الشهيد المهدي بن بركة في مواجهة قتلته من جديد
عبد الإله إصباح
مرة أخرى ومع حلول ذكرى الشهيد المهدي بن بركة، يخرج قتلته وأعداؤه في محاولة لتبييض صفحة الجلادين والمتورطين في جريمة اختطافه، ليواصلوا نفث احقادهم ضده بترويج ادعاءات وأكاذيب تستهدف النيل من سمعته وتاريخه، وتضليل الجيل الجديد من الشباب بقلب الحقائق وجعل القتلة يتحولون إلى وطنيين يدافعون عن المصالح العليا للوطن.
ليس صدفة أن يتصدى إعلام “كلنا إسرائيليون” لهذه المهمة القذرة، فهو قد أخذ على عاتقه أن يكون بوقا للصهيونية في المغرب، إذ شرع منذ سنوات في التمهيد لتغلغل الفكرة الصهيونية في العقول والوجدان، من خلال برامج على أثير الإذاعة المرتبطة به، تحاول اختراق مناعة المغاربة ضد كل ماهو صهيوني أو مشتبه في صهيونيته، وذلك بطرح أسئلة صادمة للوعي الجمعي من قبيل: “إذا حصلت على عقد للعمل في أسرائيل هل تقبل وتذهب إلى هناك أم ترفض بدعوى أنك ضد التطبيع؟ “.
ولا حاجة للبرهنة على صهيوينة الخط التحريري لهذا الإعلام فارتباطه بالدوائر الصهيونية لم يعد خافيا على أحد لأن عرابه كشف عن ذلك بوقاحة ووجه مكشوف، عندما اختار مناصرة الصهاينة بعد عملية طوفان الأقصى المجيدة، بكتابة كلام يعلن فيه “كلنا اسرائليون” في أشهر صحفهم، وعندما عاد ليدافع عن مجرم الحرب نتنياهو بعد إدانته بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني من طرف المحكمة الجنائية الدولية.
يتبين إذن أن الخرجة الإعلامية الأخيرة على أثير إذاعته، تأتي في سياق مواصلة الصهيونية الحرب على الشهيد المهدي بين بركة، كرمز من أبرز رموز حركة التحرر العالمية، الذي كرس حياته للنضال ضد التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي، وكان له دولا بارز في التصدي للتغلغل الصهيوني في العالم العربي وإفريقيا، من موقعه كزعيم ومنسق اللجنة التحضرية لمؤتمر القارات الثلاث، كصيغة من صيغ التصدي للاستعمار الجديد، وإطارا يوحد طاقات النضال ويوجهها لتحقيق أهدافها في التحرر والانعتاق من الاستعباد والتبعية.
هكذا استضافت الإذاعة المذكورة قريب جلادين، لهما سجل حافل بجرائم التعذيب والاختطاف والاغتيال في حق العديد من المناضلين، وعلى رأسهم الشهيد المهدي بن بركة. راح المديع يطرح الأسئلة ويستمع إلى ضيفه باهتمام ليرسخ في الأذهان بأن الأمر يتعلق بسبق صحفي وبحقائق جديدة ومذهلة، تكشف لأول مرة عن شخصية ارتبطت في الوعي الجمعي بالتضحية ونكران الذات والاستشهاد والبطولة، وإذا بنا في هذا البرنامج نكتشف حقيقة أخرى مغايرة لما عرفناه عنها طيلة العقود الماضية.
هي إذن الصهيونية عبر أبواقها محليا تريد تصفية الحساب مع الشهيد، معنويا ورمزيا، بعد أن تواطأت في تصفيته جسديا، إدراكا منها أن المهدي بن بركة هو من أعدائها التاريخيين الذين يستمرون أحياء في القلوب و الوجدان كرموز
خالدة في للنضال ضد الاستعمار والعنصرية والصهيونية. ولاشك أن الغاية من مثل هذه البرامج تتمثل في أحداث قطيعة بين الأجيال الجديدة وبين رموز حركة التحرر الوطني، وإفراغ ذاكرتها من كل ما يتصل بنضال هذه الحركة من أجل فلسطين ومن أجل القضاء على الاستبداد والفساد، وتحقيق ديمقراطية حقييقية من الشعب وإلى الشعب.
هي إذن حرب على الذاكرة وعلى الوعي بغاية تنميطه وتطويعه. وأفضل مدخل لذلك هو استهداف رموز نضالية من حجم وعيار الشهيد المهدي بن بركة. وأكيد أن الصهيونية ووكلائها المحليين سيفشلون في تحقيق غايتهم لآن الشعب المغربي من خلال مناضليه يدرك تماما أبعاد هذه الأدوار القذرة و سيتصدى لذلك ويفضحه حتى لا يكون له أي أثر في الوعي حاضرا ومستقبلا، مواصلا في ذلك السير على الدرب الذي سار عليه شهيد حركة التحرر المناضل العظيم المهدي بن بركة.
