ترويض إيران “بالقوة” أو تركيعها…؟!

ترويض إيران “بالقوة” أو تركيعها…؟!

سمير سكاف

           تدخل إيران في دائرة الاستهداف بالضربات العسكرية في محاولة التفافها على القرار الأممي 2231، بعد مرور 10 سنوات على اتخاذه.

خيار إيران الوحيد، بالنسبة للأميركيين، كما للأوروبيين، هو صفر تخصيب لليورانيوم. وكل ما هو غير ذلك يجعلها هدفاً عسكرياً سيعمل التحالف الأميركي – الأوروبي على تدميره!

الأوروبيون في الواجهة وبخلفية أميركية ومصالح اسرائيلية كانوا قد استهدفوا إيران مؤخراً بالسناب باك وبالعقوبات الاقتصادية الأممية.

وهم يعتبرون قانونياً أن إيران دخلت في زمن السناك باك، أياً يكن مصير القرار 2231، وهي لا يمكنها الخروج منه!

كما يعتبرون أن إيران ملزمة بالعقوبات. ولا يمكنها “التذاكي” بإدعائها أنها لم تعد ملزمة بـ”القيود” المرتبطة ببرنامجها النووي مع انتهاء مدة اتفاق دولي أبرم قبل عشر سنوات.

أي مستقبل لإيران، وأي مستقبل لبرنامجها النووي؟

ما كُتب قد كُتب! وليس هناك عودة الى الوراء في إرادة الولايات المتحدة “تركيع” إيران، وصولاً الى تغيير النظام في ظل الشرق الأوسط الجديد!

شرق أوسط جديد تسيطر عليه الولايات المتحدة الأميركية منفردةً، فوضّت أمنه لإرادة وزمن “الأمن الإسرائيلي” وتبني مستقبله على أسس إتفاقات أبراهام!

إن مستقبل إيران يتراوح، بحسب الاميركيين، بين تدمير البرنامج النووي وبين تغيير النظام فيها!

من جهته، قالت الخارجية الإيرانية في بيان إن “كل التدابير الواردة في الاتفاق، بما يشمل القيود على البرنامج النووي الإيراني والآليات ذات الصلة، تعتبر منتهية! مؤكدة “التزام إيران الثابت بالدبلوماسية“.

ولكن ليس هناك مجال في الديبلوماسية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية إلا استسلام إيران! وكل ما هو غير ذلك هو تضليل للواقع!

فلو كان الرئيس ترامب يريد اتفاقاً نووياً مع إيران لما كان ألغى الاتفاق النووي الأخير معها، وانسحب منه في العام 2018 في ولايته الأولى!

هذا في حين اضافت الخارجية الإيرانية أنه على مجلس الأمن إزالة مناقشة ملفها النووي من جدول أعماله، وأن إيران التزمت بتعهدات حظر الانتشار النووي طيلة 10 سنوات.

أوروبا والولايات المتحدة ترفضان الموقف الإيراني جملةً وتفضيلاً. وهما بالتأكيد لن تسمحا لطهران أن تكون في حل من اي التزامات بحظر الانتشار النووي!

ويعتبر الأوروبيون أن إيران تشكل خطراً نووياً بتخصيب عالي جداً لليورانيوم وصل الى 60%، وهي ليست بعيدة عن نسبة تخصيب 90% يسمح لها بامتلاك القنبلة النووية!

بين صفر بالمئة و3.67% من التخصيب كحد أقصى لإيران! هذه هي المساحة التي يقبل بها الأميركيون والأوروبيون بإشراف وكالة الطاقة الذرية الدولية.

وكانت إيران قد أوقفت التعاون مع وكالة الطاقة الذرية منذ الضربة التي وجهتها إسرائيل ثم الولايات المتحدة الأميركية لبرنامجها النووي في نطنز وأصفهان وفوردو. وقد رفضت إيران السماح للوكالة بالكشف على هذه المواقع!

عقوبات اقتصادية قبل الضربة العسكرية!

وكانت إيران قد دخلت، كمرحلة أولى، في زمن الترويض المالي والاقتصادي الأممي بعد دخول السناك باك حيز التنفيذ!

وشملت هذه العقوبات محاصرة إيران مصرفياً، ومنعها من بيع وتوريد انتاجها من النفط والغاز وفرض عقوبات على الشركات التي تتعامل معها… وهو ما ضيّق، وسوف يضيق الخناق أكثر وأكثر على الاقتصاد الإيراني.

ماذا سيحدث إذا رفضت إيران الخضوع لصفر بالمئة تخصيب؟

على المدى المتوسط لا تبدو إيران بعيدة عن تعرضها لضربة عسكرية، تشمل هذه المرة تحالفاً أممياً، حول المحور الاميركي – الأوروبي بخلفية اسرائيلية.

إيران رفضت الاستسلام! وهي ترفض ما تحاول الولايات المتحدة الأميركية فرضه عليها. وتحاول الدفاع عن حقوقها السيادية في تخصيب “سلمي” لليورانيوم!

ولكن انعدام الثقة بينها وبين الأميركيين والأوروبيين، الذين يريدون صفر مخاطرة في احتمال أن تبني إيران قنبلة نووية، يجعل إيران في مواجهة دفع الثمن غالياً جداً!

وإيران على الأرجح لن تكون قادرة على الصمود! فإذا صمدت بعض الشيء اقتصادياً، فإنها ستواجه ضربة عسكرية لن تقف عند حدود البرنامج النووي، لكنها ستذهب على الأرجح باتجاه تغيير النظام!

وقد أعطى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو مؤشراً واضحاً على ذلك في خطابه في الأمم المتحدة، حين تحدث عن تغيير في الشرق الأوسط يصل الى حد الصداقة بين اسرائيل وإيران!

كما أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب لم يستبعد انضماماً قريباً لإيران لاتفاقيات أبراهام… “بالمنيح أو بالقوة“!

وكان مشروع القرار الروسي – الصيني في مجلس الأمن بتأجيل العقوبات الاقتصادية على إيران قد سقط، بعد اعتراض 9 دول عليه.

وكان قرار السناك باك قد تحرك تلقائياً، ومن دون إمكانية مواجهته بالفيتو، لأن وقفه كان يحتاج الى قرار جديد من مجلس الأمن.

السناك باك ضد إيران بدأ كالصاروخ!

في التذكير، قال الاتحاد الأوروبي بعد السناك باك: “أعدنا فرض حظر على صادرات أسلحة ومواد مرتبطة بتخصيب اليورانيوم والصـواريخ الباليستية. والعقوبات الجديدة تحظر استيراد النفط والغاز والمنتجات البتروكيميائية الإيرانية. وجمدنا أصول البنك المركزي الإيراني وعدد من البنوك التجارية الكبرى. والعقوبات تمنع طائرات الشحن الإيرانية من دخول مطاراتنا وتحظر صيانة الطائرات والسفن الإيرانية.”

وفي السؤال، هل يكفي الدعم الروسي – الصيني لحماية إيران عسكرياً؟

الجواب أنه في المقارنة مع ما جرى في الضربة الأخيرة للبرنامج النووي الإيراني في أصفهان ونطنز، وبخاصة الضربة الأميركية لمنشأة فوردو، فالجواب هو لا!

شارك هذا الموضوع

سمير سكاف

كاتب وخبير في الشؤون الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!