تشاؤم الرؤية الفكرية وتفاؤل صنعة الكتابة في “متاهات الأستاذ ف.ن ” (1-2)

تشاؤم الرؤية الفكرية وتفاؤل صنعة الكتابة في “متاهات الأستاذ ف.ن ” (1-2)

لحسن أوزين

           يبدو هذا الجمع الجدلي قويا، في الرواية الأخيرة لعبد المجيد سباطة، بين التشاؤم النقدي للرؤية الفكرية، والتفاؤل الفني الجمالي لصنعة الكتابة. فواقع الهزيمة والخذلان والانكسارات والتخلف والفساد السياسي والاجتماعي والأخلاقي والثقافي والعلمي الأكاديمي. وهيمنة وسيطرة سرديات التاريخ الاجتماعي والسياسي والثقافي المشوه، القامع القاهر للمعرفة والحقيقة التاريخية والجهود العلمية الحرة في النهوض بالبناء القوي المتين للانتظام الاجتماعي الإنساني الحديث والمعاصر. كل هذه الانسدادات التي خلفها تاريخ مشوه، مفعم بالمسخ على كل المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية والتاريخية، ما كان بإمكان العلوم الاجتماعية والإنسانية فهم وتحليل وتفكيك الجذور التاريخية البنيوية والتطورية العميقة، للمتاهات الاجتماعية والسياسية والعلمية والفكرية والثقافية، التي تطاولت مع الزمن، حتى اكتسبت طابع الحقيقة الوحيدة. والتمثيلية القهرية الناجزة للفرد والجماعية، للمجتمع والثقافة والتاريخ والدولة…

هذا الصد المعرفي والعلمي الذي أصيبت به العلوم الاجتماعية والإنسانية في وجه متاهات المسخ والتشوه والزيف والقهر والتسلط والاقصاء، والغصة المتجذرة في القلب لحالات الهزيمة والانكسارات، والاستباحة للحياة، والانتصار للزيف والتخلف والرفع من قيمة ومكانة الديناصورات العلمية الجوفاء،  الجامعية و الاكاديمية الفارغة. يمكن للأدب زحزحت، هذا الاستعصاء والصد، خلخلته، اختراق سطوة قهره وقمعه للأصوات الأخرى الى حد الخرس والتهجير والعزل والاقصاء(الشاب المغربي والفتاة اللبنانية). كما يمكن للكتابة الأدبية المتينة الصنعة الفنية، والمتمكنة من أدواتها وآليات اشتغالها، أن تفكك هذا التركيب والتشبيك المعقد للمتاهات، وتهيئة مساحات مطمئنة. وفتح ممرات آمنة للبناء وإعادة الاعتبار لصانعي التاريخ الحقيقي المقموع، والمنسي ظلما وقهرا، وللنخة العلمية ذات الكفاءات المعرفية العلمية، والغيرة الوطنية، هوية وانتماء لبلد مستقل متقدم وذا سيادة. إنها النخبة المهمشة الحرة الخلاقة، والحاملة لهمّ المعرفة العلمية، و لقيم النهوض الاجتماعي والسياسي والثقافي.

 والرواية تسعى أيضا الى الاعتراف بالإنسان الذي تعرض للخرس وللتشويه والوصم السيئ (بائعة الهوى)، من قبل المجتمع في أحكامه ومعاييره الاجتماعية والأخلاقية والقيمية الظالمة،  المشحونة بالخيانة والنفاق والغدر والحقد الأعمى. والمانعة لرؤية أسباب وجذور المسخ والتشوه، التي طالت الأبرياء في تاريخهم الشخصي والاجتماعي. وحالت دون إمكانية الخروج من واقع التمزق والتشظي، و الهزيمة الأبدية. والتخلف والانكسار والزيف والفساد، بكل أبعاده البنيوية ومعانيه الاجتماعية والسياسية والثقافية والقيمية.

متعة الرواية فنيا وجماليا هي في هذا التجميع، في صورة متاهات، كاستعارة رمزية، وأداة فنية روائية، لما يبدو مفككا، مشوها، ممزقا، متشظيا، مسكونا بحالات من التخلف، و الفوضى الطبيعية المزمنة. كما تتجلى في منحها معاني ودلالات، وخصائص معنوية وفكرية، يسهم تفاعل القراءة في إدراكها، تأويلها، إنتاجها. وذلك من خلال معانقة همّ وأسئلة ورهانات واستراتيجية تشاؤمها النقدي. لهذا تعمل الرواية ككتابة أدبية على الحفر في بواطن التاريخ المطموس والمنسي للقهر والهدر. وتشريح الصراعات على السلطة، والرغبة في الهيمنة على المجتمعات، والتحكم في زمام مساراتها ومصائرها. بالقرصنة السياسية والتاريخية والعلمية. والاستحواذ بأدوات البطش والعنف والحروب على المعرفة( الكتب والمخطوطات) والسياسة والحقيقة التاريخية. والحجر والوصاية القيمية والدينية والأخلاقية على الأفراد والجماعات والمجتمعات. والسطو على تضحيات وجهود وعطاءات وإنتاجات الشعوب في نضالها العلمي والمعرفي، ومقاومتها للظلم والقهر والاحتلال. وتزوير الشرعية التاريخية والسياسية والعلمية. وعزلها وتصفيتها لكل من فكر في إماطة اللثام وكشف المخبوء، وإعلاء صوت العقل والبحث العلمي، وكشف المسكوت عنه، وتعرية زور وبهتان الفضيلة والقيم الأخلاقية المشوهة الزائفة.

فمن الدم المهدور للعالم الياسميني في العصر الموحدي، الى  راهن واقع فساد السياسة والمعرفة، والجامعات ومراكز البحث العلمي الأكاديمي. وتحول الجامعات والمؤسسات الإعلامية والفنية، والمنابر الحزبية والأدوات السياسية والثقافية، الى أدوات وآليات لترسيخ أسس التسلط والقهر والتخلف والتزوير والفساد والإفساد. مرورا بمآسي السقوط الحضاري، وتجرع خيبات الهزائم والانكسارات التي تتوالد باستمرار، مع تاريخ اعتلت منصته نخبة فاسدة منحلة، من قراصنة المعرفة والسياسة والحقيقة، الى جانب تجار الحروب، ونخب الخونة وأزلام الاحتلال والاستبداد.

هكذا هي متاهات فريد النوري ومن معه من شخصيات وأحداث ومواقف وصراعات. ومحن وعذابات وآلام رهيبة. وهي ليست بحالات شخصية معزولة، و ليست مرتبطة بأفراد معينين.  ففريد ليس فريدا في معاناته وآلامه وتجربته المرة مع المتاهات التي احترق بنارها حتى دفع حياته ثمنا. فكل المتاهات تجعلنا بشكل أو بآخر في وضع فريد. هذا يعني أن الأمر يتعلق بوضع نظامي بنيوي يجد القارئ/الانسان نفسه معنيا بتجشم عناء ومشقة خوض غمار تجربة الوعي الشقي رغم المفارقات والتناقضات، وأشكال القمع والتهميش التي تسحل الواقع وتنكل بأهله. و بالتالي العمل على البحث عن سبل وممرات آمنة للخروج من الوضع الكارثي الذي ساد طويلا، حتى أخذ طابع القدر المحتوم في متاهات لا نهاية للمآزم والمآزق التي تضعها في وجه الحلول القادرة على التجاوز، ورسم آفاق التحول والتغيير.

أولا: من دماء الياسمين إلى انتحار فريد النوري

” آمل في أن يرى الخليفة هذا العمل بعين الانصاف والعدل، وألا تتغلب مكائد من يتربصون بي على الحقيقة. إن التبس عليهم أمري، فقد أكون بريئا من ذنبهم يوم تنجلي بواطن الأمور. لكني لن أتخلى عن علمي وقلمي.

أدرك الشاب حينها أن شيخه رغم المكائد لا يزال على جذوة صلبة من الإصرار، فزاده ذلك حبا له، وإيمانا أن البشر مهما سلطوا من شرور ألسنتهم، ففي عقول العلماء وأفئدتهم نور يعينهم على عبور المحن، إن هم صدقوا وأخلصوا.”498

ليس صدفة أن يكون جذر المتاهات الرهيبة متمثلا في  المحاضرة الثانية عشرة، الحاملة لعنوان دماء الياسمين. فهي المتاهة الأساس التي تقرأ على ضوئها باقي المتاهات والتشبيك الشديد التركيب والتعقيد، لكل المتاهات. الجامعة بشكل أو بآخر بين ما حصل في الماضي من خيبات وانكسارات وهزائم رهيبة، بسبب الفساد السياسي والاجتماعي والعلمي. حيث تم تهميش وتحقير العلماء الحقيقيين مثل ابن الياسمين الذي تشبت بقيمه العلمية والاجتماعية والأخلاقية، نصرة للتطور العلمي وإسهاما في استمرار التطور والنهوض الحضاري، في وجه الغرب- النصارى- الذين كانوا يتربصون بالعالم العربي الإسلامي، منتظرين اللحظة المناسبة التي تتعثر فيها الدولة الموحدية.

تعلن الهزائم عن نفسها بتحالف السلطة السياسية مع لصوص السياسة، وقراصنة المعرفة، ومشوهي الوعي وتزوير التاريخ والحقائق. مما يؤدي الى سيادة الظلم والقهر والقمع للأصوات العلمية والتضحيات النبيلة البعيدة عن المصالح الضيقة الشخصية. فكان  طبيعيا في ظل هذه الأجواء التي يرتفع فيها صوت أصحاب المكائد والحسابات الشخصية من أنصاف الفقهاء والعلماء الحاقدين على الكفاءات الحقيقية، أن يتم اغتيال العالم الجليل ابن الياسمين. وتضيع المعرفة والحقيقة والمكانة الحضارية. وتتولد من هذا الظلم والعماء السياسي والعلمي والاجتماعي والأخلاقي، الانكسارات والهزائم، والسقوط الحضاري وضياع المشروع العربي الإسلامي في المغرب و الأندلس.

لم يتراجع تلميذه رغم الثمن الباهظ الذي دفعه، فقد آمن بحب وشغف علمي بكفاءات شيخه/أستاذه. لقد زج به ظلما وعدوانا في السجن لسنوات طويلة. ولم يطلق سراحه إلا بعد الهزيمة المروعة للموحدين في معركة العقاب. لكن في هذا الزمن الجميل كانت للناس قلوب تنبض بالعزة والكرامة. مع شعور عميق بحب البلد والاعتزاز بالهوية والانتماء المفعم بالكبرياء الأصيل.

” أوجع قلبه أن يتلاقى يوم خروجه من أسر ظالم مع انكسار أمة بأسرها، فاحتارت مشاعره في التعبير عن ذاتها.

سار في أزقة مراكش كالغريب، هي مدينته التي ولد فيها ونشأ، ويعرفها كما خطوط يده، لكن نظرات الناس فيها كانت شاردة، لا تبالي بمن يمر عبرها.

كل الأحاديث تدور حول الهزيمة وأسبابها، والقلاع التي خرت أمام زحف النصارى، حتى إن بعض حرفيي الدكاكين انصرفوا عن البيع والشراء، وصاروا يستمعون الى أخبار العائدين من ضفة الأندلس، وقد أو جعتهم التفاصيل.”508و509

والجميل في هذه المتاهة المؤلمة الحافرة في العقل والقلب والوجدان لرعب سؤال الهزيمة، أن تلميذ العالم ابن الياسمين أدرك أن ما حدث تعبير صريح عن نتائج القهر والظلم والتخلي عن العلم والعلماء الحقيقيين. لهذا لم يتردد في مواصلة البناء المعرفي والعلمي لأستاذه، كمخرج وحل للنهوض والانتصار على ويلات متاهة السقوط والانحدار.

” وها هي ثمرات الظلم تظهر كأوضح ما يكون…

والعلم وحده أقدر على نفض غبار ما لحق بالبلاد من هزيمة…”509

لذلك عاد الى كتب شيخه برفقة بعض التلاميذ القدامى الذين وجد فيهم ” رغبة عارمة في استنقاذ ما يمكن من ميراث شيخهم ابن الياسمين، وقد أدركوا جميعهم أن العلم وحده سيسند ديارهم، إذا ما عصفت أنواء جديدة ببلادهم…”510

 هذا هو القاع التاريخي الاجتماعي السياسي والعلمي الأخلاقي للمتاهات، في صورتها الأقرب الى الحافة أو الهاوية التي لا يمكن تخطيها إلا من خلال السرد. وهنا مكمن تفاؤل صنعة الكتابة الأدبية في أن تكون حاضنة فنية للأسئلة الحارقة التي يكابد نارها الملتهبة العقل النقدي للرؤية الفكرية للسارد.

إن راهن المتاهات المتناسلة عبر التاريخ القهري، يطرح إشكالات ومآزق تجمع بين التناقضات والمفارقات الصارخة التي تخرج العيون من محاجرها. فالتباس رحيل التلميذ/الأستاذ فريد النوري، بين الانتحار والتصفية والاغتيال والموت الطبيعي. عكس ماحدث في العصر الموحدي، فإن التلميذ هو الذي تمت تصفيته، وليس الأستاذ عمر الصادقي. متاهة هذا الحدث تتناقض كليا مع ماحدث في المجتمع الموحدي من تعاطف كبير وتأثر مؤلم من قبل التلميذ تجاه اغتيال أستاذه. وانعكاس ثقل الهزيمة على واقع الناس النفسي والاجتماعي والسياسي…

لعنة الموت أو القتل أصابت فريد وليس الأستاذ عمر الصادقي. لأن هذا الأخير معني بفرح موت فريد أكثر مما هو مهتم بحياته. ففريد أكثر من شخصية روائية متعلقة بفرد معين، بقدر ما أنه أداة فنية رمزية مشبعة بالكثير من الدلالات والايحاءات، لما يعتمل في الجامعات من انحطاط أكاديمي، وبهتان علمي لا علاقة له بالوعي والهم والهواجس والأسئلة العلمية التي أرقت العالم ابن الياسمين في بحثه العلمي الرصين. من خلال الصبر والجهد في الإبداع والتأسيس للجديد الأقرب الى النقلة النوعية في التفكير الرياضي والشعري.

لقد كشف التاريخ الشخصي و البحث العلمي لفريد النوري عن السطو الذي طال الشرعية السياسية والتاريخية لعائلات الخونة. في بنائها لسرديات دنيئة التهمت تضحيات المقاومين، وباعت بلا ضمير ولا أخلاق دماء المقاومين. والفظيع في الأمر أنها لم تكتف ببيع الشعب والمتاجرة بأرواح المقاومين. بل عملت على تشكيل تاريخ مشوه ومزور يطمس ويئد الحقيقة التاريخية. فعائلة الصادقي واصلت سرقتها للتاريخ والمؤسسات العلمية والسياسية الحزبية. رغبة في إقبار السياسة والمعرفة والحقيقة، مستغلة كل الأدوات الفنية كالفلم الوثائقي والأيديولوجية والعلمية الأكاديمية. بحيث أفسدت كل شيء: السياسة، التاريخ، الثقافة، المؤسسات…

وفتحت الباب واسعا للفساد الأخلاقي والمعرفي والعلمي. فتحولت الجامعة الى وكر للصراعات التافهة. التي تتحكم فيها ثقافة الولاء وليس ثقافة الإنجاز. وأن أي فرد يبدي الجدية والشغف العلمي وروح المسؤولية يهمش. أو يوصم بأبشع النعوت القدحية : الفوضوية، الجنون، الغرابة…

لهذا لم يكن غريبا أن تضمر الرواية في الكثير من طياتها ومؤشراتها السردية والرمزية، تورط منظومة فاسدة بكاملها، من العميد عمر الصادقي الى كل الأطر والفضاءات العطنة بالفساد، في تصفية فريد النوري الذي مسته لوثة ” تنامي السعي المحموم لإثبات المكانة، في عالم يترسخ فيه الشعور بالضياع.”19

فتاريخ هذه العائلة في التزييف والتزوير والسطو على الذاكرة والمعرفة والسياسة، والمتاجرة بالدماء الشريفة للمقاومين في خيانتها العظمى للوطن، هوية وانتماء، يجعلها كاستعارة رمزية كبرى، مؤهلة  للخيانة والتواطؤ مرة أخرى مع الغرب الاستعماري( اسبانية تتهم فريد بالتحرش)، الراغب في فرض استمرار الجهل واحتكار المعرفة( الكتب والمخطوطات) وتقديم صورة محرفة ومشوهة للماضي والذاكرة والتاريخ…

لم يكن عبثا أن تستند الرواية في استراتيجية الكتابة على مفهوم المدة الطويلة للتاريخ. حيث تجعل العالم ابن الياسمين أكثر من شخصية فردية، مكتفية بذاتها وتاريخها الشخصي. والشيء نفسه لفريد النوري الذي يعكس المآسي العميقة التي تنخر ليس الجامعة فقط، بل يطال الخراب المجتمع ككل بتاريخه ومؤسساته. لهذا يمكن اعتبار العالم ابن الياسمين البؤرة الجاذبة الممتصة للكارثة، وتوزيعها على باقي فصول الرواية. وهذا ماجعلنا نقول بأن دمه المهدور موزع  سرديا، بتوسط من آليات الكتابة الفنية على كل الحالات والأحداث والمواقف والشخصيات. مما يجعلنا نعتقد أن نبضه الروحي حاضر بقوة في كل المتاهات التي عاشها وعايشها الاخرون.

وهذا البعد الرمزي والفني لحضور ابن الياسمين كمأساة ومعاناة وآلام شعوب تجرعت مرارة الخيبة، وانكسار وخراب الهزيمة، حاضرة بقوة في متاهات وعذبات حكايات الاخرين: الشاب المغربي الاخرس، بائعة الهوى، الفتاة اللبنانية الهاربة، فريد النوري، الضابط وزوجته…

كما لو أننا إزاء الوجوه المتعددة للكارثة والمأساة نفسها. إن شبها ما طالهم جميعا، وتلبس أرواحهم. وهذا يعني أن المعاناة والآلام والمآسي لا يمتلكها فرد بعينه، بل يتم عكسها وتسلمها من ابن الياسمين الى فريد النوري والآخرين.

وهذا ما جعل فريد تابو تحل لعنته ومأساته على كل من يحاول لمسه أو الاقتراب منه بشكل أو بآخر. هذا ما عاشه الضابط الذي حاول البحث في الظروف والملابسات التي أحاطت بوفاته. وقد اصطلت زوجة هذا الضابط بنار محنة زوجها التي أودت بحياته. قمعا للمعرفة ، للصوت، للذاكرة، للحقيقة…

هكذا يبدو الرجلان، كأدوات فنية تتجاوز حالات البطولة الفردية، لتظهر كأسئلة حارقة نازفة في تجاويف السرد، تستفزنا وتضعنا وجها لوجه أمام الذاكرة المبتورة والتاريخ المشوه، والمصالح الانتهازية الضيقة، والنخب الفاسدة، والمؤسسات الحزبية والجامعية الغارقة في المحسوبية والولاء، والتملك العائلي….

ثانيا: المخطوط والفلم بوصفهما ساحة صراع حضاري، تاريخي، سياسي…

المخطوطات، وبشكل خاص مخطوطات ابن الياسمين الواعدة بالإبداع، والتأسيس للجديد في علوم الحساب، من خلال الوعاء الشعري الفني، الحاضن لهذا الجديد الذي لم يسبق لأي عالم أن تناوله. هي ليست مخطوطات مادية فحسب، بل تمثل روحا تناثر دمها النازف على تخوم كل المتاهات، المؤلمة والمروعة أحيانا، التي مر بها الاخرون، تبعا لأقدار فُرضت عليهم بالقهر، والمكائد والعنف الرمزي والمادي.

لأن من يمتلك المخطوط يمتلك القوة والسيطرة، والمعرفة، والذاكرة، والحقيقة، والسردية التاريخية. فإذا كان البعض معنيا في الرواية بالمخطوط كذاكرة مفقودة، يعني أنهم يرغبون في المعرفة للشروع في نشأة مستأنفة. فإن خصوم الحقيقة بشكل خاص تحركهم رغبة حجب المعرفة وطمس الحقيقة. أو تحويلها الى سلعة للربح المادي. لذلك يتحول المخطوط الى ساحة للصراع بأهداف مختلفة بين التجار ورجال السلطة والقراصنة، و المتحاربين والأكاديميين. وغالبا تحكم هذا الصراع أهداف التحكم والسيطرة والهيمنة، وكتابة التاريخ الرسمي، من زاوية المسيطر المنتصر، بالخيانة والدهاء والمكائد وقوة العنف، مشوها الحقائق ومروجا المغالطات والأكاذيب التاريخية المجانبة لحقيقة الاحداث كما جرت بالفعل.

هذه هي الأبعاد العميقة للصراع الدائر في الرواية حول المخطوطات. إنها الأساس للتحكم في الماضي والمستقبل. وتكريس الرؤية السياسية والتاريخية، والثقافية التي تخدم وتوافق المسيطر. فيستطيع فرض رؤيته لما قيل ويقال، وما سيقال، في الثقافة والاعلام والمناهج والمقررات المدرسية…

 واليوم تبوأت المكانة المرموقة صناعة المعرفة، الى جانب التحكم في الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، والاتصال والتواصل. وهذا ما يجعلنا أمام متاهة رهيبة، يأخذ فيها المخطوط رمزية فنية عالية الدلالة للقمع والقهر الناعم. والأشد شراسة في تخريب مناعة وحصانة المجتمعات الهشة، التي تعدم مناعة وقوة كيانها الوطني.

هذا ما يجعل الصراع حادا بين قوى وأطراف تتناقض مصالحها المادية والرمزية الثقافية. بين من يسعى لكشف الحقيقة، واستعادة المعرفة والعلوم المسروقة. وتحصين وترميم الذاكرة المبتورة. في أفق تجديد النهوض الحضاري. وقوى داخلية وخارجية تخشى النشأة المستأنفة، وضياع سيطرتها وهيمنتها الراهنة. لذلك دفع فريد الثمن غاليا، لأنه حاول أن يعرف دهاليز وسراديب التحكم والمتاجرة في المخطوطات، المعرفة، الحقيقة، الذاكرة…

لهذا يمكن القول إن الصراعات في الجامعة المغربية، بعيدة عن الصراع العلمي المشروع. بل هي  قائمة على الولاءات الأيديولوجية وتصفية الحسابات المقنعة برداء العلم الزائف. وما يرافق هذه الحروب من حقد وضغائن، لا تستطيع أن تخفيها مظاهر اجتماعية وسياسية مزيفة. هذه الصراعات المغلوطة هي امتداد لتاريخ مشوه، اغتصبت فيه الذاكرة، وضاعت المعرفة العلمية الأصيلة، بالتهميش والاغتيال.

فقد تمت كذلك عملية السطو على تضحيات المقاومين، من قبل خونة اعتلوا منصة السياسة والمعرفة والمكانة الاجتماعية. لهذا تأتي متاهات فريد لتسقط الأقنعة، وتعيد النظر النقدي في الكثير من المتاهات الأخرى التي لم تنزل من السماء، بل هي صناعة بشرية في فرض الظلم والقهر والنبذ والدونية. والعبودية والتهجير والاحتلال، وتدمير القيمة الإنسانية.

فهذا الفساد الجامعي أكبر من ربطه بأزمة تعليمية. فجذورها أعمق من ذلك ، في ارتباطها برمزية الدلالة المكثفة لدماء الياسمين. وبالمخطوطات المسروقة والمكتبات المنهوبة والمخربة. والتزوير للذاكرة والتاريخ المشوه الذي سمح لهؤلاء الخونة، أعداء المقاومة والمعرفة والبحث العلمي، بالتواجد في مواقع القيادة الحزبية والسياسية والجامعية والنضالية…

وهذا ما يعقد وضع الخروج من متاهة التخلف العلمي المعرفي، في ظل سيادة لصوص التاريخ، وقراصنة الذاكرة. وتجار المخطوطات في السوق السوداء، وانتشار ثقافة الولاء، وتصفية ثقافة الإنجاز. وهذا ما يؤكده الفلم الوثائقي في الرواية حول تاريخ الجد الصادقي. حيث سعت إستراتيجية الإنتاج الى طمس الحقيقة، وبناء صورة وسردية مشوهة للتاريخ، تكرس السيطرة والهيمنة والتحكم في زمام مصير البلاد والعباد. والفلم جزء من الدلالات الكثيفة لمعاني المخطوطات. لأن من يتحكم في المعرفة يسيطر. ويرسم للمجتمع وجهة محددة في التفكير والتمثل والاعتقاد، والتحليل والنقد السطحي المؤسس على أسئلة مغلوطة وخلفيات مشوهة. هكذا نفهم التعفن والفساد العلمي والسياسي والحزبي، والقيمي الأخلاقي، الذي تمثله أسرة الصادقي في الجامعة والسياسة والمجتمع. إنها مجرد حالة وأداة فنية روائية لتعرية التخلف والقهر والفساد الأخلاقي والقيمي والسياسي السائد اليوم، بروح الهزيمة والإحباط الرابض على قلوب البسطاء، وأهل الوعي الحقيقي. كما لو أن الرواية في صنعتها الفنية تستثمر مثل هذه الأدوات الفنية لتخوض صراع وعي جريء ينسجم وتشاؤم العقل النقدي بالمعنى الذي يشير إليه غرامشي.

وبهذا المعنى تفكك الرواية التشويه والزيف السائد الذي تمارسه مثل هذه القوى السائدة في المجتمع، باسم الشرعية التاريخية والبحث العلمي الأكاديمي والتمثيل السياسي.

هكذا تتضافر أغلب متاهات الرواية في فصولها الشديدة الارتباط والتكامل، ومن ضمنها الفلم الوثائقي حول الجد الصادقي كآلية فنية لتشريح خرافة هذه الأسطورة المختلقة والمصنعة، ضد منطق التاريخ في حقيقته النضالية الموؤودة، كما خاضتها المقاومة بشجاعة.

فسرقة الماضي واحتلال الذاكرة، ونزع حق التمثيل السياسي للمقاومين، بدفن تاريخهم. وصناعة مجد فني وإعلامي للنخبة الخائنة، يمثل امتدادا لنفس النخبة التي اغتالت العلماء وضيعت المخطوطات، وزجت بالبلاد في وحل الهزيمة. ونشرت القهر والغبن في وسط الناس، وغصة العجز في قلوب المثقفين الحقيقيين. حيث لا مكان للوعي والفكر النقدي، إلا في المنفى، التهميش…

الأمر لا يتعلق في الرواية بتعرية هذه القوى الخائنة، المعيقة للنهوض وامتلاك السياسة والمعرفة والحقيقة والذاكرة، بل بفضح ممارستها التدميرية لوعي المواطنين، وتخريب مستقبل الوطن.

لذلك يمكن القول إننا أمام رواية تكشف وتفضح التشويه الممأسس، الذي يسكن كل ما هو رسمي، في الجامعة والوثائق وكتب التاريخ والذاكرة المزيفة والأفلام الوثائقية…

على هذا المنوال تقبر الذاكرة الحقيقية، وتشرعن السطو ة التاريخية. ويتم تأثيث الحقل العلمي الجامعي، والمشهد السياسي بنخبة من الخونة، تعرضوا لعملية تجميل وتلميع إعلامي تلفزيوني، ليشغلوا مناصب عالية ك (رموزية وطنية متجذرة في تاريخ النضال الوطني)

ثالثا: الفندق رمزا لوطن مغتصب ومسروق

من فصل لآخر، ومن متاهة لأخرى. تتكثف الدلالات وتصرخ بألم مروع رهيب روح فريد النوري، وهي تسري بصمت يشي بألم فظيع من حكاية لأخرى، ومن متاهة لأخرى. بينما يسيل دم الياسمين عند حافة روح كل متاهة تعبرها سيرورة القراءة. معتقدة “القراءة” أن كل متاهة هي أداة فنية روائية مركزية في البناء الروائي. كما أن التفاعل الجمالي للقراءة مع فنية الرواية يولد دلالات وينتج معاني، تخصبها متعة وجمالية صنعة الكتابة، التي تنسج خيوط عنكبوت المتاهات، برؤى فكرية غاية في الدقة، وثرية في موسوعتها الثقافية التي لا تنطق عن الهوى.

يتخلى الفندق عن حالته الطبيعية التقريرية، كمكان مؤقت للعابرين والغرباء، ليحمل إيحاءات مترعة بالانكسار والألم. حين يرمز الى وطن مسلوب، يستغله الغرباء الأجانب. وأبناء الوطن مجرد خدم أقرب الى العبيد. يمكن التخلي عنهم في أي لحظة. أو عند وشاية كاذبة ظالمة. كما حصل مع الشاب المغربي الأخرس. الذي حرم قهرا من صوته، بعد أن صار الوطن في ملك المستثمر الأجنبي. الذي ضيق الخناق على أبناء وطن لم يعد لهم. فلا مكان لهم ولا خيار لهم في بلد حكم عليهم بالصمت بعد أن سُرق عنوة حقهم في الكلام، غير الهروب وركوب مخاطر الهجرة. وتكتمل الاستعارة الفنية بالهروب نفسه الذي قامت به فتاة لبنانية هاربة من زواج مدبر من طراف نظام أبوي ذكوري لا يعترف بالوجود الإنساني الحر، والمستقل للنساء. تتمظهر أنواع مختلفة من القهر والقمع والمآسي، السياسية الاقتصادية، والاجتماعية الأسرية. وهي حالات تعبر رمزيا عن واقع لا يطاق، وأوطان محتلة مسلوبة وقامعة لأبناء البلد الى درجة الخرس. والطرد من الفندق دون امتلاك حق الكلام، يعني ببساطة انعدام إمكانية الدفاع عن نفسه، ولا الخضوع لمحاكمة عادلة. فهو الغريب الدخيل في وطنه المسلوب. والهارب من ظلم يتهدده بأقسى العقوبات. من طرائف أجانب استغلوه سابقا في حرب أهلية فاشية قذرة. لم يكن له فيها لا ناقة ولا جمل. فعاش البشاعة وحدق بأم عينه، وكامل جوارحه ووعيه النقدي في الفظيع الذي لا يصدق. تحت غطاء إيديولوجي تضليلي باسم المعرفة المزيفة والحقيقة الباطلة، على أن وجوده هناك مع فاشية فرانكو، هو بجانب المسلمين ضد الكفرة الملحدين. فانتهكت كرامته عشرات المرات إلى أن انتقم لنفسه في لحظة إنسانية غاية في الوعي والشعور الإنساني النبيل. في قتله لجندي فاشي كاد يعتدي على فتاة حامل.

هكذا تأخذ المتاهات أبعادا أخرى في أسئلتها الحارقة، بتورطها في إشكالات جد مؤلمة: الهروب، الطرد، التهجير…، فتسائل حرقة الهوية والانتماء والوطن، والاغتراب والضياع اللانهائي لمعنى الوجود الإنساني. هذا ما عاشته بعض الشخصيات. مثل المغربي الأخرس والفتاة اللبنانية وباقي أفراد أسرتها…

رابعا: بائعة الهوى مساحة آمنة للاعتراف والتحرر

والجميل أيضا في الرواية، كامن في عمق فهمها وتحليلها وتفكيكها للتناقضات، والأطر الاجتماعية والثقافية والقيمية التقليدية السائدة. فهي تبين هشاشة وفضيحة النظام المعياري و الأخلاقي. وبسخرية نقدية تضع التصورات والمعتقدات و الممارسات على محك الفكر النقدي. وتدعو القارئ بحياد فني وسردي إلى مراجعة قناعاته وأحكامه الأخلاقية.

ففريد النوري لم يذهب في اعترافه الى المكان المقدس، ولا إلى رجل الدين. بل وجد مساحة أمنة لهشاشته بين يدي بائعة الهوى. هكذا اختار أن يفجر المكبوت القابع في جوفه كمحرقة تعذبه باستمرار. فوجد في بائعة الهوى النبل الإنساني، باعتبارها الشكل الأقصى لانتهاك التابوهات والمحرمات الأخلاقية والاجتماعية. فهي مساحة أوسع للتحرر من عبء نفسي وأخلاقي. وفرصة للتخلص من كل العذابات التي رافقته في تاريخه الشخصي. خاصة عبء تحمل مسؤولية الحقيقة. وفي هذا الفصل يمنح لأسطورة شهريار وشهرزاد، بعد قلب الأدوار، معنى أعمق في بحثه النفسي عن التحرر وتطهير الذات، والتخلص من غليان البركان الذي يحمله طوال سنوات في دواخله. والجميل في معاني اللحظة أنه تمكن من الاعتراف لأنه أدرك أن المرأة هنا مساحة آمنة خالية من أحكام القيمة، ومأوى مضياف لضعف وهشاشة الإنسان. كما لو أنه يتعرى أمام مرآة، وهو يتحرر من كل القيود والقواعد النمطية القامعة. فهو لم يعد في حاجة الى الأقنعة بعد أن تحرر من سطوة الأنا الأعلى. همه الوحيد وهاجسه الأوحد هو أن يحصن حياته، بعيدا عن نزوة الحكايات التي تبقي المرأة حية. لذلك ليلة واحدة تكفيه للاعتراف، للتحرر، للتطهير. والتخلص من كم هائل من الألم والعذاب.

مرة أخرى تستثمر الرواية شخصية بائعة الهوى كآلية داخلية يعمق منطق اشتغالها الداخلي، كرمز فني مركب يسمح بالتحرر من التابوهات. خارج سلطة النظام الأخلاقي المشبع زورا بالأحكام الزاجرة والقامعة، والتقييمات السلطوية في فرض الوصاية الأخلاقية. لذلك يسهل انتهاك وهدم الأسوار النفسية، بما أنه خارج نمطية الصورة المرعبة للمجتمع. ووقوفه في المساحة الآمنة لما ليس مجتمعا، أو اللامجتمع.

وتفاعل القراءة يدفع بالأسئلة حول سر هذا الاعتراف المفعم بالصدق، و هو في غنى عن الفضيلة ومكارم الأخلاق. ففي مساحة المدنس واللاأخلاقي تواجه الذات نفسها، وتميط اللثام عن حقيقتها، دون تنميق، وبلا أقنعة. ويمارس عريه دون خوف من سلطة الأخلاق والمجتمع الرهيبة.

تفلح الرواية في استثمار هذه الآلية الفنية لاختراق البنيات النفسية العميقة، وهدم طبقات المحرمات والضوابط الاجتماعية القاهرة. الشيء الذي سمح بخلق مساحات وممرات لعبور التراكمات القابعة في جوف الإنسان. كذاكرة موشومة بالحديد والنار.

هكذا يتغير تصورنا اللاأخلاقي تجاه بائعة الهوى، التي يمكن أن تكون حاضنة روحية ونفسية، عوض أن تعتبر هامشا قذرا. وأن تصير معبرا للتحرر والخلاص، بدل لوثة محرمة. لذلك ليس غريبا أنها تقدم كل هذه الخدمات النفسية والأخلاقية والاجتماعية، والفنية أيضا كأداة روائية. إنها مساحة آمنة لهشاشة الإنسان، ومرآة لمصارحة النفس بحقيقتها، والعمل على ترميم الذات. دون أن يعني هذا إغفال متاهاتها هي الأخرى. فهناك جوانب أساسية في حياتها شوهها المجتمع، ومسخ قيمتها وحصانتها وكرامتها الإنسانية.

خامسا: الحالة الحرجة، أو الحقيقة تسحق حاملها

يعبر الفصل الذي يحمل عنوان الحالة الحرجة، عن صعوبة واستحالة الخروج من المتاهات المرعبة، التي حاول فريد النوري تعريتها على كل المستويات التاريخية والعلمية والاجتماعية والسياسية…

 وأن من يحاول جمع وتتبع وامتلاك الحقيقة التي التبس فيها موت فريد، أو اغتياله وتصفيته، يكون مصيره الموت أو مستشفى الأمراض العقلية. هكذا تتكرر الجريمة من العهد الموحدي الى اليوم.

إن إدراك الحقيقة أو البحث عنها ليس بالأمر الهين. فثمنها باهظ وعوض أن تحرر الفرد، فهي تسحقه. فطريق فريد ومتاهاته لوثة تصيب كل من يقترب منها، بلعنة الاقصاء والتهميش والتهجير والقتل. لأن ما كشف عنه فريد، وما حاول الوصول الى كنهه وخباياه، كان أثقل من أن يتحمله الفرد في واقع مزيف، قائم على التشويه والتزوير للذاكرة والتاريخ. وعلى التحكم الفاسد في الوعي، من خلال مؤسسات المعرفة والعلم/ الجامعات. وتمييع التميثل السياسي الحزبي بعائلات تاريخها يشهد على خيانتها لتضحيات المقاومين، مع الاصرار على دفنهم مرتين. من خلال صناعة هذه النخبة لأسطورتها الوطنية الكاذبة. هكذا كان مصير فريد مأساويا نابضا بالتراجيدية في قمتها وذروتها النفسية والروحية والوجودية. والمصير نفسه عرفه الضابط الذي أراد تتبع الحقيقة. وبل مست لوثة تابو فريد زوجة الضابط التي وجدت نفسها في مستشفى الأمراض العقلية. حيث ليس من السهل أن يتنازل صناع الأساطير الوطنية عن بضاعتهم الفاسدة. ولا مكان الوعي والعقل النقدي المستنير. من الموحدين الى اليوم تستمر الهزيمة، ويستمر الاقصاء والتصفية للعلم والعقل، في الوقت الذي يتم الاحتفاء بالخونة والجهل.

عبد المجيد سباطة في “متاهات الأستاذ ف.ن”، (المركز الثقافي العربي- الطبعة الأولى2025).

شارك هذا الموضوع

لحسن أوزين

كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!