الفنان الفلسطيني محمد بكري.. “حارس الذاكرة” يترجل في ليلة الميلاد

الفنان الفلسطيني محمد بكري.. “حارس الذاكرة” يترجل في ليلة الميلاد

غياب:

          نعت الأوساط الثقافية والفنية في فلسطين والعالم العربي ببالغ الحزن والأسى، الفنان والمخرج الفلسطيني القدير محمد بكري، الذي وافته المنية في ليلة الميلاد، بعد مسيرة حافلة بالعطاء الفني والمواقف الوطنية التي جعلت منه أيقونة للمقاومة الثقافية الفلسطينية.

وُلد محمد بكري في قرية “البعنة” بمارس سنة 1953، ودرس التمثيل واللغة العربية في جامعة تل أبيب، ليبدأ مسيرته المهنية التي امتدت لأكثر من أربعة عقود. تنوعت أعماله بين المسرح والسينما، محققاً حضوراً محلياً ودولياً بارزاً، حيث اشتُهر بقدرته الفائقة على تجسيد الشخصيات المركبة التي تعكس صراع الإنسان الفلسطيني مع الأرض والشتات والذاكرة.

لم يكن بكري مجرد فنان، بل كان “شاهد ملك” على أحداث وطنه. ويُعد فيلمه الوثائقي جنين جنين” (2002) علامة فارقة في مسيرته، حيث وثق من خلاله مجزرة مخيم جنين. وبسبب هذا العمل، خاض بكري معارك قانونية شرسة في المحاكم الإسرائيلية لسنوات طويلة، تعرض خلالها للملاحقة والتضييق والمنع، إلا أنه ظل متمسكاً بروايته، مؤكداً أن الفن هو “الشهادة الأرقى على الحقيقة”.

أبرز المحطات الفنية

أثرى الراحل المكتبة الفنية العربية بمجموعة من الأعمال الخالدة، منها:

في المسرح: تألق في مسرحية “المتشائل” المقتبسة عن رواية إميل حبيبي، والتي طاف بها العالم لسنوات.

في السينما: شارك في أفلام عالمية وعربية هامة مثل “حنا ك.” للمخرج كوستا غافراس، وفيلم “ملح هذا البحر”، و”واجب“.

اتسمت حياة الراحل بالشجاعة في التعبير عن الرأي، حتى وإن كان ذلك مكلفاً. وقد عُرف عنه قوله إن “الكلمة قد تكون عبئاً، لكنها لا تُستبدل بالصمت”. وبرحيله، تفقد الحركة الفنية الفلسطينية واحداً من أصلب مدافعيها، ورجلاً استطاع تحويل السينما والمسرح إلى منبر عالمي للقضية الفلسطينية.

رحل محمد بكري في ليلة تحمل قداسة خاصة، مخلفاً وراءه إرثاً إبداعياً سيبقى ملهماً للأجيال القادمة من الفنانين الذين يؤمنون بأن الفن ليس ترفاً، بل هو رسالة حرية.

شارك هذا الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!