الذكرى 51 لاستشهاد عبد اللطيف زروال
بيان:
تحل اليوم، الجمعة 14 نونبر 2025، الذكرى الواحدة والخمسون لاغتيال شهيد الحركة التقدمية واليسار المغربي المناضل عبد اللطيف زروال، القيادي في منظمة إلى الأمام ؛ بعد اختطافه من طرف الأجهزة البوليسية المغربية يوم 05 نونبر 1974 بمدينة الدار البيضاء، حيث فرضت عليه ظروف القمع أن يناضل في السرية إلى جانب مجموعة من رفاقه ورفيقاته وهم في حالة مطاردة من الأجهزة الأمنية.
ولقد شن البوليس حملة قمع وحشية مسعورة استهدفت الحركة التقدمية المغربية عامة، والحركة الماركسية اللينينية خاصة. تمكن خلالها من اختطاف الشهيد، وتم حمله والعديد من رفاقه للمعتقل السري درب مولاي الشريف بالحي المحمدي بالدار البيضاء، حيث تم تعريضهم لتعذيب همجي على يد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وعلى رأسها المجرم قدور اليوسفي ومجموعة من زبانيته. وهو ما أدى إلى استشهاده تحت سياط الجلاد يوم 14 نونبر 1974، وعمره آنذاك لا يتجاوز 23 ربيعا. فحمله المجرمون القتلة أفراد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى مستشفى ابن سينا بالرباط، وتم تقييده بسجلات المستشفى تحت اسم مزور “البارودي عبد اللطيف”، بتواطؤ من الادارة بمعية بعض الأطباء مع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للتستر على هذه الجريمة الشنعاء، وسلمت إدارة المستشفى للشرطة شهادة طبية مزورة تشهد بأن الوفاة طبيعية عادية.
ولقد ظلت عائلة الشهيد، وعلى رأسها والده الفقيد الحاج عبد القادر زروال، المقاوم والمناضل الصلب الذي نذر حياته للنضال وتربية الأجيال، ووقف في وجه همجية الاستعمار الفرنسي كما في واجه طغيان النظام المغربي، وفارقنا حاملا معه غصة عدم الوصول إلى الحقيقة في قضية اختطاف وتعذيب واغتيال ابنه. هو الذي لم يدخر أي جهد ولم يلن أبدا، سواء أمام الاعتقالات، والتهديد المخزني، أو أمام الاغراءات البائسة والاكاذيب البائسة لهيأة الانصاف والمصالحة والمجلس الاستشاري/ الوطني لحقوق الانسان،
ولقد طرقت العائلة كل السبل، مسنودة في ذلك بمحاميها، فقيد الحركة الحقوقية الاستاذ عبد الرحيم برادة، ووجهت منذ تاريخ اختطاف الشهيد عدة مراسالات لكل الجهات: النيابة العامة ورئاسة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ووزير العدل بتاريخ 27 يونيو 1975، ثم الوزارة الأولى بتاريخ 2010/08/24، فوزارة الداخلية بتاريخ 2010/08/30، ووزارة العدل بتاريخ 2010/08/26، والمجلس الاستشاري/الوطني لحقوق الانسان بتاريخ 2010/12/6. إلا أن أيا من هذه الجهات لم تتوفر لديها الاراد ولا الشجاعة كي ُتجيب على الرسائل التي ُوّجهت لها. كما أن لجنة الحقيقة، وتأكيدا على تشبثها بالحقيقة وعدم الافلات من العقاب، رفعت العائلة شكاية مباشرة لدى القضاء في مواجهة المجرمين المتورطين في الجرائم العديدة المرتكبة في حق الشهيد، والمذكورة أسماء البعض منهم في محضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مؤرخ بيوم استشهاده، وعلى رأسهم قدور اليوسفي وبوبكر الحسوني وغيرهما. وذلك بدعم ومؤازرة من ثلة من المحامين الشرفاء يتقدمهم الأستاذ النقيب عبد الرحمن بنعمرو والاستاذ النقيب عبد الرحيم الجامعي والأستاذ أحمد آيت بناصر والأستاذ محمد صدقو. إلا أن الدولة بقيت مصرة على توفير الحماية والرعاية والإفلات التام من العقاب لهؤلاء المجرمين الذين أشرفوا على ما لا يقل عن ثمان جرائم في القضية وهي: الاختطاف، وتعذيب المختطف، واستعمال التعذيب في ارتكاب جناية، والتسبب العمد في القتل، وعدم التبليغ عن ارتكاب جريمة، وإخفاء الجثة، والتزوير، واستعمال الوثائق المزورة. فقررت محكمة الاستئناف بالرباط في البداية رفض الشكاية، مما اضطر دفاع العائلة التوجه لمحكمة النقض، التي لم تجد بدا من النطق، ولمرتين، بالنقض الجزئي لقرار الرفض لمحكمة الاستئناف معتبرة جريمة إخفاء الجثة لا يطالها التقادم، فأحالت الملف من جديد أمام أنظار محكمة الاستئناف بالرباط، كما قامت “لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد للطيف زروال” يوم 14 نونبر من السنة الماضية 2024، بتنظيم وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بالرباط وتسليم رسالة موجهة للسيد الرئيس لمحكمة الاستئناف بالرباط، تم التأشير عليها من مسؤول في ذات المحكمة واعدا اللجنة بالنظر فيها في الاسابيع التي تلي. إلا أن شيئا من ذلك لم يتم، واستمر القضاء المغربي يتلكأ لحد اليوم في إصدار الأمر بفتح تحقيق جدي ونزيه مع المجرمين، يفضي إلى الكشف عن الحقيقة في هذا الملف ومعاقبة المتورطين فيه بما ينصف عائلة الشهيد ورفاقه وذاكرة الشعب المغربي. وإضافة إلى كل هذا، ونظرا لعدم جدية القضاء المغربي، لجأت لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال إلى توجيه مراسلة في الموضوع لفريق الامم المتحدة المكلف بقضايا الاختفاء القسري أو غير الطوعي، الذي تدارسها وخصها باعتباره في دورته 117 المقامة بسراييفو من 11 إلى 15 فبراير 2019؛ ثم أحالها على الدولة المغربية طالبا منها فتح تحقيق في القضية وإجلاء الحقيقة بخصوصها. إلا أن الدولة المغربية، وفي تحد واضح للقانون ولقرارات الفريق الاممي، مستمرة في تغطيتها على الجرائم السياسية التي مارستها أجهزتها في حق الشهيد عبد اللطيف زروال. وفي هذه المناسبة، فإن لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال، تؤكد على ما يلي:
− إن النقض الجزئي لمحكمة النقض، وتأكيدها عليه للمرة الثانية، وقرار محكمة الاستئناف لا يستجيبان للمطلب الحقوقي كاملا بخصوص الكشف عن الحقيقة في كل الجرائم التي ارتكبت في حق الشهيد ومتابعة المتورطين فيها تفعيلا لمبدإ عدم الافلات من العقاب في الجرائم السياسية؛
− إن استمرار القضاء المغربي في تهربه من فتح التحقيق مع المتورطين في جريمة اغتيال الشهيد عبد اللطيف زروال، والمذكورة أسماؤهم في شكاية العائلة، وعدم إجابة الدولة المغربية على مراسلة الفريق الاممي، ليعبر عن تواطؤ مفضوح مع الجرائم
السياسية لألجهزة الأمنية؛ ويفضح عدم جدية الدولة في الاستجابة لمطالب الحركة الحقوقية وتفعيل توصيات هيئة الانصاف والمصالحة في موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان؛
− مطالبتها، إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية وكافة القوى الحية ببلادنا، بوضع حد للاعتقال السياسي وممارسة
التعذيب المستمر في بلادنا، والذي تفضحه التقارير الحقوقية الوطنية والدولية، وبضرورة الافراج عن كافةالمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والصحفيين ومناضلي الحركات الاحتجاجية ببلادنا، وإسقاط التهم والمتابعات في حقهم، وعلى رأسهم معتقلو حراك الريف ومعتقلو “جيل زد 212” والحركات الاحتجاجية بالمناطق الاخرى ومعتقلو الحركة الطلابية وحركة المعطلين، والصحافيون ونشطاء الفضاءالرقمي…
− دعوتها الحركة الديمقراطية والقوى الحية ببلادنا، أحزابا سياسية ومركزيات نقابية وجمعيات حقوقية ونسائية وشبيبية…، لتوحيد فعلها النضالي من أجل خلق ميزان قوى يفرض الوصول إلى الحقيقة كاملة في الجرائم السياسية ومساءلة مرتكبيها
والمساهمة في حفظ الذاكرة؛ والنضال من أجل وضع حد لجرائم الاختطاف والتعذيب والاعتقال السياسي ببلادنا؛ وبناء الدولة الديمقراطية ومجتمع الكرامة والحرية والمساواة.
لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال
الرباط في 14 نونبر 2025
