التغول الإمبريالي العالمي بإيدلوجية ديكتاتورية متصهينة

مصطفى المتوكل الساحلي
مشاهد التمادي والسعي إلى توسيع رقعة الأرض المحتلة بانتزاعها من أصحابها في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان… والاستمرار في الترهيب والتقتيل والإبادة بكل أشكالها وتغيير السكان الأصليين ومعالمهم وعمرانهم استمر بهمجية لعقود فاقتطعوا أراضي من قطاع غزة والضفة الغربية ومن سوريا ولبنان والاردن.. وبموازاة مع ذلك يتم التمادي بالتطاول والاعتداء على سيادة دول الشرق الأوسط وبسط اليد العسكرية والاستخباراتية على مناطق منها…
.. ومسارات “مافيوزية” في تنفيذ عمليات اغتيال ممنهج طالت قادة الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والإيراني.. ولعبوا دورا في اغتيال الشهيد المهدي بنبركة أواسط الستينات وامتدت بلطجيتهم إلى أرض لبنان وتونس وسوريا.. إلخ ثم بإيران كما نفذوا عمليات اغتيال بمناطق أخرى من العالم الغربي
… مع الاستمرار في تكريس الشحن التنظيري الديني المتزمت لتقوية العنصرية بمفاهيمها الصهيونية المتواثرة من زمن أعداء الأنبياء والرسل إلى إحداثهم لآلية في “مؤتمر بازل” بتمويل ودعم مسبق ورعاية من بعض العواصم الغربية والشرقية بالوعد العملي لتجميع شتاتهم بتأطير من بعض الاصوليين المتشددين الذين يسرت لهم كل الوسائل المادية واللوجيستيكية والعسكرية لاحتلال الوطن الفلسطيي وأراض من الشرق الأوسط لإحداث كيان هجين دخيل على المنطقة بتهجير بشري سيصبح ولاية متعددة الجنسيات والانتماءات واللغات تخذم ليس مصالح اليهود فقط بل مصالح الغرب الغاشم بالمنطقة…
.. وبوضوح يراه الجميع حيث دول العالم مصنفة بين: – فاعلين أساسيين يوفرون أحدث الأسلحة للمحتل والتزويد بكل المعدات والتقنيات الحديثة الاستخباراتية، و – متواطئين سلبيين من بعض دول الغرب والشرق للاستفادة الانتهازية والريع الاقتصادي باستمرار الوضع، و- دول عربية واسلامية لم تستطع رغم تقدم العلوم والتقنيات توحيد رؤية الهلال بضبط وتقويم شرعي علمي فلكي لضمان: وحدة صيام رمضان أحد أركان الاسلام، ولضبط يوم الحج الأكبر، وتوحيد أيام الأعياد الدينية لأسباب مفهومة لايمكن القفز عليها، فكيف يمكنهم أن يتوحدوا للعمل المشترك في جميع المجالات كقوة اجتماعية واقتصادية وديبلوماسية، وللدفاع المشترك عن كل الدول من المحيط إلى حدود دول أعاجم الشرق الأقصى وشماله على امتداد الرقعة المتواصلة لجغرافية الدول الاسلامية والتي يفترض أن تتكامل لتوظف وتثمن عقليا بمرجعية تجعل الاختلاف رحمة فعلية مع التنوع المذهبي والفقهي والفكري والعقدي.
الغريب المثير هو تمكن يهود العالم من التجمع والاجتماع في أرض ليست وطنهم تاريخيا وتواطؤوا على ترك أوطان أجدادهم في شرق أوروبا وبعض مناطق إفريقيا وآسيا الذين استقروا فيها لآلاف السنين، في مقابل عجز الدول العربية والاسلامية المتواجدين على أرضهم منذ القدم على أن يتوحدوا حتى في الحد الأدنى للتحالفات التي عرفتها البشرية منذ القدم ومنها احترام وعدم انتهاك حقوق الجيران واِبتزازهم..
ومن مظاهرالبؤس والعبث تدافع متهتك لتصريحات أو تدوينات متباينة تشكل حربا أخرى تشويشية يؤطر توجهاتها المتربع بـ”البيت الأبيض” الذي أشعل الفتن في مناطق مختلفة فيها تحقير واستهزاء واستفزاز وتهديد يستهدف المخالفين والممانعين والمقاومات المواجهة للاحتلال والاستبداد العالمي المتغول الراغب في اخضاع واستعباد الجميع، وفي مقابل هذا يسجل جنوح للخضوع بمبررات واهية والاستسلام الأبدي والقبول بما يخطط له اللوبي الرأسمالي والصهيوني الذي يخطط ويعمل لجعل مناطق العالم محميات ومنتزهات لبعض دول العالم..؟ على أن يكون سكانها خداما لهم وهذا عندهم أخف الضررين ..
إن من نتائج هذا التوجه ظهور أقبح سلوك بشري وهو الخيانة والتجسس والاستخبار مع أعداء وخصوم الوطن والأمة الإسلامية الذي ييسر لهم توجيه الضربات السياسية والديبلوماسية وحتى العسكرية المعطلة لأوطانهم والمضعفة لهيبتها فأقبرت التبعية العمياء وعيهم وفقدوا بصيرتهم فتبا لهم..
ومن أبشع مستويات التغول تعمد تحدي قرارات الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية ورفض وعرقلة وتعطيل ما ليس في مصلحتهم.. رغم ارتكابهم لجرائم حرب من قتل الأطفال والنساء والصحفين والزعماء السياسيين والعلماء..
إن الدول المتعجرفة والمتسلطةأمريكا وروسيا وبعض دول الغرب كانوا في القرن الماضي يتسابقون لاحتلال أوطان مع استعباد شعوبها واستعمالهم كفزاعات ضد بعضهم بعضا وضد من يسعون لإخضاعهم، إنهم يفضلون أن يكونوا خداما عندهم بما يضمن استدامة تخلف وتبعية الشعوب لهم، وهذا يحرم على دولهم امتلاك ناصية التكنولوجيا المدنية والعسكرية مما يدفع للشك بالدليل الملموس بمثال برنامج جهاز “بيجر” الذي تسبب في اغتيال بعض قادة حزب الله، وهذا قد يدفع العقلاء إلى الإحتراز العلمي والتقني تجاه ما قد يكون أخطر منه بزرع برامج في كل ما يشترى من المعدات والتجهيزات والآليات العسكرية والمدنية التي تمكنهم أن يستبيحوا الخصوصيات الأمنية والدفاعية للدول ولم لا تعطيل إعطاب ما يريدون عند الضرورة لمصلحتهم…
إن كل من ابتلاه الله بجار قريب أو بعيد يعاكسه ويتآمر عليه سواء كان فردا أو جماعة لا يسوغ للمبتلى أن يتآمر مع عدوه ضده بأي مبرر كان، لهذا فمقولة “عدو عدوي صديقي” تتقاطع مع “صديق عدوي عدوي”، ومع “عدو صديقي عدوي” تنتج مواقف غير عقلانية وهشة لاتبني قرارات رصينة ولا تقوي المجتمعات ولا تحصن حكمة الدول، ولنا في سياسة جيراننا خير مثال على فسادهم الذي يشبه ظلم المحتل لفلسطين حيث يسعى لاحتلال أراضي دول الشرق الاوسط وهم يسعون لاحتلال أراض مغربية…
فهل ستتدارك الدول العربية والإسلامية الوضع السيئ والخطير للاجتماع الذي يوحد المواقف والمصالح والجهود لإيقاف وتعطيل هذا النزيف والظلم العظيم المتعمد الذي لاشك يستهدفهم جميعا وفق أولويات سياسة الغرب المتغول الذي يكيل بمكيالين وبمعايير مزدوجة ظالمة ومعتدية ومتآمرة..
تارودانت، الأحد 15 يونيو 2025