5 أسباب لحرب الولايات المتحدة على فنزويلا… والنفط واحد!
سمير سكاف
كل بلدان مصادر الطاقة والثروات الطبيعية في العالم معرضة للحروب بسبب مصالح الدول، الكبرى أو المجاوره!
نفط فنزويلا مثلاً هو سبب حرب كافٍ ضدها من قبل الولايات المتحدة الأميركية! إذ تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، وبحجة محاربة تهريب المخدرات، يمكن للرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلان الحرب على فنزويلا!
منذ ولايته الرئاسية الأولى، وعين الرئيس ترامب على نفط فنزويلا. وهو اتخذ عقوبات ضدها منذ ذلك الوقت!
اجتياح بري وتغيير نظام مادورو هو من أهداف الرئيس ترامب الذي يطمح أن يضع يده على هذا الاحتياطي للنفط الأكبر في العالم، والمتواجد على أبواب الولايات المتحدة الأميركية!
ولم يخفِ الرئيس ترامب من جهة أخرى، وبموضوع مختلف، وتحقيقاً للمصالح الأميركية، نيته ومصلحة الولايات المتحدة الأميركية في وضع يدها على جزيرة غرينلاند “الدانمركية”، وهي الجزيرة الأكبر في العالم، والمواجهة لها جغرافياً.
وإذا كانت الولايات المتحدة تسعى لضمان مصالحها في المنطقة، فإن فنزويلا تتهم واشنطن بمحاولة السيطرة على ثرواتها النفطية.
ويستند التوتر الحالي بين الولايات المتحدة وفنزويلا إلى خلفية معقدة ومتعددة الأوجه في الظاهر، لكنها بسيطة في الحقيقة، قد تؤدي إلى الحرب. ويمكن تلخيصها في أسباب خمسة هي التالية:
بعد النفط، السبب الثاني للحرب هو إرادة الولايات المتحدة ترويض فنزويلا سياسياً بهدف… النفط! إذ رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بشرعية حكم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. وهي اعتبرت انتخابات 2018 كما انتخابات 2024 غير نزيهة. وهي كانت اعترفت سابقاً في 2018 بـ خوان غوايدو، رئيس الجمعية الوطنية السابق، كرئيس “مؤقت” للبلاد. كما اعترفت بإدموندو غونزاليس أوروتيا رئيساً في انتخابات 2024!
وقد أصبح نيكولاس مادورو رئيساً لفنزويلا منذ عام 2013، بعد وفاة سلفه الرئيس هوغو شافيز. وقد تولى مادورو الرئاسة بالإنابة في 5 آذار/مارس 2013 بعد وفاة شافيز، ثم فاز بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في نيسان/أبريل 2013.
السبب الثالث هو العقوبات الاقتصادية: فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية واسعة ومشددة على قطاع النفط الفنزويلي وشخصيات حكومية، بهدف الضغط على نظام مادورو… من أجل النفط!
التصعيد الأكبر والأكثر تأثيراً على الاقتصاد، وقطاع النفط تحديداً، حدث في عام 2019 في عهد الرئيس دونالد ترامب، حيث فُرضت عقوبات على شركة النفط الحكومية (PDVSA) وعلى أكثر من 150 شركة وسفينة وأفراد، مما زاد من حدة الأزمة الاقتصادية. وذلك، بالإضافة إلى عقوبات محدودة للأفراد في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
ومع ذلك، فإن تصدير النفط، إلى الصين بشكل خاص، كما إلى الهند وكوبا واوروبا هو مصدر دخل فنزويلا الأساسي حالياً.
أما السبب الرابع فهو اتهامات الولايات المتحدة الأميركية لفنرويلا بتهريب المخدرات والجريمة المنظمة: إذ تتهم واشنطن مادورو وكبار المسؤولين الفنزويليين بالضلوع في تهريب المخدرات، وبالتحديد قيادة ما يُعرف بـ “كارتل الشمس”، وهو ما تنفيه كاراكاس وتصفه بالذريعة… من أجل النفط!
وبالسؤال، كم يمكن أن تبلغ قيمة تهريب المخدرات فعلياً؟! الجواب: لا شيء، بالمقارنة مع إمكانية بيع النفط لأكبر احتياطي في العالم!
والسبب الخامس هو النفوذ الجيوسياسي: إذ تنظر واشنطن إلى حكومة مادورو كبوابة مفتوحة لخصومها مثل روسيا والصين وإيران وكوبا في منطقة تعتبرها الولايات المتحدة “حديقتها الخلفية” تقليدياً، مما يزيد من رغبتها في تغيير النظام… من أجل النفط!
بحجة النفط، كل ذرائع الحرب ممكنة!
ما الذي قد يؤدي إلى تطور الأمور إلى حرب بين الولايات المتحدة الأميركية وفنرويلا؟
على الرغم من أن الصراع المباشر بين الدولتين يعتبر سيناريو مرتفع التكلفة وغير مرجح بشكل كبير، إلا أن العوامل التي تزيد من خطر التصعيد تشمل:
1 – الوجود العسكري الأمريكي في الكاريبي: فالتحركات العسكرية الأمريكية القريبة من السواحل الفنزويلية، تحت ذريعة مكافحة المخدرات، تعتبرها فنزويلا تهديداً مباشراً لسيادتها وتجهزاً لتدخل عسكري.
2 – التصادم العسكري المباشر: وقوع أي حادث غير مقصود أو هجوم متعمد بين القوات البحرية أو الجوية للطرفين في المياه الإقليمية المتنازع عليها أو القريبة يمكن أن يفتح الباب أمام مواجهة أوسع.
3 – الاستخدام المباشر للقوة: لجوء الولايات المتحدة لعمليات عسكرية محددة (مثل الضربات بالطائرات المسيّرة أو التدخل المحدود) لاستهداف شخصيات أو منشآت فنزويلية، على غرار ما حدث في دول أخرى، مما قد يدفع فنزويلا إلى الرد.
هل تملك فنزويلا قدرات جدية على الصمود والمقاومة اقتصادياً وعسكرياً؟
أ – اقتصادياً:
النقاط السلبية: يعاني الاقتصاد الفنزويلي من انهيار حاد، تضخم مفرط، ونقص في السلع الأساسية بسبب سوء الإدارة وتأثير العقوبات الأمريكية المشددة على قطاع النفط.
نقاط القوة والصمود: تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي عالمياً، وحصلت على دعم مالي واقتصادي كبير من روسيا والصين وإيران لمساعدتها على تجاوز العقوبات والحصار، مما يقلل من احتمالية انهيارها التام.
ب – عسكرياً:
النقاط السلبية: تفتقر القوات الفنزويلية إلى القدرات العسكرية التقليدية لمواجهة قوة عظمى مثل الولايات المتحدة.
نقاط القوة والردع: تمتلك فنزويلا قوة عسكرية كبيرة (الجيش والقوات الشعبية البوليفارية – الميليشيا)، وتعتمد على أنظمة دفاع جوي وصواريخ من مصادر روسية وصينية وإيرانية، مما يوفر لها قدرة ردع محدودة ويجعل أي تدخل بري مكلفاً.
كما أن فنزويلا قد تلجأ إلى التعبئة الشعبية الواسعة لخلق بيئة غير مرحبة لأي غزو. بالإضافة إلى دعم روسيا والصين الذي قد يجعل أي مواجهة تدخل في إطار صراع جيوسياسي أكبر.
المشاكل الانتخابية بين القادة في فنزويلا
إن الخلاف بين قادة فنزويلا، واعتبار كل منهم الآخر “غير شرعي، هو إحدى أبرز نقاط ضعف فنزويلا في السياسة الداخلية كما في السياسة الخارجية!
وتدور المشاكل الانتخابية الرئيسية حول رفض المعارضة والولايات المتحدة والمجتمع الدولي لنتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة (مثل انتخابات 2018 وانتخابات تموز/يوليو 2024)، حيث تعتبرها المعارضة مزورة وتدعو إلى انتخابات جديدة ونزيهة.
والقادة الرئيسيون لفنزويلا هم:
– نيكولاس مادورو: الرئيس الحالي لفنزويلا، يمثل الحزب الاشتراكي الموحد، وهو الحزب الحاكم.
– خوان غوايدو: رئيس الجمعية الوطنية السابق الذي أعلن نفسه “رئيساً مؤقتاً” بدعم من الولايات المتحدة ودول أخرى (انتهى دوره السياسي الرسمي كـ “رئيس مؤقت” عملياً).
– إدموندو غونزاليس أوروتيا: مرشح المعارضة الذي أعلنت المعارضة فوزه في انتخابات تموز/يوليو 2024 المتنازع عليها، على الرغم من إعلان المجلس الانتخابي الرسمي فوز مادورو.
“المعارضة” ماريا كورينا ماتشادو منعت ترامب من تحقيق حلمه!
سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاهداً للحصول على جائزة نوبل للسلام هذا العام. ولكنه فشل في ذلك.
إذ مُنحت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو جائزة نوبل للسلام لعام 2025.
ووفقاً للجنة نوبل النرويجية، مُنحت الجائزة لها “بفضل عملها الدؤوب في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا ونضالها من أجل تحقيق انتقال عادل وسلمي من الدكتاتورية إلى الديمقراطية“.
ويأتي هذا التكريم لجهودها في الدفاع عن الحقوق الديمقراطية في فنزويلا ونضالها ضد الحكم الاستبدادي. وقد وصفتها اللجنة أنها “المدافعة الشجاعة عن الحرية التي تنهض وتقاوم” عندما يستولي المستبدون على السلطة.
زعيمة المعارضة البارزة ليست بالتأكيد من أصدقاء الرئيس ترامب!
لا حل قريب للمشاكل الانتخابية!
لم يتم حل المشاكل الانتخابية بشكل كامل. ولا يزال الجدل مستمراً حول نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة (تموز/يوليو 2024)، حيث أعلن مادورو فوزه، بينما أعلنت المعارضة فوز مرشحها غونزاليس أوروتيا. وقد أدت هذه الأزمة إلى موجة جديدة من الاحتجاجات والتوتر السياسي الداخلي والخارجي.
فنزويلا، أكثر من 916.000 كم مربع، بعدد سكان يتجاوز ال 30 مليون نسمة، تعاني الأمرين اقتصادياً، على الرغم من امتلاكها الكثير من الثروات، بينها احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي والحديد والذهب والبوكسيت!
وهي تعيش فعلياً، بالإضافة إلى ما تيسر من تصدير النفط، مستندةً على قطاع الزراعة، وعلى زراعة الأرز والذرة والقهوة والفواكه الاستوائية، وعلى صيد الأسماك! وذلك، بعد تحول نفطها من نعمة إلى نقمة!
لولا المصالح المتعلقة بالنفط، لا يمكن القول إن هناك اكتمال لعناصر الحرب بين الولايات المتحدة الأميركية وفنرويلا! فهل تقوم الولايات المتحدة ب”افتعال” إشكال يبرر لها إعلان الحرب على فنزويلا… من أجل النفط؟!
