“بوصلةٌ لا تخطئ الحق”.. الدار البيضاء تُحيي أربعينية “المغربي الفلسطيني” سيون أسيدون

“بوصلةٌ لا تخطئ الحق”.. الدار البيضاء تُحيي أربعينية “المغربي الفلسطيني” سيون أسيدون

الدار البيضاء – تقرير خاص

           لم تكن قاعة دار المحامي بشارع المقاومة في الدار البيضاء، مساء السبت 20 دجنبر 2025، مجرد حيز جغرافي لاحتضان حفل تأبين، بل تحولت إلى ميدان نضالي مصغر، ضاقت جنباته بحشد وازن من السياسيين والحقوقيين والنقابيين، الذين التأموا في أربعينية المناضل الاستثنائي سيون أسيدون.

جاء الحفل، الذي نظمته الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، ليعيد رسم ملامح رجل لم يهادن يوما، تاركا وراءه إرثا عصيا على النسيان في مواجهة الفساد والصهيونية، ومسارا اختصره الحاضرون في جملة واحدة: “الإنسانية جسر.. والعدالة بوصلة”.. وخيمت ظلال الغموض والأسى على فقرات الحفل، خاصة مع العرض المسرحي الذي جسّد الحادث الأليم الذي تعرض له أسيدون في منزله بالمحمدية غشت الماضي، وأدخله في غيبوبة دامت ثلاثة أشهر قبل وفاته في 7 نونبر.

لم يكن التأبين عاطفيا فحسب، بل حمل نبرة حقوقية حازمة، حيث أجمع المتدخلون على ضرورة كشف الحقيقة، والمطالبة بتوضيح ملابسات الحادث الغامض الذي أدى للوفاة. وتحويل الذكرى من بكائية رمزية إلى التزام سياسي بمواصلة الضغط ضد التطبيع. مع دعوة القوى الحية لتوحيد جهودها في خندق واحد ضد الاستبداد والاحتلال.

تعددت الكلمات، لكنها توحدت في وصف أسيدون بـ “الضمير الأخلاقي”، وبأننا “لا نودع موقفه، بل نودع جسدا.. أما الموقف، فقد صار ملكاً للأجيال”.

محمد غفري (منسق الجبهة): أكد أن أسيدون كسر “الهويات المغلقة” ليثبت أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب مُستعمَر وليست صراع أديان.

محمد حمداوي (العدل والإحسان): شدد على أن الراحل كان صوتا مدويا ضد الصهيونية التي اعتبرها “عدوا للإنسانية”، مشيرا إلى أن نضاله جسّد القاسم المشترك الذي يوحد الأحرار بعيدا عن الأيديولوجيا.

جمال براجع (النهج الديمقراطي): ركز على “البُعد الأممي” لأسيدون، موضحا أن نضاله ضد الصهيونية كان لا ينفصل عن نضاله ضد الاستبداد والفساد الاجتماعي في المغرب (ترانسبرانسي).

محمد حمزة (الاشتراكي الموحد): اعتبر أن الوفاء لأسيدون يتجسد في “الاستمرار في المعركة” من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

الرجل الذي حارب “الأبارتهايد” بقلب مغربي

وُلد سيون أسيدون (77 عاماً) لعائلة يهودية مغربية، لكنه اختار منذ شبابه أن يكون صوتا للمضطهدين. برز اسمه كأحد أعمدة حركة المقاطعة العالمية (BDS) في المغرب، مؤمنا بأن سلاح المقاطعة الاقتصادية والثقافية هو الأداة الأكثر فتكاً بنظام “الأبارتهايد” الصهيوني.

محطات لا تُنسى:

غشت 2024: كان في طليعة المعتصمين أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء تنديداً بدعم العدوان على غزة.

3 غشت 2024: شارك في المسيرة التاريخية نحو ميناء طنجة للاحتجاج على رسو سفن عسكرية متجهة للاحتلال.

الخندق الحقوقي: لم يكتفِ بفلسطين، بل كان محاربا شرسا ضد الرشوة والفساد من داخل منظمة “ترانسبرانسي“.

***

انتهى الحفل التأبيني، لكن الرسالة التي تركتها أربعينية سيون أسيدون بدت واضحة، إن “المقاوم” لا يموت ما دام نهجه قائما. رحل الرجل الذي فهم باكرا أن الحرية كلٌّ لا يتجزأ، وأن الطريق إلى القدس يمر حتما عبر كرامة المواطن المغربي ونزاهة مؤسساته.

“نحن لا نودع موقفه، بل نودع جسدا.. أما الموقف، فقد صار ملكاً للأجيال”.

شارك هذا الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!