ماكرون يتحدى بوتين بالتزامن مع خطر إنهيار الجبهة الأوكرانية!

ماكرون يتحدى بوتين بالتزامن مع خطر إنهيار الجبهة الأوكرانية!

سمير سكاف

تتخلى الولايات المتحدة الأميركية عن حلفائها الأوروبيين دفاعياً، وخاصةً في مجال تمويل وتجهيز هذا الدفاع. وهو ما يجعل دول الاتحاد الأوروبي يبحثون عن سياسة دفاعية جديدة، قد تكون خارجاً عن حلف الأطلسي!

وهو أيضاً ما دفع فرنسا بأخذ مبادرة عسكرية استراتيجية جديدة لصالح أوكرانيا. وهو ما قد يعرضها لمشاكل “عسكرية” ما، مع روسيا مستقبلاً!

في الواقع، لن تغير طائرات الرافال الفرنسية اتجاهات الحرب بين روسيا وأوكرانيا! فروسيا مستمرة بقضم الأراضي “الأوكرانية”. والتهديدات جدية بسقوط قسم من الجبهات وصولاً الى تهديد مدينة زاباروجيا الكبيرة نفسها،! إذ ان الجيش الروسي استطاع السيطرة اليوم على 3 قرى قرب خاركيف ودنيبروبتروفسك ودونيتسك! وهو ما يؤدي الى تراجع الجيش الأوكراني في عدد من الجبهات.

في هذا الوقت، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تقديم أو بيع (؟) 100 طائرة رافال فرنسية، للدفاع عن أوكرانيا.. وما هو غير واضح حتى الآن هو من سيدفع الفاتورة، إذا كانت لا فرنسا ولا أوكرانيا تستطيعان تحمل فاتورة تبلغ حوالى 13 الى 15 مليار يورو! أي بتكلفة 130 الى 150 مليون يورو لكل طائرة رافال!

وحدها شركة داسو الفرنسية المنتجة لهذه الطائرات تضمن تحقيق الأرباح في كل الأحوال. وما جرى بالفعل بين الرئيس ماكرون والرئيس الأوكراني فلودومور زيلينسكي هو توقيع “ورقة نوايا” وليس عقد شراء بعد!

القرار الفرنسي هو قرار سياسي مع أوكرانيا، وهو قرار سياسي ضد روسيا، وهو قرار استراتيجي ضد الأميركيين أيضاً، إن لجهة التسليح من الأوروبيين وإن لجهة التفرد بقرار استراتيجي بهذا الحجم!

روسيا من جهتها، تنتج تجهيزات عسكرية خلال ثلاثة أشهر ما ينتجه كل الاتحاد الأوروبي خلال سنة! وتملك روسيا حالياً قدرات استراتيجية واقتصادية هائلة على الرغم من الحرب، مقابل صعوبات اقتصادية ومالية أوكرانية جمة!

كل ذلك، يُضاف الى قضية الفساد الضخمة التي تهز حالياً كييف بقسوة في الداخل الاوكراني. والتي تطال مقربين جداً من الرئيس زيلينسكي!

وإذا كان العقد “تاريخي” بحسب الرئيس زيلينسكي! وإذا كان الرئيس ماكرون يريد المساهمة بإعادة هيكلة الجيش الأوكراني إلا أن صعوبات جمة تعترض هذا “العقد“!.

 فالصعوبة الأولى تكمن، بحسب الجنرالات الفرنسيين، في تدريب طياري الرافال! ففترة التدريب تحتاج لأربعة سنوات للطيارين المقاتلين المحترفين. وتحتاج لسبع سنوات لطيارين مقاتلين جدد.

الصعوبة الثانية هي في موعد تسليم الطائرات. وبدء التسليم هذا يحتاج الى 3 سنوات على الأقل، بين تاريخ توقيع العقد، الذي لم يتمّ بعد، وبين التسليم. وهو يصل الى 10 سنوات. ما يعني أن أولى الطائرات لن تصل الى أوكرانيا قبل العام 2029 (سنتان بعد رحيل ماكرون). وآخرها قد يصل في العام 2039!

فرنسا كانت قدمت الى أوكرانيا 5 طائرات ميراج 2000 من قبل. في حين هناك حوالى 30 الى 40 طائرة غربية تتواجد في أوكرانيا.

الصعوبة الثالثة هي احتجاج سلاح الجو الفرنسي على الصفقة المنتظرة. إذ أنه يعاني من نقص في عدد الطائرات. وأن استعماله لطائرات الرافال حالياً هو 15% أكثر من طاقاتها، بحسب قائد سلاح الطيران الفرنسي! 

علماً أن 12 طائرة رافال “مستعملة” باعتها فرنسا مؤخراً لكرواتيا و12 أخرى باعتها لليونان.

رئيس الحكومة الفرنسية دومينيك دو فيلبان يحذر فرنسا من الدخول في الحرب باي شكل من الأشكال. ويعتبر ان أوروبا يجب أن تنهي الحرب بالمفاوضات مع روسيا.

توقيع “ورقة النوايا” تضمن أيضاً شراء صواريخ سامب/ت أيضاً، المشابهة لصواريخ باتريوت الأميركية بقيمة 4 مليار يورو بالإضافة الى طائرات الرافال!

يعتبر الفرنسيون طائرة رافال F4، الطائرة الوحيدة في العالم القادرة على تنفيذ كل المهام العسكرية المطلوبة! خاصةً بالمقارنة مع سوخوي 35، الروسية، التي هي اكثر سرعة ولكن أقل تكنولوجية من الرافال، بحسب الفرنسيين!

ويكشف الفرنسيون أن هناك طلبيات على الرافال وصلت الى 80 طائرة لدولة الامارات العربية و62 طائرة للهند!

تدهور الجبهة الأوكرانية 

في هذه الأثناء، أصبحت مدينة بروكروفسك الأوكرانية ساقطة بيد الروس، وإن كان بعد 21 شهراً

وهناك تخوف من انهيار الجبهة في زاباروجيا. وخاصة أن مدينة زاباروجيا نفسها قد تصبح تحت نيران المدفعية الروسية قريباً.

ويشير الوضع الميداني الحالي في زاباروجيا إلى أن القوات الروسية تحقق تقدماً في بعض المناطق، وأن الوضع أصبح أكثر صعوبة بالنسبة للقوات الأوكرانية، خاصة في الأيام الأخيرة.

​وقد أكد القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، ألكسندر سيرسكي، أن الوضع تدهور بشكل ملحوظ في اتجاهي أوليكساندريفكا وهوليابول (Huliaipole).

​وقد أقر الجيش الأوكراني بخسارة 3 بلدات في منطقة زاباروجيا (أوكرانيا تقول إنها سحبت قواتها بالكامل من بلدتي أوسبينيفكا ونوفوميكولاييفكا)، مشيراً إلى أن القوات الروسية استولت عليها مستغلة تفوقها في العدد والعتاد.

هناك أيضاً ​مخاوف حول هوليابول. إذ أن القوات الروسية تواصل عملياتها الهجومية في اتجاه هوليابول (Huliaipole)، مع تقارير عن سيطرتها على قرية ريفنوبيليا (Rivnopillia) وتكثيف الضغط على الخطوط الدفاعية الأوكرانية

إن السيطرة على هذه المناطق قد يفتح ممراً للحركة نحو هوليابول من الشمال، ويزيد من احتمالية محاولة عزل المدينة.

و​تستمر من جهة أخرى الهجمات المتبادلة بالطائرات المسيرة، كما يصعد الجانب الروسي قصفه على شبكة السكك الحديد ومنشآت الطاقة الأوكرانية.

​وكان الرئيس زيلينسكي قد قام في الأيام الأخيرة بزيارة إلى منطقة أوريخيف (Orikhiv) قرب الجبهة لتعزيز الدفاعات، مؤكداً أن الوضع هناك “من أصعب” الأوضاع وأن صد القوات الروسية فيها أمر أساسي لحماية مدينة زاباروجيا الكبرى.

​يشتد احتدام القتال في هذا القطاع من الجبهة. وهو يشهد تقدماً تكتيكياً للقوات الروسية، خاصة في المناطق الشرقية من زاباروجيا، مستغلة ما وصفه الحانب الاوكراني أنه “ثغرات ونقاط ضعف” في الدفاعات الأوكرانية.

إن الفارق بين الدعم الفرنسي العسكري، على الورق، والواقع الميداني على الجبهات الروسية – الأوكرانية كبير جداً. وقد تكون المشكلة أن الأوروبيين يدفعون بأوكرانيا باتجاه الحرب أكثر منه باتجاه السلام! 

شارك هذا الموضوع

سمير سكاف

كاتب وخبير في الشؤون الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!