الاستعمار لا يزال قائمًا وبصمته مستمرة في فلسطين

الاستعمار لا يزال قائمًا وبصمته مستمرة في فلسطين

 إدريس بويسف الركاب لوك- ترجمة: محمد عبد الإله المهمة           

     خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، كتب وزير الخارجية البريطاني، اللورد {بالميرستون}، إلى سفيره في تركيا:   (..) من الجلي، أن الدولة، التي اختار عدد كبير من اليهود الإقامة بها، ستستفيد كثيرا مما سيحملونه معهم من منقولات (..) فعلى هذا الأساس، فإن الهدف الأساس هو الاستفادة من رغبة اليهود في الاستقرار في فلسطين، واستعمالهم (إلى جانب أهداف  أخرى) في تحقيق أكبر ربح مما سيجلبونه معهم من ممتلكات.  وقتئذ، كانت جميع الدول الغربية غارقة في استراتيجياتها الاستعمارية، تتوافق على قسمة مشتركة للكعكة الاستعمارية في في افريقيا واسيا. ولبلوغ ذلك ، بادرت إلى تنظيم مؤتمر برلين الدولي، الذي  وفقا لما نصت عليه الوثيقة الرسمية  النهائية، أقرما يلي:

(..) يهدف المؤتمر الذي التأمت فيه ببرلين من نوفمبر 1884 إلى فبراير 1885، {14} دولة أوروبية، لحل النزاعات المتعلقة  بالمناطق الاستعمارية في أفريقيا بطرق سلمية (..) اليهود من جهتهم، استفادوا من هذه الدفعة الاستعمارية بأوروبا الغربية، واستمروا في تأسيس مؤسسات للعودة إلى فلسطين:   خلال العام 1841 ثم إنشاء الحاخامية الكبرى في القدس، في العام 1852 ثم إحداث جمعية لليهود في فلسطين، في عام 1860، ثم تشييد حي يهودي خارج أسوار القدس، بتمويل من التاجر الثري اليهودي {موسى مونتيفيوري}، في عام 1869 أَنْشَأَتِ الرابطة  الإسرائيلية العالمية ، المدرسة الزراعية {ميكف إسرائيل} بالقرب من مدينة يافا.

في نفس الوقت، كانت أحداث أخرى تعزز فكرة العودة الجماعية لليهود إلى فلسطين. هكذا، وبعيد اغتيال ألكسندر الثاني قيصر روسيا في مارس1881، فُجِّرتْ موجة من المذابح ضد اليهود ، مما أحدث هجرة كبيرة لليهود نحو فلسطين. في سنة 1883، وبدعم من البارون {إدموند روتشيلد} انطلقت إقامة المستعمرات اليهودية بفلسطين، وفي عام 1891 تم إنشاء جمعية الاستعمار اليهودي على يد البارون {هيرش}.. وهي واحدة من بين عمليات أخرى  تراوحت بين شراء الأراضي، والحملات الدبلوماسية المكثفة أمام قيادات الدول الغربية، بما في ذلك السلطان التركي.

   في بحر هذه السنوات، ظهر مؤلف ‘’ دولة اليهود ” لـ”تيودور هيرتزل” والذي دافع فيه على  فكرة  منطقة مستقلة  لجميع اليهود، باسطا هدفه الرئيسي، بالصيغة التالية: ”بالنسبة لأوروبا، سنشكل هناك عنصر جدار ضد أسيا و موقعا متقدما للحضارة ضد الهمجية ”1

 في سنة 1897، أَسَّسَ هرتزل المؤتمر الأول للحركة الصهيونية بمدينة بازلبسويسرا بهدف ”ضمان أن يكون للشعب اليهودي وطن في فلسطين ”، ولهذا السبب كان من اللازم” دعم الاستعمار المنهجي لفلسطين ‘‘.

اتجه العمل منذ البداية إلى استعمار فلسطين، باحتلال البلاد، عبر طرد سكانها الأصليين من غير اليهود. هكذا تُفَسَّرُ نكبة 1948 ومذبحة صبرا وشاتيلا سنة 1982، جنين سنة 2002، الإبادة الجماعية الجارية بغزة، الهجمات على الضفة الغربية، الاستيطان الدائم  والشبه يومي للمستوطنين اليهود فوق أراضي من يجري طردهم من فلسطينيين، الاغتيالات الممنهجة للمسلحين.. إلخ

 في مؤلفه ” التنظيف العرقي بفلسطين ” يقول المؤرخ الإسرائيلي الكبير “إيلان بابي”: (..) في 10 مارس 1948، وهو يوم أربعاء بارد، إحدى عشر رجلا، من قدماء القادة الصهاينة وضباط من اليهود الشباب، وضعوا  اللمسات الأخيرة على خطة للتطهير العرقي بفلسطين. في نفس المساء، وَجِّهَتِ التعليمات للوحدات الميدانية تحضيرا لطرد منهجي  للفلسطينيين من مناطق واسعة من البلاد. كانت الأوامر تصحب بوصف مدقق لطرق الاجلاء القسري للسكان: الترهيب. محاصرة وقصف القرى ، الإخلاء والهدم، تلغيم الأنقاض لمنع المرحلين من العودة.

ما يرتكب من إبادة جماعية في غزة ضد المدنيين، دليل إضافي على أن الهدف الأساسي لدولة إسرائيل قبل وجودها ومنذ وجودها هو طرد جميع الفلسطينيين غير اليهود من أراضيهم المستحقة. هذه الاعمال الاجرامية للصهاينة في إسرائيل مستمرة ومنهجية.

المحتلون الصهاينة، والقادة الغربيين، وحكام عرب، يعتبرون، أن هؤلاء الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة والضفة الغربية برابرة. دُوددٌ من الفصيلة العَلَقِيَّةِ يستحقون الموت فقط.  في شريط فيديو يعود لنهاية شهر يونيه 2004 ، صرَّح المؤرخ  إيلان بابي في   معرض  نقده للحجج الصهيونية:

(..) هذا النوع من المشاريع الذي يهدف إلى تهجير السكان الأصليين، وإحلال مستوطنين أوروبيين بدلا عنهم، ينطوي على تجريد عموم السكان الأصليين من إنسانيتهم. التجريد من الإنسانية، يلعب دورا بنيويا مهما في التخطيط للعميلات العسكرية الإسرائيلية.

هذا ” التجريد من الإنسانية ” ليس نتيجة للعملية الوحيدة ليوم 07 أكتوبر 2023، لأن هدف إسرائيل هو طرد جميع الفلسطينيين  غير اليهود من أراضيهم، وهي تستغل لبلوغ  ذلك على جميع الوسائل التي لا شرعية لها. وسائل إجرامية حقيرة ،لا عهد للبشرية بها على الاطلاق. فمن هو الإرهابي إذن، المقاومة الفلسطينية أم حكومات إسرائيل؟

طرد الفلسسطينيين غير اليهود “ هدف جميع الحكومات  المتعاقبة ، منذ ظهور إسرائيل . فبين وحشية متشددة وأخرى أقل تشددا، يبقى الهدف واحد. ذاك هو مبعث ممارساتهم الإرهابية، الغير قانونية والاجرامية. دولة إسرائيل دولة إرهابية. لقد ولدت إرهابية ولا زالت. {بنيامين نتنياهو} مجرم، ورجل إبادة جماعية من نفس النوع مع أدولف هتلر، وربما أسوأ.

 إدريس بويسف الركاب لوك
إدريس بويسف الركاب لوك

منتهى الكلام، ومع بلوغ هذا الحد، يجب أن أقر بأني أشعر بأمل كبير، نظرا لأن الألاف من اليهود حول العالم بدأوا يجهرون برفضهم للمشروع الصهيوني الاستعماري، ويدينون المجازر المرتكبة، سواء من قبل جيش إسرائيل، أو جحافل المستوطنين الإسرائيليين  يصيحون ”ليس باسمنا ‘‘. يهتف الشباب وكبار السن، الرجال اليهود والنساء اليهوديات الذين سواء بدافع وضوح سياسي ( تلك حال لغالبية) ، أو مشاعر إنسانية بسيطة ت، تنبذ  فظاعة جرائم الصهاينة  وعنصريتهم، بما فيها  نظام الابارتايد الخاص بهم.. فعلى سبيل الختام أقول، أن ظلما مثل الهولوكوست الذي ارتكبته النازية ،لا يمكن بالمرة تجاوز أثاره، بممارسة ظلم أشد  فظاعة، ولا إنسانية منه.

____________________________________________

Le colonialisme persiste et signe en Palestine

من مؤلف جماعي صدر حديثا تحت عنوان: “غزة.. شهادة حول جريمة معلنة!”. GAZA ; Témoignage autour d’un crime annoncée annoncé

 

شارك هذا الموضوع

محمد عبد الإله المهمة

ناشط حقوقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!