حزب الله  المستفيد من انهيار المؤسسات في لبنان..

حزب الله  المستفيد من انهيار المؤسسات في لبنان..

أحمد مطر

   ينحصر المشهد السياسي اللبناني بالضجيج الإعلامي حول المشكلات الاجتماعية والحياتية اليومية، وتقاذف المسؤولية عن قصور الحكومة في معالجتها، وتبادل الاتهامات حول المسؤولية عما آلت إليه، تارة بين الحكومة والبرلمان وأخرى بين القوى السياسية، فيما فرض رفض الكتلتين النيابيتين المسيحيتين الكبريين، التابعتين للقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ونواب حزب الكتائب، انعقاد البرلمان للتشريع في ظل الشغور الرئاسي، مخافة التأقلم مع تمديد الفراغ، عجز السلطة التشريعية عن اتخاذ أي قرار. أما تسيير شؤون البلد ومعالجة إضرابات القطاعات المختلفة مطالبة بتحسين أوضاعها فأدى إلى تقييد اجتماعات مجلس الوزراء ببت مواضيع ملحة، مع مقاطعة سبعة وزراء يمثلون التيار الوطني الحر، وتركز القوى السيادية على رفضها الخضوع لمرشح حزب الله الرئاسي بحجة أن هيمنته على السلطة ستبقي البلد في تأزم مستمر، كل المعطيات المتوافرة تؤكد بأن لبنان ينزلق إلى مرحلة وصفه بالدولة الفاشلة، حيث الازمات تتدحرج بشكل يومي وبسرعة هائلة لم يعد في قدرة أحد أن يفرمل اندفاعتها أو معالجتها.

   والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد من الانهيار، بالتوازي مع اللامبالاة الواضحة ممن افترض بهم أن يسارعوا إلى معالجة هذا الوضع والحد من تفاقمه، وإذا كان الجواب معروفاً من الكبير والصغير في هذا البلد، وهو النكد السياسي معطوفاً على الفساد والهدر وغياب الخطط المستدامة والمعالجات الجدية، فإن المستغرب كيف أن الشعب نائم وكأنه غير معني بما يحصل، وكيف كان في السابق ينتفض ويقفل طرقات ما أن يرفع سعر صفيحة البنزين أو ربطة الخبز أو كيلو الرز، فيما اليوم يقف متفرجاً أمام الجريمة الكبرى التي تنفذ بحقه على كل الصعد .

   بغض النظر عما يمكن أن يقوم به الشعب اللبناني الذي يضع نفسه في مربع الطائفية والمذهبية والزبائنية، ويرفض مغادرته تحت أكثر من حجة، فإن استمرار سلوك السياسيين طريق النكد والنكايات سيزيد من الأمور تعقيداً، وكأن هناك من يعمل على التدمير الممنهج للبنان، حيث يذهب معظم الفرقاء إلى رفع سقف الشروط قبل القبول بالجلوس على أية طاولة تفاوضية للتفاهم على كيفية الوصول إلى معالجات جدية تخرج البلد من النفق المظلم، بالإضافة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، والذي يعتبر المدخل للولوج في معالجة باقي الأزمات.

   في هذا المجال يؤكد مصدر سياسي بارز بأنه لم يعد بإمكان الداخل في لبنان فعل أي شيء لمواجهة ما يحيط بلبنان من مخاطر وأزمات، وأن الأفق مقفل بالكامل، وبات التعويل على الخارج هو الموجود حالياً في ظل معلومات تفيد بأن الملف اللبناني ما زال يحظى بعناية دولية وإن محدودة، وأنه يمكن التأسيس على ذلك لطلب المساعدة، خصوصاً وأن فرنسا لا تزال وعلى الرغم من كل المشاكل التي تعج بها المنطقة، تبدي حماسة لمساعدة لبنان على معالجة أزماته، وخصوصاً في مجال انتخاب رئيس للجمهورية .

   ويلفت المصدر إلى أن ما يطرح من معادلات بشأن انتخاب الرئيس وتأليف حكومة بعد التفاهم على اسم من يتولى رئاستها، ما تزال غير صحيحة إلى الآن، وإن كانت المؤشرات تؤكد بأن لا خروج من هذا النفق السياسي إلا من خلال الاتفاق على تفاهمات ترضي غالبية الأطراف المعنية، وأن الحديث عن معادلات في هذا المجال ما يزال بعيدا عن الواقع، وأن الحديث عنها ربما يدخل في إطار لعبة جس النبض لا أكثر ولا أقل.

   ويشدد المصدر على أن الطبخة الرئاسية، وعلى الرغم من الحاجة الملحة للقيام بها، لكن لم توقد النار الفعلية تحتها بعد، لأن ظروف إنضاجها ما تزال غير متوافرة، وهي تحتاج إلى الوقت الذي تصبح فيه ملفات المنطقة مهيأة للاتفاقات الدولية عليها .

   وعندما يسأل المصدر ماذا سيكون عليه الوضع في لبنان في المرحلة الفاصلة من اليوم إلى حين حصول التسوية، يسارع إلى القول بأن الأمور ذاهبة إلى المزيد من التعقيد، وأن جل ما يمكن القيام به هو فصل الواقع الأمني عن التأزم الاقتصادي والسياسي، لأن أي دعسة ناقصة من أي فريق يعني الفوضى، وفي حال وصلنا إلى هذه المرحلة فعلى لبنان السلام، حيث أن العوامل الإقليمية والدولية التي كانت تمنع حدوثها غائبة اليوم، وهذا يعني أن انفلات الشارع من عقاله ستكون له أثمان باهظة لا قدرة على لبنان والشعب اللبناني تحملها، وهذا ما تحذر منه دائماً بعض الدول المهتمة بالشأن اللبناني، وهي تبعث بتحذيرات شبه يومية عبر القنوات الدبلوماسية تنبه من إمكانية الوصول إلى هذا الأمر نتيجة الانفجار الاجتماعي الذي يلوح في الأفق نتيجة تدهور الوضعين المعيشي والاقتصادي .

   وفي رأي المصدر أن عامل الوقت لم يعد في صالح لبنان، وأن على القيمين على الشأن العام أن يسارعوا إلى التفاهم على انتخاب رئيس في الدرجة الأولى، من خلال الاستفادة من أجواء الانفتاح التي تجري في المنطقة في أكثر من مكان، لعل ذلك يؤدي إلى معالجة الأزمة المتفرعة عن المشاكل السياسية، لا سيما ما يتعلق منها بالشأن المالي والاقتصادي، وفي حال فشل لبنان في ترتيب وضعه الداخلي، إن عبر تفاهمات داخلية أو تسوية خارجية، فإن الخوف يصبح مبرراً من أن يعتبر لبنان دولة فاشلة على مستوى المجتمع الدولي .

شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *