أبو بكر القادري وكتابة الاستشراف.. مذكرات إفريقية وآسيوية

أبو بكر القادري وكتابة الاستشراف.. مذكرات إفريقية وآسيوية

إصدارات:

          صدر عن مؤسسة أبي بكر القادري، الطبعة الثانية (2026)  من “مذكرات إفريقية وآسيوية”، وهي المذكرات التي كتبها أبو بكر القادري (1914-1912) في مناسبات مختلفة إلى عدد من الدول الإفريقية والآسيوية،مما جعل منها نصوصا تندرج في السياق العام الذي طبع كتابات القادري، العالم والمثقف الوطني الكبير،  والذي شارك في العديد المنعطفات الكبرى بالمغرب وفي صنع مسارات مستنيرة في مجال الوطنية والتعليم والكتابة في الرحلة والمذكرات والسير والتراجم والمقالة والتأريخ الوطني سبيلا لصون الذاكرة وحفظ القيم والمواقف.

في هذا الأفق، يجيء هذا الكتاب ليؤرخ بصدق للحظات تاريخية بين المغرب وافريقيا وآسيا في شهادة – كما جاء في تقديم شعيب حليفي لهذه الطبعة-  تتيح للقارئ تتبع تشكل الوعي، وتحول الرؤى، وتطور المواقف إزاء قضايا ما تزال تضغط علينا اليوم: القضية الفلسطينية، والعلاقات العربية الإفريقية، وواقع الاسلام في إفريقيا وآسيا، وحدود الحضور الاسلامي في عالم متغير. وتصبح الرحلة والمذكرات معا وسيلة لتوثيق المواقف المبدئية وصياغة الرؤية، إذ أن المؤلف لا يسافر ليدوّن غرائب البلدان وعادات الشعوب فقط، وإنما ليجعل من السفر وسيلة لاختبار قناعاته وتصوراته، ومجالا لصياغة أسئلة جديدة حول موقع المسلمين في العالم، وإمكانات الوحدة والتحرر، وسبل الخروج من ربقة التبعية والاستلاب. من هنا يمكن اعتبار نصوصه، وهي تمزج بين المذكرات والرحلة والتقرير والرسالة، امتدادا عضويا لمشروعه الفكري والسياسي؛ وهو ما جعل من كتاباته تتضمن تلك الحاسة الاستشرافية التي تجعل منه شاهدا ذا بصيرة لا تخطئ، من خلال حرصه على ضبط التواريخ والأمكنة والوقائع بالمستندات، وباستحضار الخلفيات والسياقات الخاصة والعامة، مما جعل هذا اللون من الكتابة شهادة من الداخل عن الذات والوعي الجماعيين، تتميز بالصدق في تشخيص الواقع، ونقد اختلالاته، ومساءلة اللحظة بكل حمولاتها، وتقديم المقترحات الضرورية لتجاوزها.

يمكن، في ضوء ما سبق، قراءة كتاب “مذكرات افريقية واسيوية” على أنه أكثر من سجل لرحلة رسمية قام بها أبو بكر القادري إلى عدد من البلدان الإفريقية والآسيوية؛ إنه نص مركب يلتقي فيه صوت المؤرخ والشاهد والأب الإنسان، وصوت الداعية والمثقف، وصوت الرحالة المفتون بتعدد وجوه الاسلام في العالم.

إن مذكرات أبي بكر القادري، في افريقيا وآسيا، هي ضرورة لفهم أسئلتنا التي ما تزال تلح علينا من قبيل: كيف نبني جسورا حقيقية بين العرب والأفارقة والآسيويين؟ كيف نحمي فلسطين في ضمير العالم؟ وكيف نوفق بين التقدم المادي والطمأنينة الروحية؟ إنها دعوة جديدة لكي نستأنف السفر نفسه: سفر الوعي والبحث عن معنى في عالم مضطرب.

شارك هذا الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!