شجرة الفستق: إيران والعرب في قرن.. (1914 – 2013)
إصدارات:
صدر حديثاً عن دار نوفل / هاشيت أنطوان (بيروت)، كتاب “شجرة الفستق: إيران والعرب في قرن (1941 – 2013)”، للمحلل السياسي المصري الراحل الدكتور مصطفى اللبّاد، وفيه يعرض لمئة عام من العلاقات الإيرانية العربية، في بعدها الجيوسياسي. وخلص فيها الى أن حسابات طهران، بغضّ النظر عن أيديولوجيّة نظامها– تستند باستمرار إلى عاملين أساسيّين: الطموح المستمرّ في الزعامة الإقليميّة، ورؤية التناقضات القائمة في المنطقة بما في ذلك القضيّة الفلسطينيّة، ضمن منظورٍ يتجاوز التناقضات والقضايا في حدّ ذاتها، ليصل إلى محوريّتها في صياغة التوازنات والحراكات في المنطقة وكيفيّة استعمالها لمصلحة نفوذ إيران الإقليمي.
يعرض اللباد بموضوعية وبلا أي تحامل أو أفكار مسبقة، لتلك العلاقة المعقدة؛ فإيران ليست ملاكاً، ولا هي شيطان بل دولة ذات طموح لا ينفصل عن كينونتها وهويتها، براغماتية، لا يرتقي فوق مصلحتها اعتبار . ويبيّن الكتاب أن التوتر الإيراني-العربي لا ينبع من نظام حكمها أكان شاهنشاهي أو إسلامي، بل من أنها تاريخيًا في حالة تنافس مع جوارها، ومن أنّها، وحتى العام 2013، كانت هي الرابحة من اختلال موازين القوى مع محيطها العربي.
لماذا شجرة الفستق؟
الهضبة الإيرانية أرض التناقضات الصارخة: جبال شاهقة، وصحارٍ قاحلة، وصراعٌ دائم من أجل الماء. إنّها بيئة صعبة ومتطلّبة. وشجرة الفستق لا تنمو فيها فحسب، بل تزدهر. ويكمن سرّ حياتها في نظام جذورها العميقة والمتشعّبة، التي يمكن أن تغوص وتتمدّد أمتارًا في التربة الجافّة والمالحة حتى تثبت الشجرة بقوّةٍ وتمدّها بالغذاء، حيث تهلك النباتات الأخرى.
يمكن قراءة هذه الشجرة كاستعارةٍ للسلوك السياسي الإيراني، الذي يستمدّ مرجعيّته من الهوية الثقافية المصقولة بالشعر والفلسفة الفارسيّين، والمندمجة مع الإسلام الشيعي. هذا التجذّر التاريخي العميق سمح للدولة الإيرانية باستيعاب الصدمات الخارجيّة، واستمداد القوّة من تاريخها الخاصّ، والحفاظ على هوية حضارية مميزة وغير منقطعة في مواجهة التحدّيات، وتشكيل طابعها الأصيل.
ومصطفى اللباد كان واعيًا لتلك الاستعارة، ولأمّةٍ أتقنت فنّ البقاء بحساباتٍ دقيقة، جعلتْها عارفةً للّحظة التي ينبغي فيها أن تنحني أمام عواصف التاريخ لتحفظ نفسها – وفي أحيانٍ كثيرة نظامها – ثم النهوض من جديد.
جاء في نبذة الناشر:
كيف نفهم العلاقة بين إيران وجوارها العربي؟ قضى الدكتور مصطفى اللباد عدّة سنوات قبل وفاته في الإعداد لهذا الكتاب، محاولًا تحليل ديناميّات تلك العلاقة، في فترةٍ شهدت الكثير من التغيّرات السياسية في الإقليم، مع انهيار أنظمةٍ وصعود أخرى. يحلّل المؤلّف مئة عامٍ من التاريخ الإيراني الحديث، كاشفًا عن إيقاعٍ دوريٍ من الصعود والانحدار، من التمدّد والانكماش، ومن الضغط الذي أنتج «الابتسامة الإيرانية» التي تُظهر مرونة خارجية، لكنّها تُخفي تخطيطًا استراتيجيًا عميقًا. عمل استشرافيّ لن يراه مؤلِّفه معروضًا في المكتبات، لكنّه يبقى إرثًا فكريًا لفهم بلدٍ هو لاعبٌ أساس في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط، أتقن فنّ المناورة والتخطيط الطويل وتفادي العواصف للبقاء على مرّ العصور.
الدكتور مصطفى اللبّاد:
باحث وكاتب مصري (مواليد القاهرة، 1965-2019). حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد السياسي للشرق الأوسط من جامعة هومبولدت في برلين عام 1994، وهو أحد أبرز الباحثين العرب في الشأنَيْن الإيراني والتركي. أصدر في القاهرة مجلة «شرق نامه» الفصليّة المتخصّصة في شؤون إيران وتركيا وآسيا الوسطى، لتكون المطبوعة العربية الوحيدة المتخصّصة في هذه المنطقة. عمل محاضرًا في الاقتصاد الدولي واقتصادات الشرق الأوسط في عدة جامعات ومعاهد في ألمانيا ومصر. بفضل إلمامه باللغة الفارسية وزياراته المتعدّدة لإيران، صار أحد عناوين التخصّص في الشؤون الإيرانية، وشارك في مئات المقابلات التلفزيونية والإذاعية للتعليق على الأحداث الإقليمية وتحليلها. كما أنشأ مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية ليقدم عشرات الأوراق البحثية في مؤتمراتٍ علمية. نشر اللباد مئات المقالات التحليليّة في صحف عربية وأجنبية منها «السفير» و«النهار» و«الأهرام ويكلي». صدر له كتاب «حدائق الأحزان: إيران وولاية الفقيه» (2006).
