تعديل الدستور: قراءة في المبادرات والانتظارات

تعديل الدستور: قراءة في المبادرات والانتظارات

فجري الهاشمي

            لستُ رجل قانون على الرغم من دراستي بكلية الحقوق، لكني أُدرك أن الدستور هو القانون الأسمى، فهو الذي يحدد اختصاصات المؤسسات ويكرِّس الحريات وغيرها.

تاريخيًا، كان الدستور محطَّ نزاعٍ تسبَّب في صراعٍ تاريخي. ويعود السبب في ذلك إلى أن الملك الراحل الحسن الثاني أقصى الجميع، ووضع دستورًا يلائم تصوُّره الخاص للملكية التي يريدها. ولذلك، احتُكِر هذا الموضوع.

بعد مجيء الملك محمد السادس، كانت هناك تطلُّعات هدفها أن يُغيِّر الملك الجديد الدستور ليُساير الطموحات الجديدة. لكن هذا الأمر لم يتحقق إلا بعد اندلاع أحداث الربيع العربي. حينها، اختار الملك صياغة لجنة مراجعة الدستور، التي استمعت للأحزاب وفعاليات المجتمع. ومع ذلك، ظلَّت المبادرة في يد الملك من خلال هذه اللجنة، التي كان يرأسها رجلٌ قانونيٌ له تاريخه، وهو ما قد يُعدُّ إشارةً ذات دلالة.

بعد هذه المقدمة، أود أن أُشير إلى أنه لطالما كانت هناك مطالبات بتعديل الدستور، وكانت تنتظر إشارات من الجهة التي تضعه. وأتذكر أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان الحزب الوحيد الذي طالب بتعديل الدستور في العهد الجديد.

لكن يبدو أنه مع قرار مجلس الأمن الأخير فيما يتعلق بالاعتراف بالحكم الذاتي، أصبحت ضرورة تعديل الدستور المغربي وجعله أكثر راهنية أمرًا مطروحًا.

وقبل ذلك، يجب أن أُسجِّل أمرًا هامًا، وهو الاختلاف الحاصل حول دستور 2011:

– تيارٌ يحاول أن يُؤوِّله تأويلًا ديمقراطيًا، ويُعطيه أبعاده التي تتسق مع التحول الديمقراطي.

– التيار المحافظ، الذي أصبح يُقدِّم قراءته للدستور، ويتزعمه السيد الرميد ونحن نُتابع كتاباته.

مرة أخرى، يتصدر الاتحاد الاشتراكي المشهد في هذا الموضوع، حين نظَّم ندوةً حزبية حول المحكمة الدستورية. ويبدو أن السيد إدريس لشكر أراد أن يستبق الأحداث من جديد.

قد تبدو قراءته جريئة، لكننا نستطيع القول إن مبادرة الاتحاد الاشتراكي كانت “محتشمة”، لأنها ببساطة تناولت إشكال المحكمة الدستورية، ولم تتناول الإشكال الأكبر وهو الدفاع عن التأويل الديمقراطي للدستور.

وهذا يعني بوضوح أنه تَلْزَمُنا الجرأة، ويجب أن نخرج من منطق الإشارات؛ فالديمقراطية ينبغي أن تُبنى على الوضوح.

شارك هذا الموضوع

فجري الهاشمي

ناشط سياسي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي !!