شروخ (قصص قصيرة جدا)
حسين جداونه
سعادة مثيرة
دعتني صديقتي إلى قضاء اليوم عندها، وبما أنّه يوم عطلة، رحّبت بالفكرة بحماس. عندما وصلت إلى بيتها، وجدتها قد دعت زميلاتنا اللواتي كنّ معنا في المدرسة قبل عشر سنوات، أمضينا نهارًا ممتعًا، استذكرنا فيه أيّام الدراسة بتفاصيلها المثيرة، نسيت خلال الزيارة حالتي النفسية الصعبة، فودّعت زميلاتي وأنا في أحسن حال.
نمت تلك الليلة بهدوء، وبعمق، في الصباح، استيقظت بكامل لياقتي الصحية والنفسية،
أخبرت أمّي أنّني أمضيت أمس يومًا رائعًا برفقة زميلاتي، وأنّني اتفقت معهنّ على الاجتماع كلّ شهر في بيت إحدانا.
تحمّست والدتي للفكرة، وقالت لي: يا لها من فكرة جميلة! ولكنّك لم تغادري ـ يا عزيزتي ـ المنزل منذ أسبوع…
***
إجازة خاصة
بلغت درجة كبيرة من الإجهاد، لم أعد قادرة على التواصل مع أحد. فأخذت إجازة من العمل. اشتريت حاجاتي البيتيّة لمدة ثلاثة أيّام، أغلقت باب الشقة، وأغلقت هاتفي، فاستمتعت بإجازة خاصة، راجعت فيها كثيرًا من الأحداث التي مرّت بي في الأشهر الأخيرة.
في اليوم الرابع استيقظت نشيطة، وبشغف أقبلت على الحياة والعمل. صافحت زملائي وزميلاتي بحرارة، استفسرت عن أحوالهم، فأخبروني أنهم بخير، ولكنهم ما زالوا في حالة صدمة بسبب الحادث الذي أودى بحياتي…
***
بكاء
أصبح كلّ ما حولي مملّا، لم يعد شيء يثير اهتمامي، أقمت عند شقيقتي يومين على أمل أن تتحسّن نفسيتي، إلا أنّني بمجرد عودتي إلى الشقة، عاودني التوتر والملل.
خطر ببالي أن أعيد ترتيب أثاث الشقة، أمضيت معظم النهار وأنا منهمكة في العمل، حتى أنّني أعدت توزيع اللوحات الفنية على الجدران. أخيرًا، انتهيت من العمل منهكة، أعددت فنجان قهوتي، وما إن احتسيتها حتّى شعرت بالحيوية والنشاط، كانت نفسي رضية، فغمرتني سعادة مفاجئة. مع منتصف الليل، استسلمت لنوم عميق.
كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة صباحًا، عندما فتحت عينيّ، نهضت مسرعة، تفقّدت ما قمت به بالأمس.. تبًّا، كلّ شيء كان ميّتًا…
