مذكرة سياسية: نحو جبهة ديمقراطية موحدة لقوى اليسار بالمغرب
بيان:
♦تُعدّ هذه المذكرة السياسية وثيقة هامة صادرة عن اللقاء التشاوري للمناضلين والمناضلات، الذين تفاعلوا إيجابيًا مع “نداء لفعل موحد لقوى اليسار من أجل التغيير الديمقراطي” في المغرب…تهدف المذكرة إلى مخاطبة أحزاب وتيارات اليسار المناضل في البلاد، كما تسعى إلى تنوير الرأي العام الديمقراطي حول مستجدات ومشروع وحدة اليسار… ركزت المذكرة على عدة محاور أساسية تمثل قضايا مصيرية لليسار وللعملية الديمقراطية في المغرب، وهي: تقييم مسار النداء الوحدوي: تم تسجيل الترحيب المبدئي، وطرح التحديات والقضايا التي تعيق تبلور الفعل الوحدوي- مقاربة الخلافات والأولويات: التأكيد على أن القضايا المؤسِّسة لمشروع التغيير الديمقراطي المجتمعي وغاياته الكبرى أكبر وأهم من القضايا الخلافية البينية – توصيف الوضع الوطني: تشخيص دقيق للظرفية، يتمحور حول استشراء وتوغّل الفساد (السياسي، الاقتصادي، والإداري)، واعتبار بناء الجبهة السياسية هو السبيل الوحيد لردع هذا الفساد- مرتكزات العمل المستقبلي: تحديد مجموعة من الضرورات المنهجية والفكرية والعملية لقيام الجبهة، تشمل: استيعاب التحولات المجتمعية والجيوسياسية. وضرورة بناء الوحدة عبر آليات شفافة ومبدئية. وربط الوعي بالتغيير بالتأطير الفعال للحركة الجماهيرية – التأكيد على الضرورة المصيرية للوحدة: التشديد على أن وحدة فعل قوى اليسار هي حاجة موضوعية وطنية وإقليمية ودولية مصيرية، وليست رغبة ذاتية، وتتطلب تجاوز الأخطاء السابقة ورأب الصدع الداخلي♦
مذكرة سياسية من أجل جبهة ديمقراطية لقوى اليسار بالمغرب
وجه اللقاء التشاوري للمناضلين والمناضلات الذين تفاعلوا إيجابيا مع “نداء لفعل موحد لقوى اليسار من أجل التغيير الديمقراطي”، مذكرة سياسية الى أحزاب وتيارات اليسار المناضل، ولتنوير كافة المناضلين والمناضلات والرأي العام الديمقراطي، ننشر ونعمم هذه المذكرة:
انعقد اللقاء التشاوري للمناضلين والمناضلات الذين تفاعلوا إيجابيا مع “نداء لفعل موحد لقوى اليسار من أجل التغيير الديمقراطي” يوم الاحد 26 اكتوبر 2025، بالمقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد بالدار البيضاء، حيث توقف عند مجمل التفاعلات التي خلقتها سيرورة النداء سواء على مستوى الرأي العام أو على مستوى اللقاءات التواصلية مع أحزاب وتيارات اليسار المناضل، حيث تم التعبير خلال مداولاتها التفاعلية من طرف مسؤولي هيئاته القيادية عن اختياراتها الوحدوية وفي نفس الوقت طرحت القضايا التي تعيق هذا المسعى الوحدوي.
لقد قام اللقاء التشاوري بتقييم مجمل ما تم التعبير عنه من ترحيب والاتفاق من حيث المبدأ على مضمون النداء، كما تداول حول بعض الاختلافات والجوانب السلبية التي تخلق الهوة والتباعد، بل الاحتراز بين مختلف مكونات اليسار، مع البحث في ممكنات تجاوزها والمستلزمات الضرورية لتحصين فضاء اليسار الواسع من آثارها المدمرة،
كما انصب النقاش حول مقاربة بعض الاختلافات والقضايا الخلافية بين مكونات اليسار، مع تسجيل أن مساحة القضايا المؤسسة لمشروع التغيير الديمقراطي المجتمعي العام وغاياته الكبري وأهدافه المرحلية ووسائله البرنامجية الاقتراحية القابلة للتحقيق، هي اكبر من القضايا الخلافية، والتي ينبغي بذل مجهود جماعي من أجل فهمها واستيعابها بعمق، من أجل تجاوزها الايجابي.
كما تم التطرق للظرفية على الصعيد الوطني والتي تتميز باستشراء وتوغل الفساد السياسي والاقتصادي والثقافي والإداري والإعلامي وعلى صعيد المجتمع.. فساد ممنهج يرخي بظلاله على كافة الأصعدة المرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بحياة المغاربة يوميا، بحيث لا يمكن التخلص من هذا الوضع الموبوء إلا بقيام جبهة سياسية تعمق وعي الجماهير وإطاراته المناضلة بمهام الجبهة لرد الاعتبار لمقاومة شعبية تردع الفساد المستشري، إذ لا يمكن بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية إلا بزواله واجتثاته.
وعلى هذا الأساس تطرح ضرورة استحضار:
– التحولات المجتمعية على مختلف الأصعدة لامتلاك القدرة على بلورة أجوبة مناسبة لمغرب متحول لا تكف تطلعاته عن النمو،
– الصراعات الجيوسياسية والجيوستراتيجية الحادة التي تعرفها الاوضاع العالمية، بين غطرسة الامبريالية الامريكية وتوابعها من جهة والشعوب والدول التي تطمح الى التحرر من الاستغلال والاضطهاد من جهة أخرى، وهي إحدى مؤشرات نهاية نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية ومخاض تبلور أسس نظام متعدد الاقطاب،
– السعي الدائم والمستمر لبلورة وتجسيد وحدة فعل قوى اليسار، على أساس مجهود نظري وعملي ناضج، وعبر آليات شفافة، ديمقراطية ومبدئية تصون وتنمي الثقة والتقاطعات وتحفظ حق الاختلاف الاجتهادي المؤسس، كحق ديمقراطي حيوي للتطور وكقيمة مضافة عوض النظر له كعطب أو إعاقة.
– إرادة التغيير الديمقراطي، يسبقها بالضرورة الوعي بالتغيير، ولن يكون ذلك ممكنا بدون المساهمة الفعالة في تأطير الحركة الجماهيرية بمختلف تعبيراتها، وترجمة تطلعاتها بشعارات واقعية، وابتكار اللغة والمفردات المناسبة والمساعدة في فهم ما يجري في تجلياته وأبعاده المختلفة، ومن شأن هذا المنحى ان يربط الشباب المنخرط في أشكال احتجاجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالعمل السياسي الحزبي،
– إن تعزيز الحضور السياسي لقوى اليسار في المجتمع، رهين بتوحيد فعله النضالي في جبهة سياسية برنامجية، وبناء قطب ديمقراطي جديد.
لكل هذه الاعتبارات، يجب الوعي بالاشكالات والتحديات الحالية والمستقبلية التي ستواجه اليسار بفعل المتغيرات الجارية وما سيتولد عنها من تغييرات على مستوى بنية الدولة والمجتمع، ولامتلاك وضع ريادي وفاعل في هذه التحولات، فإنه مطالب بتجاوز كبواته، والاستفادة من أخطائه السابقة برأب الصدع في أوضاعه الداخلية وفي ما بين تنظيماته وتياراته، باستجماع واستعادة طاقاته المهدورة والمهمشة قسرا.
وعليه فمن شأن حوار بين مختلف مكونات اليسار أن يشكل المدخل الطبيعي للتوافق حول الأسس السياسية البرنامجية الكفيلة بتبلورها كقوة جماهيرية في إطار دينامية مجتمعية تشمل كافة المجالات. وفي نفس الوقت وضع ميثاق ومبادئ مؤطرة وناظمة للعلاقات البينية،إن وحدة فعل قوى اليسار رهين بمتانة علاقاته البينية، ومتانة علاقاته رهين بقدرته على استجماع واستثمار نقط قوته المشتركة والتدبير الأمثل لاختلافاته الموضوعية، وفوق هذا وذاك إن في الأمر حاجة موضوعية وطنية وإقليمية ودولية ذات بعد مصيري، وليس مجرد رغبة ذاتية، مما يفرض على كل الطاقات النزيهة والمتبصرة العمل لتجسيد هذا الطموح على أرض الواقع.
عن اللقاء التشاوري من أجل جبهة ديمقراطية لقوى اليسار بالمغرب
26 اكتوبر 2025
