زلزال يهز أركان المجلس الوطني للصحافة بالمغرب ويعصف بمصداقيته
اسماعل طاهري
لأول مرة يجتمع الفرقاء حول مظلمة المهداوي..ويفهمون الدسائس التي كانت تحاك ضده وضد الصحافة المستقلة والحرة.
فعندما سكت الكثير تحدث المهداوي بصوت مرتفع. وقالوا عنه: “هدراوي”، وقالوا مجرد يوتوبر يلهث وراء أدسنس غوغل. بهدف التضليل وتهريب النقاش وأدمنوا هدر شرفه وحياته الخاصة، وجندوا كل ما يملكون من عدة تشهير وعلاقات ومال ومحسوبية لكتم صوته، ولكنه لم يخف ولم يصمت. ولم يتململ بل تحداهم بعمله الصحفي المهني الواسع الانتشار.
بزرة تسريب لمداولات لجنة أخلاقيات الصحافة بسبابة المهدوي. فهم الجميع قواعد اللعبة، وحجم الدمار الذي ينخر هذا المجلس الدستوري.
وعرف الجميع كيف ينسج رموز الفساد والإستبداد خيوط المؤامرات باستغلال مؤسسات الدولة ومقدراتها. وكيف يكيدون للمهداوي المكائد لتدميره وإدخاله الى السجن ليخلو لهم الجو.
لقد ظل في الساحة يقاوم ويصارع التشهير والمحاكمات والمضايقات والتهديدات وخلناه كاد أن ينهار كما انهار الكثير من الصحفيين والمدافعين عن الديمقراطية والحريات وصمتوا أو غادروا الى المنافي السحيقة، لكن ما نشره من تسريبات غير موازين القوة وجعلته في الأخير ينتصر بالضربة القاضية. وبهذا التسريب/ السبق ولد المهداوي وموقع بديل كالفينيق من تحت الرماد.
وهنا والآن وبلا مواربة أو جدل فالعصابة الإجرامية في طريقها حتما الى السقوط..هذه هي البداية فقط و”إن ناظره لقريب”!
نحيي المهداوي على شجاعته النادرة في تعرية واقع الفساد في قطاع الصحافة وقطاعات أخرى، وهو ما عجزت عن فعله بعض القوى الحية في المجتمع المدني..
لقد فرقع المهدوي الرمانة في وجوه العصابة المسيطرة على المجلس الوطني للصحافة ومن وراءهم من موزعي الوهم باسم شعارات الدعم. والذين يصرون على استمرار أداء أجور الصحفيين ليس حبا في عيونهم، بل من أجل السيطرة على الإعلام وتدجينه حتى يبتعد عن كشف الحقيقة، ويبقى سجين التحرك داخل الخطوط الحمراء. ويظل مقيد الضمير في توابيت الفساد والإستبداد. ويبقى خادما مطيعا لأجندة أجنحة التحكم داخل الدولة وداخل المجتمع.
.***
لقد كادت مهنة الصحافة النزيهة تحتضر في المغرب من زاوية فقدانها معظم شروط المصداقية والمشروعية…ولكن الصحفي المهدوي له شرف إنقاذ الموقف. والدفع بهذا الواقع للتغيير الى غير رجعة.
فهذه الضربة القاضية التي وجهها المهدوي لعش الفساد سيكون لها ما بعدها..
***
تقريبا كل شيء قيل.. وكلمتي هذه ستكون نقطة في بحر..ربما تأخرت في كتابتها لهول الصدمة التي انتابتني عندما اطلعت على فيديو التسريبات والردود الأولية بشأنها. وخيل لي أن كلمتي لم يعد لها أهمية أمام قوة ردود الفعل التي صدرت عن صحفيين وأحزاب وشخصيات وهيئات لها قيمتها المضافة المتميزة على الصعيد الوطني.
إن بيانات أحزاب العدالة والتنمية، والتقدم والاشتراكية، والاشتراكي الموح، وأسئلة برلمانيين الى الحكومة، وكتاب رئيس حزب الحركة الشعبية، وكذلك موقف المحامين، إضافة بيان الصحفيين المهنيين المئة، وسيل من المواد الساخرة وآلاف التدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي.. كلها عناوين لردود فعل قوية هزت الرأي العام في هذا البلد السعيد.. وشكلت الردود ذاتها جبهة عملية لمواجهات طواغيت الفساد وأذناب السلطوية في قطاع الصحافة والنشر والإعلام والاتصال.
ما طالبت به هذه الردود “الآن الآن وليس غدا” (وأطالب أنا أيضا به ) هو دعوة “أهل الحل والعقد” الى تحريك الابحاث الادارية والقضائية واتخاذ المتعين ضد كل من سولت له نفسه دبح الدستور ونحر القانون بإصرار وترصد.
هذه مرحلة فيصلية في معركة حرية الصحافة والتعبير والرأي والضمير في المغرب.. كان للمهداوي شرف فتحها..
لقد أرادوا إخراج المهدوي من الصحافة المهنية فأخرجهم من المشهد..لقد عرى زيفهم ونفاقهم واستبدادهم.
لكل هذا وذاك أعلن تضامني المطلق مع الصحفي الجسور حميد المهداوي.
