أن حماس هي “مجموعة من الهواة“!

شاهد القادة الأمنيون في إسرائيل كل شيء، بما في ذلك، تدريبات مقاتلي حماس على استعمال المركبات (المظلات الشراعية الآلية) التي استُعملت في تنفيذ نزلاتهم في الداخل الإسرائيلي، خلف حدود القطاع في عملية طوفان الأقصى.

وهم لم يأخذوا في حينه بجدية التهديدات العلنية التي كان يطلقها قائد حماس يحيى السنوار في الاحتفالات المختلفة للحركة ولكتائب القسام.

2 – ​تجاهل التحذيرات المباشرة: بالرغم من رصد نشاط غير معتاد ليلة 6-7 أكتوبر، لم يتم إصدار إنذار رسمي، وتمّ التعامل مع التحذيرات كجزء من تدريب أو استعداد دفاعي، ولم تتخذ القيادة خطوات حاسمة مثل الإخلاء الفوري للمناطق القريبة.

وكان ذلك أيضاً في عدم تقدير قادة الموساد والشين بيت ووحدة 8200 أن المعلومات التي وصلتهم في الأيام السابقة لعملية طوفان الأقصى من فرق المراقبة، المكونة بشكل اساسي من شابات صغيرات السن، بشأن تحركات حماس على نقاط التماس مع الجانب الإسرائيلي.

3 – الاستخفاف الأمني، وعدم الجهوزية في 7 أكتوبر. وعلى سبيل المثال: 3 بالونات من 6 بالونات مراقبة المستعملة في تصوير ونقل المعلومات كانت معطلة.

4 – تقليص عدد القوات الدفاعية: كان هناك تقليص في عدد القوات الموجودة في كافة المواقع والمستوطنات المحيطة بقطاع غزة، وعدم وجود قوات احتياطية إضافية كافية للرد على تسلل واسع ومتزامن.

وكان ذلك بتفريغ 3 من 6 تجمعات عسكرية محيطة بقطاع غزة من التواجد العسكري. ونقل العسكر فيها إلى الضفة الغربية.

5 – سماح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بتمويل حماس بالأموال “الكاش” من قطر، والتي كانت تسمح إسرائيل بوصولها إلى حماس بالشنط لتمكينها من تمويل حكمها لغزة.

وهي كانت بقيمة 30 مليون يورو. وكان هدف نتانياهو منها هو تعميق الانقسامات بين حماس وبين السلطة الفلسطينية.

وبالتالي، لم تكن حماس تستعمل هذه الأموال فقط في دفع الأجور بالتأكيد!

6 – ترك الجانب الإسرائيلي حماس تطور تصنيع الاسلحة في غزة، من صواريخ مضادة للدروع ودرونات وغيرها.

7 – سوء تقدير تحذيرات بطاقات الموبايل. ولم يكمن الفشل في اختراق بطاقات الموبايل نفسها، بل في سوء تقدير جهاز الأمن الإسرائيلي (الشاباك والاستخبارات العسكرية) للإشارة التحذيرية التي قدمتها هذه البطاقات ليلة هجوم 7 أكتوبر، مما أدى إلى تجاهل إنذار حاسم.

​ويمكن تلخيص ​أبرز الإخفاقات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في 7 أكتوبر في موضوع الموبايل بالتالي:

أ – ​رصد الإشارة التحذيرية:

​في الساعات الأولى من صباح يوم 7 أكتوبر 2023 (والليلة التي سبقت الهجوم)، رصدت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية (الشاباك والاستخبارات العسكرية) تفعيل المئات من شرائح الاتصال الإسرائيلية (SIM cards) التي كانت بحوزة عناصر حماس داخل قطاع غزة.

​كان يُعتقد أن تفعيل هذه الشرائح دليل على استعداد مقاتلي حماس لاستخدامها في شبكات الهواتف الإسرائيلية عند دخولهم للمستوطنات الإسرائيلية لعدم توفر شبكات فلسطينية هناك.

ب – ​سوء التقدير وتجاهل التهديد:

​رغم أهمية هذه الإشارة، فإن القادة الأمنيين لم يتعاملوا معها باعتبارها تهديداً حقيقياً وشيكاً لعملية واسعة النطاق.

​اعتقد رئيس الشاباك (في حينه) وكبار المسؤولين أن هذا الأمر حدث بالفعل في الماضي (مثل تفعيل البطاقات في أحداث سابقة عام 2022 وشهر رمضان 2023)، ولم يؤدِ إلى تهديد أمني كبير، بل كان مؤشراً على تدريبات أو عمليات محدودة النطاق أو حتى محاولة لـ “ابتزاز” إسرائيل.

​اتفق القادة الأمنيون (حسب التقارير الإسرائيلية) على الانتظار حتى الصباح لمراجعة الإشارة، لكن الوقت كان قد فات بالفعل.

​باختصار، كانت الإشارة الخاصة بـ “بطاقات الموبايل” بمثابة دليل قاطع على الخطر التقطته الأجهزة الإسرائيلية، لكن عدم تقديرها على محمل الجد وتفسيرها على أنها “إشارة زائفة” أو “روتينية” (بسبب الخبرات السابقة والمفهوم السائد)، كان أحد الأسباب الاستخباراتية الرئيسية التي أدت إلى فشل إسرائيل في منع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

8 – ​الاعتماد المفرط على التكنولوجيا: إن المبالغة في الثقة في الحاجز الأمني الذكي المزود بكاميرات وأجهزة استشعار على طول حدود غزة، والاعتقاد أنه يكفي لصد أي هجوم، أدى إلى خلق شعور زائف بالأمان.

9 – ​تخفيض التنصت على الاتصالات: فقد قامت وحدة المخابرات العسكرية (8200) بوقف التنصت على شبكات الراديو المحمولة الخاصة بمقاتلي حماس قبل عام من الهجوم، لاعتبارها ذلك “مضيعة للجهد”، مما أضاع عليها مصدراً حيوياً للمعلومات.

10 – الفشل الاستخباراتي الاستراتيجي: عدم القدرة على تقييم نوايا حماس بشكل صحيح وتفسير تدريباتها وخططها العملياتية على أنها غير واقعية أو مجرد تدريبات، وتفويت ما لا يقل عن 10 إشارات تحذيرية خلال عامين.

11 – ضعف الاستجابة الأولية للقوات: الشلل والارتباك الذي أصاب القيادات الميدانية والقوات البرية في الساعات الأولى، مما أدى إلى تأخر عمليات المواجهة وترك المستوطنين وقوات الحراسة المدنية (الفرق المتأهبة) يواجهون الهجوم بمفردهم لساعات طويلة.

12 – فشل القيادة والسيطرة والاتصالات: مقتل أو إصابة العديد من القادة في الساعات الأولى وتعطّل منظومة القيادة والسيطرة وشبكات الاتصالات، مما جعل تصرفات الجنود في الميدان فردية وعشوائية وغير منسقة.

13 – الفشل في التوغل البشري والاستخبارات البشرية: فشل جهاز الشاباك في تجنيد مخبرين مؤثرين في قطاع غزة، وعدم القدرة على تجنيد مخبر واحد من بين آلاف المقاتلين الذين شاركوا في الهجوم، مما قلل من فاعلية الاستخبارات البشرية.

14 – عدم الاستعداد لسيناريو واسع النطاق: لم يكن الجيش الإسرائيلي مستعداً لسيناريو تسلل واسع النطاق ومتعدد المحاور والهجوم في عشرات النقاط في وقت واحد، بل كانت الاستعدادات مقتصرة على سيناريوهات تسلل فردي أو موضعي.

15 – الفشل في فهم قدرات الخصم: عدم المعرفة والفهم للتحسن الملحوظ والمستمر في قدرات حماس العسكرية، خاصة فيما يتعلق بالتنسيق والتنظيم وقدرة عناصر النخبة على البقاء داخل العمق الإسرائيلي لفترة طويلة.

16 – ​الاعتماد على “عقيدة الردع”. وهو الاعتقاد السائد والمُتَجذِّر لدى المؤسسة الأمنية أن حركة حماس “مردوعة” وليس لديها مصلحة في شن هجوم واسع النطاق، وهو ما أدى إلى الرضا عن الوضع القائم وتجاهل التحذيرات.

17 – ​تأثير الاضطرابات السياسية: أشار البعض إلى أن الاضطرابات السياسية الداخلية الإسرائيلية المتعلقة بالسياسات الحكومية أدت إلى إضعاف الأمن القومي وتشجيع “الأعداء”، ورفض رئيس الوزراء في بعض الحالات مقابلة جنرالات لتقديم تحذيرات أمنية.

في المعارك لاحقاً، يمكن إضافة مسالة بناء الأنفاق كأحد العناصر الأساسية التي أهملها الجانب الإسرائيلي على الرغم من معرفته بها.

من ثقة مفرطة إلى أخطاء قاتلة 

​ساد ما يُعرف بـ “المفهوم” الاستخباراتي الخاطئ أن حركة حماس “ردعت” وغير مهتمة بشن حرب واسعة، وأنها منشغلة بإدارة شؤون غزة، مما جعلهم يستخفون بقدراتها ونواياها.

و​أدت الثقة المفرطة في “المفهوم” الاستخباراتي والاعتقاد أن التكنولوجيا الإسرائيلية ستكشف أي تهديد، إلى تأخير أو إلغاء اتخاذ خطوات عملياتية فورية في تلك الليلة الحاسمة.

موضعياً، فاقت عملية 7 أكتوبر كل سيناريوهات أفلام الأكشن الهوليودية. ولكن نتائجها، بعد سنتين، مع شلال الشهداء والجرحى والتدمير الهائل، تبقى لتقدير أهل غزة بناءًا لتطورات مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب!

وحتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من التفوق الميداني الإسرائيلي، وعلى الرغم من زمن “الأمن الإسرائيلي” في المنطقة، فإن إسرائيل ليست بمأمن بعد!

شارك هذا الموضوع

سمير سكاف

كاتب وخبير في الشؤون الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!